تشير الإحصائيات الصحية في العراق إلى ان مرض الربو يتفاقم في صيف العراق اللاهب مع تكرار ظاهرة تصاعد الغبار، وتعلق حبات التربة الناعمة في الجو.
ما يبعث على القلق بين العراقيين، لاسيما الذين يعانون أعراض ضيق التنفس، انها لم تعد تقتصر على أشهر محددة من السنة، بل أصبحت ظاهرة متناوبة الحدوث طوال فصول العام.
يقول طبيب الأمراض الصدرية والمجاري التنفسية حميد عبد القادر ان العراقيين عرضة لاستنشاق ذرات متناهية في الصغر تصل أحجامها إلى اقل من 2 بالعشرة من المايكروميتر.
ما يميز الغبار في العراق احتواؤه أيضًا على مكونات دقيقة من مركبات الفناديوم والزئبق والرصاص وعنصر السيليكا، حيث يتسبب ذلك في تقليل عمل الخلايا المناعية بالشعب الهوائية مؤديًا إلى أمراض مثل التدرن.
والرئة البشرية تتأثر كثيرًا بالغبار ومكوناته، حيث يؤثر تنفس الغبارفيامتصاص الأوكسجين عبر الحويصلات الرئوية والتي تنفصل عن بعضها البعض بغشاء رقيق لا يتجاوز سمكه (0.5 مايكروميتر). وفي ظل الكثافة الغبارية في جو العراق فإن قدرة الشعيرات في الانف تضعف كثيرًا أمام الذرات الترابية التي تتراوح أقطارها إلى حوالي 100 مايكرومتر.
وبحسب عبد القادر، فإن هذا ما يميز العراق عن باقي الدول، ذلك ان ذرات الغبار الآتية من الصحراء والتي تقل عن 5 مايكرومترات تمررها تلك الشعيرات الى الشعيرات القصبية، والتي من المفترض ان تقتنصها عبر الزغيبات المنتشرة في الجهاز التنفسي. ويضيف عبد القادر.. العواصف الترابية في غرب العراق على وجه التحديد تحتوي ذرات دقيقة بشكل لافت تصل الى النصف مايكرومتر، وهذه تصل بسرعة الى عمق الحويصلات الرئوية.
وبينما تؤثر العواصف الغبارية بشكل مباشرفي الجهاز التنفسي والعيون، فان العاصفة الرملية التي هي مجموعة حبيبات رملية معدنية المصدر في الغالب عالقة في الهواء بارتفاع قد يصل إلى مئات عدة من الأمتار، تفتك بالنظر وتسبب أمراضًا كبيرة للعيون.
وأدى نقص المياه في العراق الى تحول الغرين والطين الى دقائق صغيرة جدا من الغبار التي ترفعها الرياح بسهولة. وإذا كان البعض يشير الى الاضرار البيئية لذلك، فانه يجب الالتفات الى النتائج السلبية الصحية على الانسان.
وبحسب الخبير الصحي كريم الفراتي، فان الانسان هو غاية البيئة النظيفة، وكلما تلوثت البيئة تضرر الإنسان صحيًا. ويرى الفراتي ان عوادم السيارات السامة ترفع كثيرا من نسبة الإصابة بأمراض الحساسية والربو. ويشير الفراتي الى ان الشتاء في العراق، لاسيما الفترات الباردة، فان زيادة (نزلات البرد) والالتهابات الرئوية والتهاب القصبات، تسبب عبر تراكم الفايروسات على الغشاء المخاطي للرئة، مقاومة ضعيفة للجهاز التنفسي.
يرتدي مرضى الربو في العراق الواقيات التي يضعها البعض على فمه وانفه. وبحسب الفراتي فإن ما يتوافر من واقيات في السوق هي بضاعة غير نوعية، وغير مخصصة لمرضى الربو، بل هي واقيات اجتاحت الأسواق لاستخدامها للأغراض العامة. ويضيف ان استخدام قطع قماش مبللة حول الانف والفم اجدى نفعًا من تلك الكمامات.
ويلجأ عراقيون الى النظارات لتلافي تضرر العيون من ذرات الغبار. وينصح عبد القادر المرضى المصابين بالحساسية والعيون بتجنب البقاء في الأماكن المفتوحة خلال العواصف.ويشير الى ان عيادات الأطباء تزدحم بمرضى العيون عند اشتداد العواصف الترابية والرملية. ويتابع: ان مريضا كاد يفقد عينه اليسرى جراء تلوثها بالغبار والرمال.
ويلجأ بعض العراقيين الى الاطباء الشعبيين لإزالة حبات الرمل العالقة في العين. وفي بعض الاحيان يتسبب ذلك في مضاعفات خطرة تؤدي الى تلف النظر.
وتشير احصائيات الى ان نحو 300 مليون شخص مصابون بالربو حالياً في العالم، ويتوقع زيادة عددهم إلى 400 مليون عام 2025.وتشير المعايشة الميدانية للمستشفيات في العراق (لا تتوافر احصائية حقيقية في ذلك) الى ان سكان المناطق الصحراوية هم الأكثر تضررًا في الجهاز التنفسي والعيون من ذرات الرمل، لكنهم الأقل اهتمامًا بعلاج انفسهم بسبب ابتعادهم عن مراكز المدن. وفي بغداد ومراكز المدن فإن الحساسية في الأنف والجسم والعين هي أكثر الأمراض شيوعًا.
التعليقات