ترايسي أبي أنطون من بيروت: مليونا سائح، هو الرقم الذي وضعته وزارة السياحة اللبنانية نصب عينيها كهدف منشود لعدد السياح المنتظر مجيئهم إلى لبنان هذا العام في ما سيشكل العدد الاكبر لهؤلاء منذ عام 1974 قبل اندلاع الحرب الاهلية حيث وصل عدد السياح إلى مليون وأربعمئة ألف. طرق لبنان اليوم تعج بالسياح الذين تتوزع جنسياتهم بين العرب والاوروبيين والاميركيين واليابانيين، وكيفما إلتفت المرء في شوارع المدن وبلدات الاصطياف والمواقع الاثرية لا بد ان يستوقفه منظر سيل الاجانب المتدفقين إلى الربوع اللبنانية الغنية عن التعريف.

غير ان للنجاح هذا العام تحدياته ومسؤولياته. فوزير السياحة في حكومة تصريف الاعمال ايلي ماروني تحدث لايلاف قبيل مغادرته إلى المملكة العربية السعودية حيث يسعى quot;للترويج للسياحة في لبنانquot;، معربا عن ثقته بقدرة القطاع السياحي اللبناني على إنجاح الموسم وذلك بفضل موهبة اللبناني quot;الفطريةquot; على تجاوز الصعاب مهما كبرت، مشيرًا إلى دور وزارته في تفعيل المجال السياحي. غير ان ماروني لم ينس التطرق إلى العراقيل التي تواجه نجاح الموسم الاصطيافي، على الرغم من انه قلل من أهميتها مطالبًا بالخروج من quot;قمقم الروتين الاداري والتشريعات البالية والنظرة البائدة الى دور السياحةquot;.

وأضاف ان وزارة السياحة اطلقت هذا العام quot; ورشة سياحية قادرة على تحويل لبنان الى ساحة مهرجانات وفرح دائم، ساحة تحاكي التاريخ والايمانquot;. وعن زيارته إلى المملكة السعودية لا يخجل ماروني من التأكيد quot;بأننا طرقنا كل الابواب من اجل المساهمة في انماء السياحةquot;، quot;ووقعنا الاتفاقات وسهلنا الحصول على التراخيصquot;، وعقدنا ورشات عمل سياحية مع الاختصاصيين لنصل الى سياحة قوية قادرة على الجذب والانتاجquot;. وبالنسبة إلى الوزير quot;كان لا بد من رؤية متجددةquot; لأن السياحة باتت quot;صناعة مدروسة متقنة تحاكي العصرquot;.

ولم ينس ماروني التطرق إلى quot;الوجه القبيحquot; لمن يدعون خدمة السياح، فأكد ان الوزارة أمنت رقم شكاوى مرتبط مباشرة بالوزارة (1375) حاثا السياح على رفع الشكاوى ضد quot;ضعاف النفوسquot; من أصحاب المطاعم والفنادق الذين quot;يستغلونهم ويرفعون عليهم الأسعارquot;، رغم وجود أسعار متفق عليها مسبقًا ومسجلة لدى وزارة السياحة، حيث ستصل العقوبة إلى حد إغلاق المطعم أو الفندق المخالف.

ولدى سؤاله عن تسهيل دخول السياح إلى لبنان، اشار ماروني إلى ان جهاز الامن العام قرر إعفاء مواطني دول مجلس التعاون الخليجي العربية من التأشيرة منذ العام الفين واربعة ومنح التأشيرات في المطار لرعايا العديد من الدول الأخرى، ما سهل عملية العدد الاكبر من السياح. quot;غير ان هذا الامر لا يكفيquot; حيث اكد ماروني سعيه لإنشاء مرفأ سياحي متخصص يلبي طلب السياحة البحرية، وتخفيض رسوم مطار بيروت التي لا تزال مرتفعة بعض الشيء.

وأشار ماروني إلى أن لبنان يتمتع باستقرار أمني وسياسي مقبول وفي quot;جميع دول العالم هناك تغيير في الحكومات وتشكيلات جديدة وهذا حال لبنان الان.

ويبتسم ماروني عند سؤاله عن مدى تأثير انفلونزا المكسيك على السياحة وتخوف الناس من السفر، ليجزم ان هذا الفيروس quot;عادي جدًاquot; ويعالج بأدوية تقليدية، مشيرًا إلى أن الضجة الإعلامية التي صاحبت المرض ناتجة من سرعة انتشاره وانتقاله بين البشر، وربما quot;تكون مقصودة لإضعاف السياحة في بعض الدولquot;. وعلى الرغم من ذلك، فإن المتخصصين وضعوا كاميرات في مطار بيروت لرصد الحرارة ومعرفة المصابين وغير المصابين، كما أن إصابات المرض في لبنان لا تتجاوز الخمسين حالة حتى الآن، نافيًا حصول أي تراجع في عدد السياح المتجهين إلى لبنان بسبب هذا المرض.

وبعيدًا من غرور النجاح، يعترف ماروني ان الطريق لا يزال طويلاً امام لبنان للتمتع بمقومات سياحية quot;صالحة مئة في المئة. فنحن لا نستطيع ان نصم آذاننا عن الاصوات التي تتعالى بين الحين والآخر للشكوى من ارتفاع الأسعار وانقطاع الكهرباء وغلاء البنزين والحفريات وزحمة السير وعدم وجود مراحيض عامة ولا لوحات إرشادية كافية على الطرق أو عدادات لسيارات الأجرةquot;. غير ان هذه السلبيات لا تمنع ماروني من التفاؤل بأن الحكومة المقبلة، ستعمل quot;بعيداquot; من التعطيل على حل الجزء الاكبر من هذه المشاكل بسهولة وربما يحل بعض منها قبل quot;انتهاء الموسم الحاليquot;.

ويبقى أن الرهان على انتعاش حركة الزوار وتزايد الاستثمارات لطالما كان وسيبقى على ما يبدو إلى حد كبير رهينة جملة أمور وتحسينات، منها ما هو بيد أصحاب القرار في لبنان، وما هو خارج عن إرادتهم، وأبرزها التهديد الإسرائيلي وعدم الاستقرار الامني.