راشيا: ترتبط قلعة أثرية على احدى تلال بلدة راشيا الوادي مطلة على سهل البقاع الفسيح وعلى قمم جبل الشيخ المجيد بفجر استقلال لبنان الذي انبثق من اقبيتها ودهاليزها. وتتميز راشيا التي تبعد عن بيروت حوالي 100 كيلومتر بقلعتها التاريخية التي عرفت باسم (قلعة الاستقلال) او (حصن 22 تشرين الثاني) وهو اليوم الذي نال فيه لبنان استقلاله.

وشهدت قلعة راشيا احداثا مهمة ابرزها معركتين شهيرتين شاءت الصدف ان تقعا في شهر اكتوبر ولكن بأعوام مختلفة ففي 22 اكتوبر 1925 اقتحم المقاتلون في الثورة السورية الكبرى بقيادة سلطان باشا الاطرش اسوار القلعة لتحريرها من الحامية الفرنسية وقد سقط العديد من الشهداء من ابناء راشيا والجوار في تلك المعركة فيما كان يوم 22 اكتوبر 1943 موعدا للبنانيين مع الاستقلال عن الانتداب الفرنسي.

وقال المؤرخ اللبناني منيب دلال في تصريح لوكالة الانباء الكويتية (كونا) انه في يوم الاستقلال شهدت قلعة راشيا خروج كل من الرئيس اللبناني بشارة الخوري ورئيس الوزراء رياض الصلح ووزير الخارجية والاشغال العامة سليم تقلا ونائب لبنان الشمالي عبدالحميد كرامي ووزير التموين والتجارة والصناعة عادل عسيران ووزير الداخلية كميل شمعون وذلك بعد اعتقالهم من قبل السلطات الفرنسية لمدة 11 يوما في غرف منفردة لا تزال قائمة حتى اليوم.

واضاف ان بناء القلعة يعود الى القرن ال11 حين اهتم الصليبيون ببناء برج لحماية قوافل التجار القادمين من فلسطين نحو بلاد الشام ونقطة مراقبة وحماية لمواكب الحجاج والمسافرين عبر وادي التيم من دمشق الى القدس في فلسطين. ولا بد للزائر الى القلعة التي تبلغ مساحتها ثمانية الاف مترا مربعا ان يجول حول البرج الصليبي الذي يعلو نحو 1400 متر عن سطح البحر.

وقال دلال ان قلعة راشيا فيها اثار رومانية منها دهاليز بمسافة 1500 متر تصل الى بلدات وقرى مجاورة وكانت تستعمل لحركة المقاتلين وتأمين التموين في حالات الحصار. واضاف دلال ان ابنية واثار صليبية وابار منحوتة بالصخر قد ردمت اليوم باستثناء بئر واحد مازال صالحا للاستعمال والاقبية السفلى للقلعة فيها قاعة اثرية ومخزن من الجهة الشمالية الشرقية والبرج من الجهة الجنوبية الغربية وهو يعتبر اعلى قمة في القلعة.

وتتضمن القلعة ابنية واثار شهابية تعود الى العام 1370 ميلادي حين تولى الامير ابوبكر شهاب ولاية حاصبيا وكان يأتي برفقة زوجته وابنته الى راشيا للصيد والقنص فبنى له منزلا داخل القلعة كما بنى الشهابيون مدخل القلعة والسور والقناطر من الجهة الجنوبية الغربية. وقال دلال ان الفرنسيين بنوا السور الشرقي للقلعة بعد دخولهم الى القلعة مستخدمين حجارة المنازل المحيطة بها بعد تهديمها وما تزال اسماء اصحاب المنازل موجودة على مدخل القسم الشمالي من القلعة وكذلك معالم لكنيسة ضمن حرم القلعة.

وتنتصب قلعة راشيا في موقع استراتيجي تحيط به المنحدرات من ثلاث جهات وتواجه الجهة الرابعة قمة حرمون في جبل الشيخ اما مدخل القلعة فهو من جهة الجنوب وتتميز بجدرانها السميكة وباقبية العقد التي ان دخلها الزائر في فصل الصيف الحار شعر بالبرودة لان اشعة الشمس لا يمكن ان تخترقها.

وبعد جلاء القوات الفرنسية عام 1946 تمركزت في القلعة قوات من الدرك اللبناني وبعض الادارات الرسمية ثم تسلمها الجيش اللبناني في الاول من اغسطس عام 1964 ولا تزال في عهدته. وادرجت قلعة راشيا اخيرا على لائحة الاماكن السياحية في لبنان وانارتها وزارة السياحة ويقصدها الاف السياح العرب والاجانب والمغتربين اللبنانيين وتقام في باحتها المهرجانات الفنية والثقافية.