تقرير quot;در شبيغلquot; يلقي بظلاله على تحركات الجانبين
نصرالله في دمشق: مشقة التحالف
الحريري لم يعرض شيئاً على المعارضة بعد أوساط الحريري: لن أترأس حكومة من لون واحد |
نجم الهاشم من بيروت: كان المنتظر أن يكون خبر زيارة الرئيس المكلف تشكيل الحكومة في لبنان النائب سعد الحريري إلى دمشق ولقاؤه الرئيس السوري بشار الأسد هو الحدث، لكن المفاجأة كانت في زيارة الأمين العام لـ quot; حزب الله quot; السيد حسن نصرالله العاصمة السورية التي تحولت هي الحدث، واجتماعه مع الرئيس الأسد بعيدا عن الأضواء. لماذا يغامر السيد حسن نصرالله بالإنتقال من مقره المجهول تحت الأرض في الضاحية الجنوبية إلى سورية ويتحمل مشقة الخطر على طول الطريق وهو الذي لم يظهرمنذ حرب تموز / يوليو 2006 إلا مرة واحدة في ذكرى عاشوراء وللحظات قليلة ؟ وما هي الإعتبارات التي جعلته يسبق النائب سعد الحريري إلى سوريا ؟ وهل هناك سباق اليوم على كسب ود دمشق ؟
لا مقارنة بين علاقة الحريري وعلاقة نصرالله بسورية وبرئيسها وبنظامها. نصرالله كان في أساس يوم 8 آذار/ مارس 2005 وتظاهرة الشكر لسورية ورئيسها بشار الأسد بعدما اتخذ القرار في 5 آذار 2005 بسحب جيشه من لبنان ، أما الحريري الإبن فكان في أساس يوم 14 آذار والحشد الكبير المطالب بسحب الجيش السوري من لبنان ومنذ ذلك التاريخ يقف الرجلان على ضفتي الصراع الداخلي في لبنان.
بدأت أخبار زيارة الحريري إلى العاصمة السورية تتوالى منذ تكليفه تشكيل الحكومة ووصول موفدي العاهل السعودي عبدالله بن عبد العزيز نجل الأمير عبد العزيز ووزير الإعلام والثقافة الدكتور عبد العزيز خوجه إلى دمشق، في مهمة قيل إنها لتسهيل تشكيل الحكومة اللبنانية وتخفيف شروط quot;حزب اللهquot; والمعارضة وتحسين العلاقات اللبنانية السورية بصرف النظر عن الموقف الشخصي للحريري من قضية اغتيال والده الرئيس رفيق الحريري واتهام النظام السوري بالمسؤولية عن الجريمة. وقد انطلقت هذه المبادرة على خلفية الإنتصار الذي حققته قوى 14 آذار في الإنتخابات وعلى خلفية المصالحة السعودية- السورية في قمة الكويت وعلى أساس أنه إذا كان الملك عبدالله تجاوز خلافه مع الرئيس السوري فلا غرابة إذا حذا الرئيس المكلف سعد الحريري حذوه. ولكن هذه المحاولة لم تصل إلى نهاية سعيدة وتأجلت إلى موعد لاحق يمكن أن يكون بعد تشكيل الحكومة.
على الضفة الأخرى كان quot;حزب اللهquot; يراجع نتائج الإنتخابات النيابية ودور سورية فيها وكانت تتسرب معلومات حول عتب متبادل بين الطرفين في شأن تحمل مسؤولية الفشل في الإنتخابات النيابية. الحزب اعتبر أن سورية لم تتدخل كما يجب وتركت الأمور تسير على طبيعتها، وسورية اعتبرت أن المعارضة بقيادة quot;حزب اللهquot; نامت على حرير النصر وطلبت منها عدم التدخل، ولكن النتائج جاءت مخيبة للآمال فاستفاق الجميع على نصر الحريري وحلفائه، وبعدما كان حلفاء دمشق يضعون الخطط للحكم باتوا يحاولون تنظيم صفوفهم للبقاء في المعارضة خصوصا أن الجنرال ميشال عون حليف الحزب أصيب بما يشبه الهزيمة الإنتخابية على الصعيد المسيحي وإن كان احتفظ ب26 مقعدا نيابيا.
على أساس امتصاص الخسارة حاول السيد حسن نصرالله أن يكون قائد المبادرة. وبينما كان بعضهم ينتظر أن تفتح دمشق أبواب القصر الرئاسي لاستقبال أقطاب المعارضة اللبنانية كما كان يحصل من قبل، كانت المفاجأة أن السيد حسن نصرالله فتح أبوابه السرية لاستقبال حلفائه بعدما كان فتحها لاستقبال خصومه. بداية استقبل النائب وليد جنبلاط بعد طول مواجهة وانقطاع للتأسيس لهدنة طويلة داخلية وإنهاء ذيول أحداث 7 أيار/ مايو 2008 واحتواء نتائج تقريري مجلة دير شبيغل الألمانية الذي حمل حزب الله مسؤولية اغتيال الرئيس رفيق الحريري بعدما اعتبره جنبلاط سببا للفتنة، ولاقاه السيد حسن نصرالله فاتحا له الطريق للدخول إلى الضاحية الجنوبية.
اللقاء الثاني كان بين السيد حسن نصرالله والرئيس المكلف سعد الحريري وذلك للهدف نفسه واحتواء تشنجات الإنتخابات ولكن أي اتفاق لم يحصل حول تشكيل الحكومة. بعد ذلك ظهر السيد حسن نصرالله في صور كثيرة ومن صالونات مختلفة وهو يستقبل قيادات المعارضة من الجنرال عون إلى النائب سليمان فرنجية والنائبين السابقين عبد الرحيم مراد وأسامة سعد المهزومين في الإنتخابات وقيادة الحزب السوري القومي الإجتماعي وقيادة جبهة العمل الإسلامي...
بعد هذه الإستقبالات بدأت التسريبات حول زيارة نصرالله إلى دمشق ولقائه الرئيس السوري بشار الأسد. منذ اغتيال عماد مغنية في دمشق في 12 شباط/ فبراير 2008 بقيت التساؤلات حول هذه العملية من دون أجوبة. quot;حزب اللهquot; وسورية حملا المسؤولية للموساد الإسرائيلي وإسرائيل لم تنف هذا الأمر ولا تزال تتحسب لرد الحزب، وفي الوقت نفسه لم يقدم الحزب وسورية أي رواية لعملية الإغتيال ولطريقة حصولها.
وقبل أشهر برز تقرير quot;در شبيغلquot; حول اغتيال الرئيس رفيق الحريري وهو يبعد سورية عن دائرة الإتهام ويضع quot;حزب اللهquot; فيها، وقد سارع السيد حسن نصرالله إلى الرد عليه واعتباره أنه اتهام إسرائيلي، ولكن أي نفي للمعلومات التي تضمنها التقريرلم يصدر عن مدعي عام المحكمة الدولية القاضي دانيال بلمار.
بعد الإنتخابات النيابية تجددت المبادرة السعودية تجاه سورية، ويقال إن المملكة مصرة على إتمام هذه المبادرة وعلى جذب دمشق إلى صفها وفك التحالف السوري- الإيراني مستفيدة من الأحداث الداخلية في إيران ومن احتمال توجيه ضربة إسرائيلية إلى البرنامج النووي الإيراني ومن تجديد عروض المفاوضات والسلام مع إسرائيل.
ضمن كل هذه التطورات أتت زيارة السيد حسن نصرالله إلى دمشق، وبحسب بعض المعلومات الصحافية ناقش نصرالله والأسد تطورات المرحلة والمبادرة السعودية وموقف سوريا منها ونتائج الإنتخابات النيابية وعلاقة سوريا مع حلفائها في لبنان وتقرير مجلة quot;در شبيغلquot; واحتمال صدور اتهام رسمي عن المدعي العام بلمار يحمل quot;حزب اللهquot; مسؤولية اغتيال الرئيس رفيق الحريري. وقد واظب الوزير السابق وئام وهاب القريب من quot;حزب اللهquot; منذ أيام على التحذير من هذا الأمر، وقال إنه كمين دولي ينصب للبنان مهاجما القاضي بلمار الذي كان نال حصة كبيرة من المديح بعد تسلمه مهمته كرئيس للجنة التحقيق الدولية وبعد قراره إطلاق الضباط الأربعة الذين كانوا محتجزين في قضية اغتيال الرئيس الحريري على أساس الإشتباه بعلاقتهم في الجريمة.
هل هناك أسئلة متبادلة وشكوك بين سورية وquot;حزب اللهquot; حول المرحلة المقبلة ؟ أم هي مجرد عملية تبادل للمعلومات والآراء ؟ وهل هذه العملية تستوجب انتقال السيد حسن نصرالله إلى دمشق وتحمل خطر التعرض لعملية اغتيال إسرائيلية ؟ وهل يشعر الحزب أن سورية مستفيدة من إسقاط تهمة اغتيال الحريري عنها وأراد أن يعرف موقفها من نقل التهمة إليه ؟ وهل يشارك في الحكومة المقبلة في لبنان بثلث معطل أو من دونه ؟ وهل يعتبر أنه ضمن أي مصالحة سورية -سعودية ؟ وهل بات الحزب يتصرف على أساس أن له سياسة مستقلة عن سورية في لبنان ؟ ومتى يكشف عن أبعاد هذه الزيارة ؟
التعليقات