بيروت، وكالات: تشير مصادر قريبة من قصر رئاسة الجمهورية اللبنانية إلى أن ما فعله رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري بالأمس هو تقديمه للرئيس سليمان مسوّدة تشكيلة حكومية، وأن رئيس الجمهورية، وفور تسلمه المسوّدة والاطلاع عليها سريعاً، بدأ بإجراء إتصالات مع المعارضة للوقوف على رأيها في الموضوع، من زاوية حرصه على الإضطلاع بدوره كاملاً في هذا الاطار، والقيام بما يمليه عليه الدستور من شراكة في تاليف الحكومة مع رئيس الحكومة المكلف.

وتتابع المصادر نفسها ان رئيس الجمهورية الراغب في الإسراع بتشكيل الحكومة، انما ضمن شروط مراعاتها الوحدة الوطنية، يعلم تماماً ان المعارضة تتحفظ على الخطوة الحريرية، الا انه يرى وجوب النظر الى الامور من باب نصف الكوب الملآن، والانصراف الى محاولة معالجة تحفظات المعارضة للوصول الى حل يرضي الجميع. ووفق هذا التصور، فإن الرئيس سليمان لن يحاول فرض امر واقع على المعارضة، ولكنه في المقابل بدأ يتعرض لضغوط حيث يعتبر فريق الموالاة ان عدم موافقة سليمان على المسودة المقدمة اليه، يعني حتماً انه يعمل على تأخير تشكيل الحكومة.

جنبلاط: مع الوفاق الوطني

بدوره تبنى رئيس quot;اللقاء الديمقراطيquot; النائب وليد جنبلاط في اتصال أجرته معه صحيفة quot;الشرق الأوسطquot; نظرية quot;س. س.quot; التي أطلقها رئيس مجلس النواب نبيه بري كمدخل للإنفراج في الملف اللبناني، في اشارة الى ضرورة تحسين العلاقات السورية السعودية. وصرّح quot;نحن ندعم اي جهد ضمن اطار حكومة الوحدة الوطنية والشراكة الوطنية، وما اتفق عليه من مبدأ 15-10-5quot;. وأشار جنبلاط، ردا عن سؤال، إلى أن quot;الحريري لم يضعه خلال اجتماعه معه ليل أول من أمس في تفاصيل التشكيلةquot;، مصرحا quot;لقد أبلغني (الحريري) أنه سيقوم بمحاولة جديدة مع الرئيس ميشال سليمان للخروج بحل. وقد أكدت له أهمية أن نبقى في إطار مبدأ الشراكة الوطنية وأن لا نخرج عنه لحفظ لبنان، ثم أضفت وأكدت ـ من عندي ـ مبدأ quot;س ـ سquot;، كما يقول صاحبي وصديقي رئيس مجلس النواب نبيه بريquot;.

كما علمت صحيفة quot;السفيرquot; أن quot;جنبلاط سرب الى قيادة المعارضة مجتمعة موقفا مفاده أنه مستعد للتنازل عن وزارة الاتصالات لمصلحة quot;التيار الوطني الحرquot; وتحديدا للوزير جبران باسيل، لكنه تمنى عدم تظهير موقفه لئلا يثير حفيظة رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، على أن تبقى وزارة الأشغال من حصة الوزير غازي العريضي بدلا من الاتصالاتquot;.

وقد نفى جنبلاط ان يكون نصح الحريري بعدم التورط في التقدم من سليمان بتشكيلة وزارية خلال لقائه به ليل أول من أمس. وقال لصحيفة quot;الحياةquot; quot;أنا لم أنصحه بشيء، وهو عرض علي صيغة تحترم ما اتفق عليه في شأن توزيع الوزراء والشراكة الوطنية في حكومة وحدة وطنية، وكان جوابي له لا مانع لدي ما دامت تحترم هذه الأمورquot;. وأكد جنبلاط انه لم يدخل في تفاصيل الأسماء ولا في إعادة توزيع الحقائب. وفي حديث الى صحيفة quot;السفيرquot; اشار جنبلاط الى ان quot;الحريري شعر بأنه يراوح في مكانه، فاقترح إعادة توزيع الحقائب بحثا عن مخرج، ويبدو أن جزءا من المشكلة هو في الحقائب السـياديةquot;.

وأبدى أسفه لكون بعضهم في لبنان quot;لا يلتقط التطورات الاقليمية وخطورتهاquot;، متوقفا في هذا السياق عند تصريح وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان في أفريقيا، الذي اعتبر فيه ان القضية الفلسطينية ماتت. ورأى جنبلاط ان quot;هذا الكلام يدق آخر مسمار في نعش ما تبقى من مبادرة عربيةquot;، مشددا على أهمية التنسيق السوري ـ السعودي لتحصين الوضعين اللبناني والعربيquot;، لافتا الى انه quot;يبدو ان هذا التقارب ممنوع من بعض الاوساط الأميركية والعربيةquot;.

ودعا جنبلاط الى الإسراع في تشكيل الحكومة وعدم الغرق في التفاصيل الصغيرة، لعلنا نخفف من التأثير الخارجي عليناquot;، معتبرا ان quot;مبادرة الحريري ربما تعطي أفقا جديدا للخروج من حالة الركود، ما دامت تحترم مبدأ الشراكة والوحدة الوطنيةquot;.

وحذر جنبلاط من ازدياد الضغط على لبنان وسوريا والمقاومة، quot;ما يتطلب حماية الطائف والسلم الاهلي والعلاقات المميزة مع سوريا وما تبقى من تقارب عربي ـ عربي، وتحديدا سورياً ـ سعودياًquot;، معربا عن قلقه من quot;نجاح السياسة الاسرائيلية في تصوير إيران مصدر الخطرquot;، ومنبها الى احتمال حصول مغامرة ضد ايران وصولا الى لبنان.
وأعلن جنبلاط لـquot;الأخبارquot; دعمه أي جهد يصب في تأليف حكومة وحدة وطنية تحافظ على صيغة 15-10-5. وإذ نفى علمه بتفاصيل تشيكلة رئيس الحكومة المكلف، قال إن الأخير أبلغه بأنه قد يقوم بإعادة توزيع الحقائب وسيجد طريقة لإرضاء المعارضة، وإن الوزارات السيادية ستبقى مثلما هي. وفي إشارة إلى عدم توزير طلال أرسلان، قال جنبلاط: quot;بعد الانتخابات، حصر تمثيلي بالدروز، فيا ليت هناك تشكيلة فيها المير طلال ويكون لي وزيرانquot;.

وجدد رئيس quot;اللقاء الديمقراطيquot; دعمه للحريري، مشيراً إلى أنه أعاد تأكيد quot;أهمية التقارب السوري -السعودي لإنقاذ ما بقيquot;، في ظل التصعيد الإسرائيلي تجاه القضية الفلسطينية، معتبراً أن ما يحصل في العراق يشير إلى حصار التواصل العربي، وهو يستهدف سوريا والسعودية بالدرجة الأولى quot;وهذا سيظهر في لبنان، ولكن ماذا تفعل إذا كان الكثيرون لا يرون إلا من أفق محلي ضيقquot;.

المعارضة ينتظر رد فعل سليمان قبل تحديد خطوتها

الى ذلك أشار مصدر بارز في المعارضة لصحيفة quot;السفيرquot; الى ان quot;التيار الوطني الحر سارع الى شن هجوم عنيف على خطوة الحريري، باعتباره اكبر المتضررين منها، إلا ان قوى أخرى اساسية في المعارضة فضلت ان تنتظر رد فعل الرئيس ميشال سليمان ـ باعتباره خط الدفاع الاول عن مبدأ التوافق الوطني ـ قبل ان تحدد خطوتها التالية، من دون ان تتخلى بطبيعة الحال عن تضامنها مع رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب العماد ميشال عون وعن اعتراضها على لجوء الحريري الى تحديد الاسماء والحقائب من غير الاتفاق معها، وهو أمر يذكّر بطريقة تصرف رئيس الجمهورية قبل اتفاق الطائف حين كان طليق اليدينquot;.

سليمان سيطالب الحريري باجراﺀ تعديلات طفيفة

وفيما اكدت اوساط قصر بعبدا لـquot;صدى البلدquot; ان سليمان سوف يقوم في الايام القليلة المقبلة بدراسة الطرح الحكومي الذي قدمه له الحريري ومطابقته مع الاصول الدستورية التي يعول عليها كثيرا سيما وان حقه في رد التشكيلة محفوظ ما دام هو من يوقع مرسوم التشكيل مع الحريري، اذا ما جرى تغييب اي فريق سياسي ضمن ما بات يعرف بحكومة الوحدة الوطنية.

واشــارت المصادر نفسها الى ان الرئيس كرر امام الحريري لدى استقباله امس في بيت الدين ما قاله له ولرئيس تكتل quot;التغيير والاصلاحquot; العماد ميشال عون عند رعايته اللقاﺀ بينهما في القصر الجمهوري من ان البلاد لا تتحمل تأخيرا ومــرد كلامه هــذا الى انه سمع تحذيرات من افرقاء خارجية زارت لبنان اخيرا، ومنها الممثل الاعلى للسياسة الخارجية والامن في الاتحاد الاوروبي خافيير سولانا حيث طلب التعجيل في ترتيب البيت الداخلي قــبــل مشاركــة سليمان فــي اعمال الجمعية العمومية للامم المتحدة في الثالث والعشرين من الشهر الحالي.

واشارت الى انه ليس هناك مهلة في الدستور تحتم على رئيس الجمهورية اعـــلان موقف نهائي وبالتالي فان الوقت مفتوح امامه. وحول امكانية توقيع سليمان على عرض الحريري، اكتفت بالاجابة انه لن يوقع الا على حكومة متجانسة تؤمن استمرارية عمل المؤسسات. وفهم من كلامها انه سوف يعلن موقفا قريبا جدا وربما في غضون اسبوع يطالب فيه الحريري باجراﺀ بعض التعديلات الطفيفة بما يحفظ ماﺀ الوجه لكل الافرقاء بخاصة مع سريان تحاليل حول رمي الكرة في ملعب رئيس الجمهورية، وهو كلام يهدف الى احراج quot;سيد العهدquot; بعد ان نأى بنفسه عن الشرخ الحاصل على الساحة السياسية بالنسبة الى مطالب العماد عون. واستدركت ان ما تضمنته التشكيلة يلبي 85 في المئة من شروط قوى المعارضة مع ان مبدأ المداورة في الـــوزارات تمت الموافقة عليه بالرغم من تنصل الجميع منه وذلك خوفا من تحمل المسؤولية في حال فشله وفق الاوساط.