أعلنت شركة اسبانية عن اختبار دم من شأنه أن يكشف عن سن الوفاة.

_______________________________________________________________
من المنتظر أن تتفجر خلال الفترة المقبلة حالة كبيرة من الجدل مع إعلان إحدى شركات البحوث البيولوجية الصغيرة في اسبانيا عن توصلها إلى اختبار دم جديد يعني بتحديد الأعمار الخاصة بالأشخاص من خلال تنبؤه بالسن الذين قد يفارقون فيه الحياة !

وأعلنت بعض الصحف أن هذا الاختبار ndash; الذي يقيس التيلوميرات ( تلك الأغطية الواقية التي توجد في نهايات الكروموسومات ) ndash; يمكنه التنبؤ بالتوقيت الذي يمكن أن يموت فيه الأشخاص. وأفادت صحيفة الغارديان البريطانية في هذا الصدد بأن ذلك الاختبار يرتكز على فكرة أن الشيخوخة البيولوجية تسحق التيلوميرات الخاصة بالإنسان.

ورغم أن الوقت يمضي بشكل موحد، إلا أن أجساد الأفراد تتقدم مع العمر بمعدلات مختلفة. ولفت الباحثون إلى أن الجينات والبيئة والعادات الشخصية تلعب جميعها دوراً في تلك العملية. ويمكن القول إن إلقاء نظرة خاطفة على التيلوميرات هي مؤشر على الطريقة التي يعمل من خلالها جسم الإنسان. حيث تحدد تلك التيلوميرات ما إن كنت أصغر أو أكبر من الناحية البيولوجية عن باقي الأشخاص الذين ولدوا في نفس المدة تقريباً.

وأوضحت ماريا بلاسكو، 45 عاماً، وهي خبيرة في البيولوجيا الجزيئية، ورئيسة مركز بحوث السرطان في اسبانيا وواحدة من أبرز باحثي التيلوميرات في العالم، أن المقياس الرئيسي هنا هو التيلوميرات القصيرة. وأضافت بلاسكو، وهي أيضاً إحدى مؤسسات شركة quot;طول الحياةquot; التي تقدم اختبار الدم الجديد، أن التيلوميرات القصيرة لا توفر فحسب دليل على الشيخوخة. وتابعت quot; التيلوميرات القصيرة مسببة للمرض، لأنها حين تكون دون طول معين، فإنها تقوم بإتلاف الخلايا. هذا ولا تتجدد الخلايا الجذعية الخاصة بأنسجتنا، ثم تصاب تلك الأنسجة بالشيخوخةquot;.

ومع أن البحث لا يزال في مراحه الأولى، إلا أن التوتر الشديد، على سبيل المثال، قد تم ربطه بقصر طول التيلوميرات. وقد بدأ يتصل كثير من الأشخاص حول العالم، ممن لديهم مشاعر قلق بشأن صحتهم، بتلك الشركة التي تشارك بلاسكو في تأسيسها، من أجل الاستفسار عن اختبار الدم الجديد، الذي تقدر تكلفته بـ 400 إسترليني.

ولفتت الغارديان من جهتها إلى أن هذا الاختبار طُوِّر في الأساس لمساعدة الباحثين والعاملين بالصناعات الدوائية ومستحضرات التجميل والأغذية الصحية على اختبار تأثير منتجاتهم على التيلوميرات، وقد انهالت الاستفسارات على الشركة من كل صوب وحدب بخصوص تلك المسألة. لكن الاختبار متاح حالياً، عن طريق أطباء في اسبانيا والبرتغال، وهناك خططاً لتسهيل إجراء هذا الاختبار في بريطانيا والولايات المتحدة في أسرع وقت ممكن. ومع هذا، أشارت عالمة الأحياء الأميركية، كارول غريدر، وهي أستاذة لبلاسكو، إلى أن اختبارات التيلومير الفردي لا تستخدم كثيراً، مضيفةً quot;لا توجد أدلة علمية تخبرنا بما هي تداعيات طول التيلوميرquot;.

لكن بلاسكو اعترضت على وجهة النظر هذه، وكذلك اليزابيث بلاكبيرن، العالمة التي سبق لها تقاسمت جائزة نوبل مع غريدر وجاك زوستاك، وأنشأت بالفعل شركة خاصة بها أطلقت عليها quot; Telome Healthquot; لبدء توفير الاختبارات في وقت لاحق من العام الجاري. وأكدت بلاسكو في الإطار عينه quot; الاختبار لا يعتبر مقياساً ساحراً أو خيالياً لطول حياة الأفراد. ولن نخبر أحد بطول المدة التي سيعيشهاquot;.

وأوضحت بلاسكو أيضاً أن الاختبارات الفردية لا تزال في مراحلها الأولى، ولفتت إلى أن الشيء الأكثر إثارة هو التطورات المستقبلية المحتمل التوصل إليها من أبحاث التيلوميرات التي نجريها حالياً. وأضافت quot; فكرة أن التيلوميرات يمكن أن يُعاد إطالتها ومن ثم إمكانية عكس العمر البيولوجي لا تفتح الباب أمام الخلود، حتى وإن كان العلماء قد تمكنوا من إطالة عمر أحد فئران التجارب بنسبة وصلت إلى 40%.

أما الأمر المؤكد الآن، وفقاً للغارديان، هو أن هذا الاختبار سيطرح معضلات فلسفية وأخلاقية. ويكفي أن وكالة الغذاء والدواء الأميركية رفضت على سبيل المثال الموافقة على عقاقير جرى تطويرها في الأساس لمنع الشيخوخة. وهنا، عاودت بلاسكو لتقول إن تنشيط التيلوميرات لمواجهة ذلك قد يساعد على منع الإصابة بأمراض خطرة، ومن ثم السماح بالمصادقة على عقاقير من جانب وكالة الغذاء والدواء.

ورغم اعتراف بلاكبيرن بسخافة الفكرة التي تتحدث عن أن بمقدور الاختبارات الجديدة تحديد طول حياة الأفراد، إلا أنها أكدت أن الأدلة التي تربط طول التيلوميرات وأخطار الإصابة بالأمراض باتت أكثر وضوحاً. وأضافت quot;نسعى مع غيرنا التوصل لعلاقات إحصائية واضحة بين قِصر التيلوميرات وخطر الإصابة بمجموعة أمراض أضحت شائعة للغاية، كالأمراض القلبية الوعائية والسكري وبعض أنواع السرطانquot;.