ايلاف تحدثت الى طبيب لبناني في المانيا
هناك محاولة لتسييس مرض انفلونزا المكسيك

اعتدال سلامه من برلين: اكدت تقارير طبية صادرة عن عدة مختبرات ألمانية للأمراض الوبائية ان المانيا، وعدا الاصابات القليلة التي ظهرت لانفلونزا المكسيك في ميونيخ ومدن اخرى غيرها، فانها خالية من هذا الوباء. رغم ذلك ما زالت وزارة الخارجية الالمانية تنصح المواطنين بعدم السفر الى المكسيك والبلدان التي ظهرت فيها حالات المرض، حرصًا على سلامتهم، والاسراع بالذهاب الى الطبيب عند الشعور بأي عوارض غير عادية، منها ارتفاع درجة حرارة الجسم والتقيؤ وغيره. ولإلقاء المزيد من الضوء على الوضع اجرت ايلاف حديثًا مع حسين خريس الطبيب اللبناني والمتخصص بالامراض الداخلية والامراض التي تلتقط عبر السفر في برلين هذا نصه.

*هل اتتك حالات اصابة بمرض انفلونزا المكسيك وعالجتها في العيادة ؟
-بالطبع احدثت القضية موجة قلق عند الكثيرين، لذا تحضرنا كأطباء لمواجهة اي تطور وجهزنا العيادات بما يلزم من العقاقير، واتت حالات لكن بعد الفحص المخبري والسريري اتّضح انها بدافع الخوف ولا علاقة لها بالوباء، وكنا نكشف الامر بعد طرح اسئلة قليلة على المريض.

*اذا ما تابعنا قصة الوباء نرى انه ظهر فجأة وبالتحديد في المكسيك، هل تعتقد ان الامر ليس مفاجئاوالمرض موجود في بلد من بلدان العالم، لكنه ظهر في المكسيك لعدم وجود عناية طبية هناك ما سبب انتشاره ؟
-من الصعب ان نبرهن ذلك علميا وكيف حدثت الاصابات، فالمكسيك من اكبر بلدان العالم ومن المعقول ان تكون الاصابات في الصين او البرازيل او حتى بلجيكا، لكنها بدأت في المكسيك. وكما هو معروف فان كل وباء او وباء شامل يبدأ من مكان معين وفي هذه الحال بدأ في المكسيك مع انه بلد متقدم وليس من العالم الثالث الذي يصاب بسرعة بالاوبئة.

*اعتقد انك سمعت الاخبار التي تقول ان الوباء لم يظهر في المكسيك بل ظهر قبل اكثر من عام في الولايات المتحدة، لكن تم التعتيم على الاخبار كي لا يزيد الوضع الاميركي الاقتصادي سوءا؟
-يظهر ان هناك محاولة لتسييس هذا الموضوع الطبي ايضا، وليس لدي معلومات واثباتات طبية كي احكم على حقيقة ما تردد، واحصل كطبيب كما زملائي الاخرين على معلومات من مراكز طبية عديدة ولم ترد في اي منها شكوك من هذا النوع.
لكن من وجهة نظري فان ما حدث في المكسيك هو محض صدفة، فعلى سبيل المثال تجتاح اوروبا موجة الانفلونزا، التي تسمى حسب المصطلح المستخدم في العالم العربيquot; بالكريبquot; الناتج عن فيروس الانفلونزا. ويصيب هذا المرض اوروبا كل سنة او كل خمس سنوات ويسبب حالات وفاة مع ان النظام الصحي في اوروبا متطور. فهذا الفيروس يتكاثر ويحدث حالة تستدعي البقاء في السرير. وانا متأكد من أن الاطباء والعلماء المتخصصيين بالطب العالمي لم يتمكنوا من معرفة سبب ظهور هذا الوباء في بلد دون الاخر. لكن ما اريد التأكيد عليه ان الوباء في المكسيك لا يعني بالضرورة ان المكسيك بلد لا يعطي عناية للوضع الصحي. هذا شيء يعود بالاصل الى كيفية تكوين الفيروس وكيف ينطلق ، ولا بد ان يخرج يوما ما ليحدث مشاكل.

*يقول اطباءإن هذا الفيروس مزيج من فيروس انفلونزا الطيور وفيروس لدى الانسان الذي انتقل الى الخنزير بعدها نقله الخنزير الى الانسان، ما مدى حقيقة هذا القول؟
-كل الانواع التي ذكرتها تابعة الى مجموعة واحدة، لكن فيروس انفلونزا المكسيك هو بحد ذاته فيروس خاص وموجود وليس جديدا. اي ان ما يعرف ب H1N1A ليس غريبا بل موجود ومعروف وليس كما يقال مزيجا من هذا الفيروس او ذاك، فهذا غير صحيح. فهو فيروس بحد ذاته، لكن طريقة انتشاره والعوارض المرضية التي يسببها او يحدثها والمخلفات هي متشابهة، والسبب انه فيروس ينتمي الى المجموعة نفسها انما تختلف طريقة انتشاره والاماكن التي يتكاثر فيها، هذا هو الفرق.
بالطبع حدثت حالات في اوروبا لكنها قليلة ونادرة ولها صلة بالمكسيك او جنوب اميركا، اي ان المصابين كانوا قد اقاموا هناك. فمزارع تربية الخنازير كثيرة في اوروبا ومعروفة في كل مكان، لكن لا علاقة لها بالوباء مع ان اصل الفيروس يتكاثر عند الخنزير وبعدها يتنقل الى الانسان لينقله الى الانسان. وفي وقتنا الحالي فان ما يسمى بالعولمة جعلت الانسان يتنقل بسرعة من بلد الى اخر، لذا فهو الخطر الاساسي وهو الذي ينقل المرض وليس الخنزير. حتى لو اكل المرء لحم خنزير مصاب فانه لا يتعرض لاصابة لان اللحم يطبخ، فعندما يتعرض الفيروس لحرارة الغليان يموت بسرعة، لكن يصاب بالمرض من يأكل لحم الخنزير من دون طبخ.

*من هم الاكثر عرضة للاصابة بمرض انفلونزا المكسيك؟
-كل شخص عنده مشكلة في جهاز المناعة او بسبب تقدم السن بعد سن الستين مثلا، او الاطفال، حيث يكون نظام المناعة عندهم غير مكتمل، ايضا الاشخاص المصابين بامراض مزمنة مثل السكر او القلب او الربو، هؤلاء معرضون للاصابة والخوف من ان اجسامهم لا يمكنها مقاومة الفيروس والتغلب عليه، فهذا قد يسبب موتهم . لكن ذلك ليس فقط مع انفلونزا المكسيك بل مع امراض كثيرة اخرى، خاصة مع مرض وبائي يسبب العدوى، فالانسان الذي يتمتع بصحة جيدة تكون فرص تحمله اكبر.
لكن هنا اود ان اضيف ان الاكثر تعرضا للاوبئة هم الاشخاص الذي يحتكون باشخاص مسافرين عبر القارات او الدول، كالعاملين في المطارات او الخطوط الجوية وينتقلون من بلد الى اخر.

*هل يمكن بدقة تحديد عوارض انفلونزا المكسيك منذ ان تبدأ؟
-من الصعب تحديد هذه العوارض، لان له عوارض كريب الانفلونزا نفسها، اي اصابة المريض بحرارة مرتفعة حتى ال40 وشعوره بالتعب الجسدي القوي وبالقشعريرة ما يجعله لا يستطيع مغادرة الفراش. ايضا الشعور بوجع في الحلق والاصابة بالزكام، ومن اجل حسم الوضع يتطلب الامر فحصا مخبريا للتاكد من وجود هذا الفيروس او عدم وجوده.
لكن بالنسبة إلى أوروبا ليس لدينا حاليا حالة انفلونزا عادية لان الطقس بدأ يميل الى الدفء ولم يعد باردا كثيرا، لذا فمن الارجح ان يكون المرء مصابا بفيروس انفلونزا المكسيك اذا ما ظهرت هذا العوارض السابقة الذكر عليه.

*هل هناك امل من صنع لقاح في اقرب وقت ضد فيروس انفلونزا المكسيك او بالاحرى انفلونزا الخنازير؟
-اكيد ، فهذا ليس صعب لكنه يتطلب وقتا، فكريب الانفلونزا العادية الذي نلقح به الناس بشكل منتظم يتطور سنويا، ففي كل سنة ينزل الى الاسواق ما هو جديد والسبب في ذلك وجود اكثر من نوع لهذا الفيروس، وكل سنة هناك انواع من الفيروسات تبني مقاومة ضد اللقاحات والادوية التي صنعت من اجل مقاومتها، لذا توسع مصانع الادوية كل عام صنع اللقاحات، لطرح الجديد في الاسواق. ولان فيروس انفلونزا المكسيك لم يكن معروفا في السابق فان صنع لقاح لمقاومته يتطلب وقتا، اذ على المصانع ان تتعرف إلى شخصية هذا الفيروس لمقاومته، وهذا يتطلب بعض الوقت، وليس وقتا طويلا.