ايلاف تحاور العالم الاميركي ويليام هاسلتاين:
صلة وصل مباشرة بين القطاع الصحي والاقتصادي

طلال سلامة من روما: نحن أمام ثورة جراحية اليوم! فالجراحة المخفضة السعر وولادة نماذج جديدة في قطاع الرعاية الصحية الهم الشاغل للعباقرة الجراحين حول العالم بهدف إنقاذ حياة الملايين من الفقراء. إذ لا بد، أولاً وأخيرًا، من إيجاد الحل المناسب للاعتناء بصحة هؤلاء الذين لا يستطيعون تغطية نفقات المعالجة أم المقيمين في بلد حيث لا يمكن للجميع الدخول الى غرف العناية الصحية. نذكر مثلاً أن مليوني طفل يلقون حتفهم من مرض الملاريا، كل سنة، حول العالم. أما في أفغانستان فإن مستشفياتها تعاني من نقص حاد في عدد الأسرة. كما ينبغي على المريض، بالعراق، دفع الممرض أم الممرضة لتلقي أدنى الخدمات الصحية. ويبدو أن صلة الوصل بين القطاعين الصحي والاقتصادي تبقى مباشرة. فمن دون التمكن من تلقي خدمات الرعاية الصحية نستطيع القول ان التقدم الاقتصادي مشلول، والعكس صحيح. في سياق متصل، حاورت ايلاف العالم الأميركي ويليام هاسلتاين الذي يرأس اليوم جمعية (Haseltine Foundation for Medical Sciences) وفي ما يلي نص المقابلة معه:

* هل من الممكن إيجاد الحل النهائي لمشكلة الصحة في الدول الفقيرة؟
- نعم، إذا ما توقفنا عن الحديث عن استثمارات جديدة في دول العالم الثالث. إذ يتمحور الهدف، في الدول النامية، حول التوصل الى نوع من الاستقلالية والتمويل الذاتي، في قطاعي التعليم والصحة.

* هل يعني ذلك أن المنظمات الدولية عليها أن تتوقف عن تكريس المساعدات الى هذه الدول؟
- على هذه المنظمات أن تواصل مساعداتها الى الدول الفقيرة جدًا، أي تلك الواقعة في أفريقيا الوسطى. أما باقي الدول، كما الهند، فهي تستطيع السير على أقدامها من دون عكازات. لقد تعلمنا، مع مر السنين، أن المساعدات الاقتصادية ليست الحل. وبديلها اليوم يدعى quot;التمويل الذاتيquot;.

* كيف يعمل هذا التمويل الذاتي؟
- علينا أن نفهم كيفية تشغيل نظام صحي منخفض التكلفة. أنا أمتلك جمعية بالهند تدرس وتختبر نماذج جديدة متعلقة بالخدمات الصحية قابلة للتصدير، في حال التأكد من نجاحها وفعاليتها، الى دول أخرى. لتطوير البنية الصحية فإننا نحتاج الى سلة من المتطلبات الرئيسة كما حكومة مستقرة ومنصة حكومية قوية والاستثمار في الحقل التعليمي. في الوقت الحاضر، نجد العديد من الخدمات الإبداعية المتأتية من الهند وليس من الدول الصناعية المتقدمة.

* هل بإمكانكم ذكر تقنية من هذه التقنيات الإبداعية؟
- بدأت العديد من أقسام الجراحة القلبية، في المستشفيات الهندية، اللجوء الى تطوير تقنيات جراحية يخضع لها نحو 70 في المئة من المرضى، هناك. أنا أتحدث عن جراحة القلب النابض، وتتمثل في جعل جزء القلب موضوع العملية مستقراً. ويتم ذلك بوساطة أجهزة صغيرة الحجم تقوم بامتصاص الدم من أجل شل الموقع الصغير حيث يقوم الجراح بغرز أوعية الدم. ان جراحة القلب المفتوح تخضع المرضى الى اختلاطات القلب والرئة، الصناعيين، التي يوضع المريض عليها مؤقتاً لإنجاز العملية الجراحية. لكن الأبحاث الحديثة تركزت على كيفية تقليل هذه الاختلاطات عبر استراتيجية جديدة تتعلق بزراعة الشرايين القلبية، على قلب نابض، دون إخضاع المريض للقلب والرئة الصناعيين، أم توقيف القلب(تُعرف بعملية القلب المفتوح). ان عمليات القلب النابض تسمح إجراء الاتصالات الشريانية في أي مكان في القلب، حيث يمكن إعادة تروية القلب الدموية بشكل آمن. في الدول الغربية، يتم تطبيق تقنية القلب النابض بصورة حذرة. إذ يختار الجراحون مساعدة المريض عن طريق تكنولوجيا معقدة تستبدل مؤقتاً نبضة القلب. بوساطة تكلفة أدنى، يقوم الجراحون الهنود بإنجاز نفس العمليات الجراحية. لا بل تشهد الهند اليوم ولادة صيدليات تقدم خدمات صحية نقالة مما يقطع تكلفة زيارة الطبيب 70 في المئة. في أي حال، أنا أعتقد ان آسيا ليست منطقة جذابة للاستثمارات فحسب إنما هي بالفعل مدرسة أي يمكننا إعادة تنظيم مفهوم الرعاية الصحية العالمية من جذوره كون تكاليفه باتت مرتفعة بصورة لا تُطاق، حتى بالدول الفقيرة!