إختلاف في وصف سلاح quot;حزب اللهquot; بين القضاء والبيان الوزاري
إطلاق موقوف في قضية قتل ضابط طيار يثير بلبلة في لبنان

نجم الهاشم من بيروت: بعد أربعة أيام على جلسة المحاكمة الأولى أمام المحكمة العسكرية في لبنان في قضية قتل النقيب الطيار سامر حنا في ما عرف بقضية quot;مروحية سجدquot; ومثول الموقوف الوحيد فيها مصطفي حسين مقدم وتأجيل المحاكمة إلى جلسة تعقد في 19 أيلول /سبتمبر المقبل، فوجىء

خلال تشييع النقيب سامر حنا
الرأي العام اللبناني بقرار المحكمة العسكرية إطلاق سراح مقدم بكفالة قيمته عشرة ملايين ليرة لبنانية. وعلى رغم معارضة مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر بقي قرار المحكمة نافذا. القضية ليست عادية وتأخذ جزءا من الأهمية لتزامنها مع مناقشة استراتيجية الدفاع عن لبنان ودور quot;حزب اللهquot; وسلاحه، في وقت يبذل المساعي لتشكيل الحكومة الجديدة التي ستناقش هذا الموضوع في بيانها الوزاري لمعرفة ما سيكتب فيه حول المقاومة وسلاحquot; حزب اللهquot;.

والأسئلة تفرض نفسها في هذا السياق : لماذا أطلق سراح مصطفى حسن مقدم المتهم بالتسبب بقتل النقيب الطيار سامر حنا قبل عشرة أشهر في إطلاق النار على مروحيته العسكرية في تلال سجد في الجنوب؟ وهل يمكن أن يعود إلى المحكمة العسكرية في لبنان لمتابعة محاكمته؟ وأي تداعيات يمكن أن يخلقها هذا القرار بعد اعتراض النائب بطرس حرب عليه بصفته وكيل الدفاع عن عائلة الشهيد حنا؟ وما الفرق في الموقف الرسمي للدولة اللبنانية من سلاح حزب الله بين ما يكتب في البيان الوزاري وبين ما يرد في أحكام القضاء؟ هل هو هنا سلاح غير مرخص وهل هو هناك سلاح حق للمقاومة بغطاء حكومي وشرعي؟ وهل كان من المتفق عليه أن تصل القضية إلى هذه النهاية منذ تم تسليم المتهم الوحيد مصطفى مقدم إلى القضاء؟

في 28 آب/ أغسطس 2008 انشغل لبنان بقضية إسقاط المروحية التي قتل فيها الملازم أول الطيار سامر حنا الذي رقي بعد استشهاده إلى رتبة نقيب. كان يقوم بطلعات تدريبية في طوافة عسكرية ومعه ضابطان عندما اضطر للهبوط في تلال سجد في إقليم التفاح في جنوب لبنان شمال خط الليطاني وهي منطقة يعتبرها quot;حزب اللهquot; عسكرية عندما تصدى لهم عناصر من الحزب وأطلقوا النار على الطوافة وقتلوا النقيب حنا.

سارعت قوات من الجيش إلى المكان الذي وقعت فيه الجريمة من أجل إنقاذ الملازم أول حنا ولكن الأوان كان قد فات. هذا الحادث أربك قيادة الجيش وقيادة quot;حزب اللهquot; لأنه لم يبق سرا ولم يعد في الإمكان لفلفته وتم استغلاله سياسيا من أجل انتقاد سلاح quot;حزب اللهquot; ومن أجل تكبير قاعدة الحساسية بينه وبين الجيش اللبناني بسبب هذا الحادث.

إرباك قيادة الجيش نتج من أن الحادث اعتداء على طوافة تابعة له قتل فيه أحد ضباطه الطيارين ومن البديهي أن يكون الجيش اللبناني مسؤولا عن الأمن في كل لبنان وألا تكون هناك أي منطقة ممنوعة عليه لا في الجو ولا في الأرض، أما إرباك quot;حزب اللهquot; فنتج من عدم الرغبة في الأساس في حصول أي حادث مع الجيش اللبناني في هذه المرحلة الحساسة سياسيا وأمنيا ونتج أيضا عن عدم الرغبة في تسليم أي من عناصره والكشف على بعض أوضاعه العسكرية السرية المتعلقة بأمن المقاومة.

قيادتا الجيش والحزب سارعتا إلى تطويق ذيول الحادث لمنع التوسع في استغلاله وتم نتيجة ذلك تسليم أحد عناصر الحزب على أساس أنه المسؤول عن الحادث الذي حاول البعض أن يضع الجيش من خلاله موضه المشتبه به لأنه سمح للمروحيةبالطيران فوق منطقة تلال سجد وتساءل عن السبب وما إذا كان بأمر من القيادة أم أنه يدخل ضمن إطار التجسس على quot;حزب اللهquot;.

منذ ذلك التاريخ دخل الحادث طي الكتمان. وتم تشييع النقيب حنا ولم يعرف مصير عنصر quot;حزب الله، وبقي البعض يسأل عن مصير المحاكمة. وفي 12 حزيران / يونيو الحالي برز إلى العلن خبر محاكمة العنصر منquot; حزب اللهquot; مصطفى المقدم أمام المحكمة العسكرية برئاسة العميد الركن نزار خليل وبحضور المستشار المدني القاضي داني الزغبي وممثل النيابة العامة العسكرية القاضي أحمد عويدات. أماالتهمة التي أحيل بسببها المتهم إلى المحاكمة فهي التسبب بقتل الملازم أول حنا عن غير قصد وحيازة سلاح حربي من دون ترخيص وإحداث تخريب في المروحية العسكرية.
في محضر الجلسة التي نقلته وسائل الإعلام قال مصطفى أنه كان في غرفة في الموقع الذي حصل فيه الحادث واعتقد أن المروحية إسرائيلية فخرج وأطلق النار من رشاشه الحربي، ونفى أن تكون هناك تعليمات من القيادة حول تحليق الطوافة التي لم يلاحظ وجود إشارات عليها وأنه سمع إطلاق نار مصدره مركز القيادة ومواقع أخرى في المنطقة وكان معه ثلاثة عناصر في الغرفة التي خرج منها لكنهم لم يطلقوا النار لانه لم يكن معهم سلاح وأضاف أنه لا يعرف الإسم الكامل لرئيس مركز القيادة وكان بعيدا عنه نحو كيلومتر، ولم يميز من كان داخل المروحية وأطلق النار فوقها وليس على الزجاج، وهو أخذ بنفسه قرار إطلاق النار عندما أطلق quot;أبو جعفرquot; الرصاص بدوره وقد شاهد شخصا يصوب على المروحية.

سئل مصطفى عن هوية quot;أبو جعفرquot; وما إذا كان اسمه محمد علي خليفة، فقال أنه لا يعرف ذلك لأنه ممنوع عليهم التكلم بالأسماء، وبعد 15 دقيقة استغرقها سماع إفادة مصطفى رفع رئيس المحكمة الجلسة إلى 19 أيلول المقبل لسماع إفادة الشهود المقدم الطيار روجيه الحلو والملازم أول محمود عبود ومحمد علي خليفة.

المفاجأة كانت في قرار إخلاء سبيل مصطفى قبل الجلسة التالية للمحاكمة. ولكن ماذا يمكن أن يحصل في هذه الجلسة إذا انعقدت؟ هل تنتهي القضية بتجريم مصطفى أم بتبرئته؟ وما هو الحكم الذي قد يصدر في حقه؟ وهل يمكن استدعاء غيره إلى التحقيق أم أن القضية ستنتهي عند هذا الحد ولماذا تم تسليمه هو ولم يتم تسليم غيره؟ وهل لفلفلة القضية بهذا الشكل هو لمصلحة الدولة العليا؟

كثيرون اعتقدوا أن المحاكمة في هذه القضية لن تحصل، وكان لافتا أن يكون موعد الجلسة الأولى في 12 حزيران بعد خمسة أيام على يوم المعركة الإنتخابية في 7 حزيران وبعد نحو عشرة أيام على رد قاس وجهته والدة النقيب سامرحنا إلى العماد ميشال عون الذي سأل في أحد المهرجانات الإنتخابية في البترون منطقة بلدة النقيب حنا تنورين عما إذا كان حزب الله قتل أحدا من اللبنانيين. وكان لافتاً أيضا أن هذه الجلسة أتت بعدما كان سلاح quot;حزب اللهquot; مادة أساسية في الحملات الإنتخابية وهو لايزال موضع نقاش على طاولة مؤتمر الحوار الوطني وعلى مسودة البيان الوزاري لأي حكومة جديدة ستولد بعد هذه الإنتخابات.

إذا كان التحقيق القضائي يعتبر سلاح عنصرquot;حزب اللهquot; المتهم بالجريمة غير مرخص فماذا يمكن اعتبار سلاح هذا الحزب والمقاومة في البيان الوزاري؟ وهل يستطيع هذا البيان أن يبدل في توصيف هذا السلاح؟ وهل يحتاج سلاح المقاومة إلى ترخيص؟

كما كانت قضية قتل النقيب حنا مدخلا لسجال سياسي حول دور الجيش اللبناني ودور المقاومة فإن إطلاق سراح الموقوف الوحيد في هذه الجريمة قد يكون مدخلا أيضا إلى استئناف هذا السجال. ولكن قد تطغى عليه أجواء التوافق السياسي بعد الإنتخابات وقبل تشكيل الحكومة، وقد يدخل طي التجاهل كما حصل في جريمة الإعتداء على دورية من الجيش اللبناني في منطقة البقاع وفرار المتهمين إلى سوريا وعدم تسليمهم إلى القضاء العسكري اللبناني.