محمد عطيف من الرياض: في الرابع من آب/أغسطس 2009 ذكرت بعض وسائل الأنباء المحلية أن وزير الصحة السعودي عبد الله الربيعة أضطر لتقديم اعتذاره إلى شقيق أحد ضحايا مرض إنفلونزا المكسيك بعد أن اقتحم الأخير مؤتمره الصحافي متداخلاً معه حول بعض ملابسات وفاة شقيقه، وأنها نتجت عن إهمال واضح في التشخيص. وعلى الرغم من الإحراج الذي حدث إلا أنه لا يشكل في الحقيقة سوى جزئية بسيطة من الحرج الكبير الذي يواجهه جهاز الصحة في السعودية بعد تصاعد كبير في أعداد المصابين بالمرض، وبدء ظهور حالات الوفاة والإصابات الحرجة في مختلف المناطق. ولم يتمالك الكثير من المعقبين على أخبار وتصريحات الوزارة من السخرية من تلك التأكيدات، وكذلك من قيام الوزير بتقديم العزاء في الوقت الذي ينتظر فيه تحقيق إيجابية أكبر على أرض الواقع .

توقف إجراءات الفحص في المنافذ
ووفقًا لمتابعين فإن حالة الغضب من الوزارة وجدت ما يعززها من خلال واقع المستشفيات وسوء التشخيص وقلة المراكز المختبرية القادرة على كشف المرض في بدايات آمنة. وتزامن ذلك مع تخوف وضح في ثنايا حديث الإعلام السعودي عن الأمر. كما أنه ووفقاً لآراء الكثير وخصوصًا العائدين من رحلات خارجية فإن الوزارة توقفت تمامًا عن تحييد المرض في المنافذ حيث لا يوجد أي تفعيل للكاميرات الحرارية ولا لغيرها من الإجراءات مما طرح المزيد من علامات الاستفهام والقلق.

وزير الصحة quot;الربيعةquot; كان قد أكد في أحدث تصريحاته أن حالات الإصابة تجاوزت 595 حالة ، وهناك سبع وفيات في مقابل نسبة شفاء ndash; يؤكد أنها - بلغت 90%، ، و أن وزارته تتقصى واقع المرض ، وتتحدث بشفافية أكبر إلى المواطنين وأنه بوضعه الحالي -على حد تعبيره- quot;لا يدعو للقلقquot; ، ومطمئنًا إلى أنه تم حجز 4 ملايين جرعة من العلاج المضاد للمرض يتوقع وصولها في شهر أكتوبر المقبل .

مواسم الحج والعمرة !

كانت منظمة الصحة العالمية قد أشادت بخطة وزارة الصحة السعودية لمواجهة الوباء واعتمادها لها ووصفها بأنها quot; خطة ذات جودة عالية وأن المملكة تتمتع بأفضل نظم الترصد الوبائي ، وقد تم توزيع خطتها الإستراتيجية على دول أخرى للاستفادة منها.quot; ويبدو أن وزارة الصحة بالتعاون مع جهات معنية أخرى كوزارة الحج قد بدأت تعد لمواجهة كبرى مع هذا الوباء، حيث أعلنت في وقت سابق عن خطط لمكافحته تتضمن تعاوناً مع منظمات دولية واستخدام تقنيات علاج متقدمة ومنها المبادرة بالعلاج دون quot; الحاجة لانتظار نتائج الفحص المخبري quot; و بالتزامن مع احتواء مخاوف انتشار المرض في موسم الحج . حيث سيتم عقد اجتماع مع بعثات الحج في جدة بهدف وضع برنامج توعوي للممارسين الصحيين quot;. فيما ستتولى وزارة الحج تعميم خطة الحج للدول عن طريق وزارة الخارجية. حيث أكد وزير الحج السعودي فؤاد الفارسي أنه يستبعد أن يتسبب المرض الوباء في خفض أعداد المعتمرين ، وأن ما حدث من قيام بعض الدول بمنع المعتمرين من مواطنيها هو quot;شأن سيادي لا تتدخل فيه المملكة quot; ، معربًا عن أمله وبمجرد موافقة المقام السامي على تطبيق قرار قصر العمرة والحج على اللذين أعمارهم بين 12 و65 وكذلك من لديه أمراض مزمنة من الحجاج وتأجيل مناسكهم لهذا العام .


من جهة أخرى طالب الدكتور محمد النجيمي عضو مجمع الفقه الإسلامي وزراء الصحة في الدول العربية والإسلامية بعقد اجتماع عاجل quot; للاطلاع على تطورات مرض أنفلونزا الخنازير خاصة بعد التطورات الأخيرة المرعبة حول ارتفاع انتشار المرض والعدوى quot; وطالب في حال إقرارهم بكونه وباء أن يتم اجتماع آخر لوزراء الشئون الإسلامية للاجتماع بدورهم وإصدار فتوى شرعية quot; على مستوي سياسي بمنع الحج أو منع قدوم بعض الحجاج من الدول الموبوءة لأنه لا يمكن أن تتحمل المملكة وحدها قرار المنع لأسباب سياسية ودينية ولأن القرار لابد أن يكون دوليًا إسلاميًاquot;. وانتقد النجيمي - ضمنيًا- الموعد الذي حددته quot;الصحة quot; لوصول اللقاح قائلاً :quot; إنه أمر غير مجدي لأنه خلال 3 أشهر سيكون اغلب حجاج الدول الأخرى قد وصولوا المملكة ، وأصبح الحج في منتصفه quot;.

ويرى المراقبون أن وزارة الصحة السعودية على وشك الدخول في منعطف صعب للغاية من خلال مواجهة هذا الوباء وحساسية الوضع الديني خصوصًا في موسم الحج في ظل الكثير من الانتقادات ومطالبة الوزير بعدم التعامل مع حالات الموت على أنها فقط النسب الأقل عالميًا، وتشديد الرقابة على مراكز الفحص، والتعامل بصرامة مع الأخطاء في التشخيص وحالات عدم الاهتمام، و توفير تقنيات الفحص المتقدم في كل المناطق.