ما زالت اللقاءات التشاورية مستمرة في لبنان والحكومة قيد المجهول، ويصطدم الرئيس المكلف سعد الحريري للمرة الثانية باصرار التيار العوني على الوزارات عينها. الا ان الأغلبية في طرفي المعارضة والموالاة تتوقع ولادة الحكومة قريبا والاجواء السائدة quot;ايجابيةquot;، ويبدو ان الرئيس سعد الحريري عازم على القيام بخطوة متقدمة بعد عودة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان من اسبانيا التي توجه إليها امس.

بيروت: لم يأت طرح الرئيس المكلّف تشكيل الحكومة سعد الحريري بعد التكليف الثاني لفكرة المداورة في توزيع الوزارات من فراغ، اذ انه ايقن بعد اكثر من مئة يوم من التكليف الاول ان هناك شبه استحالة أمام محاولات إرضاء الجميع في عملية توزيع الوزارات، وقد ارادها منذ البداية حكومة وحدة وطنية تضم خليطا طائفيا، سياسيا وحزبيا شديد التعقيد. من هذا المنطلق اخذ مصطلح المداورة في الوزارات يشق طريقه ويطرح في مختلف الاجتماعات واللقاءات والاستشارات التي اجراها في تكليفه الثاني، ولمس به الحريري تجاوباً تخطى الحد الادنى من توقعاته وخاصة من جهة مطالب quot;التيار الوطني الحرquot; بقيادة الجنرال ميشال عون وبعض أفرقاء المعارضة ومنهم رئيس quot;تيار المردةquot; النائب سليمان فرنجية.


النائب هنري حلو خلال احتفال سابق لقوى الرابع عشر من آذار

ويقول لـquot;إيلافquot; عضو كتلة quot;اللقاء الديمقراطيquot; النائب هنري حلو ان ما يضعه الرئيس المكلف أولوية ويحاول ان يتوصل اليه مع بقية الاطراف هو تشكيلة حكومية طبيعية من غير اللجوء الى اساليب اخرى في المبدأ، غير ان خيار اللجوء الى المداورة محتمل جداً اذا ما تعذر التشكيل بالظروف الطبيعيةquot;. ويشدد حلو على ان quot;موقف اللقاء الديمقراطي واضح، وهو طالب بحقيبة الاشغال وحقيبتين اخريين، وستكون الحقائب الثلاث من حصة الوزراء الدروز في الحكومة، وطلب منّا الرئيس المكلف اسماء وسلمناه إياها، وننتظر نتائج الجهود الكثيفة التي تبذل من اجل الوصول الى تشكيلة خلال أسبوعquot;.

أما أمين سر quot;تكتل التغيير والاصلاحquot; الذي يترأسه الجنرال عون، النائب ابراهيم كنعان فيقول لـquot;إيلافquot; إن مبدأ المداورة يتوقف على الممارسة ليكون جديا. وإذا ما ارادوها مداورة فلتكن على الجميع من دون استثناء، ولا يجوز أن تقتصر على التيار الوطني الحر وحدهquot;. ويضيف: quot;طرحت مبادئ كثيرة حتى اليوم، ولكن يجب ان تطبق من خلال وضع تشكيلة حكومية لنرى إن كنا نستطيع إعتمادها أم لا، ونحن ايجابيون في التعامل مع الجميعquot;.


النائب ابراهيم كنعان

وبسؤاله عما اذا ما حلت عقدة quot;التيار العونيquot; المتعلقة بتوزير جبران باسيل والمطالبة بوزارة الاتصالات، يشدد كنعان على أنquot; الطريق من عندنا باتت سالكة ونتمنى تشكيل الحكومة غداً. فالعملية لم تعد عندنا بعدما اعطينا ما نملك وننتظر الرئيس المكلف ليكمل جولته ويأتينا بالجوابquot;.

وبرز في السياق طرحان في ما يخص المداورة في تولي الوزارات والحقائب، الاول تمسك به الرئيس المكلّف الحريري ورئيس quot;اللقاء الديمقراطيquot; النائب وليد جنبلاط وحظي بموافقة الثنائي الشيعي quot;حزب اللهquot; وحركة quot;املquot;، ويقر بوجوب اعتماد المداورة في خمس وزارات خدماتية بالدرجة الاولى هي، الاشغال، التربية، الزراعة، الصناعة، اضافة الى وزارة الاتصالات. وبالتالي فإن هذه الحقائب يمكن ان تدور بين المعارضة والاكثرية ما يشكل مدخلاً إلى الحل، مع وجوب ان تستثنى من عملية المداورة الوزارات السيادية، ولا سيما وزارتي المال والخارجية اللتين تفرض اليات الاعمال بهما عدم حصول اي تغيير او تبدل في اسلوبهما على مدار العمر الحكومي.

اما الطرح الثاني وهو الذي يدافع عنه الجنرال عون وتياره، فيرى وجوب ان تخضع في الحد الادنى سبع وزارات لمبدأ المداورة، بما فيها الخارجية والمال والاتصالات اضافة الى الوزارات الخدماتية، وذلك حفاظاً على خيار المساواة في التعامل مع مختلف الاطراف داخل التركيبة الحكومية. لكن هذا الطرح العوني لا يزال يصطدم بشكل غير مباشر بأحد حلفاء المعارضة وتحديداً الرئيس نبيه بري الذي عبّر اكثر من مرة عن عدم قبوله بالمداورة، اقله في ما يتعلق بحصتيه المضمونتين في حقيبتي الخارجية والصحة.