بيروت: لا تزال بلدة معروب، مسقط راس رجل الأعمال اللبناني صلاح عزالدين، تحت صدمة اعلان إفلاسه الأسبوع الماضي. فبحسب أحد أبناء القرية، أكثر من 90% من أهلها قد أودعوا أموالهم لدى عزالدين الذي إنهارت أمبراطوريته بين ليلة وضحاها في بئر لا قعر له وقد جرّ معه آلاف الأسر التي يعتبر أكثرها من مؤيدي وأنصار حزب الله حيث ان خسائر عزالدين التي قدرت بمليار وستمئة مليون دولار تخصّ 11 ألف مواطن، بلغت حصة أهالي معروب منها ما يزيد عن 6 مليون دولار تعود لـ200 أسرة.

ووصفت المواطنة quot;ر. ف.quot; التي خصّت موقع 14 آذار بمقابلة خاصة رافضة الكشف عن إسمها لدواع أمنية وحزبية أنّ quot;معظم الناس لم تتوقع أن شخصاً كعزالدين قد يعلن إفلاسه أو أن يصل إلى هذا الوضع المزري. فالناس على درجة عالية من الضيق الذي لا تفصح عنه للعلن أو لوسائل الإعلام بل يكتفون بالصمت في ظل وجوم مطبقquot;.

وعن السيرة الشخصية لعزالدين، قالت quot;ر. ف.quot; التي كانت على صلة مع عائلة رجل الأعمال quot;أن الحاج صلاح من مواليد عام 1962، هو كبير إخوته الثمانية وقد تنقل بين العديد من الأعمال في حياته. وكان طوال سنوات، مصدرا للثقة والإحترام لدى الجميع خصوصاً على خلفية ما يقدمه من مساعدات وتبرعات حيث يعتاش العديد من العائلات quot;المستورةquot; في القرية بفضل الرواتب الشهرية التي كان يمنحها عزالدين لهم. والناس قد استثمرت أموالها منذ أكثر من عشر سنوات لأنهم إعتادوا أن يثقوا بهquot;.

ونقلت صحيفة الشرق الاوسط في عددها الصادر اليوم ان الامين العام لحزب الله حسن نصرالله نفى خلال افطار اقامته اللجنة النسائية لهيئة دعم المقاومة الاسلامية quot; اي علاقة لحزب الله قيادة وتنظيما بهضه المسألة من أولها الى آخرها، لكنه كشف في لقاء مع كوادر الحزب، ان بعض الحزبيين وعددا محدودا quot;جدا جداquot; من مسؤولي الحزب لهم أموال مستثمرة مع عزالدين quot;ولكنها لا تتجاوز 4 ملايين دولارquot;.

أما بالنسبة لمصدر أموال صلاح عزالدين، فإنّ quot;المعلومات التي يتداولها أهل القرية منذ زمن تشير إلى أنّ أولى نشاطات عزالدين كانت في مجال التجارة بالنفط، ليعود فينشأ عدة مشاريع من أبرزها دار الهادي، بالإضافة إلى تنظيمه لرحلات الحج والزيارات الى الأماكن المقدسة، وبعدها إنطلق بعملية إستثمار لأموال الناس وتشغيلها مع إشتراطه أن يكون المبلغ المستثمر هو 100 الف دولار وما فوق. ولكن العديد من أهل القرية من ذوي المدخرات الضئيلة (أي 10 آلاف دولار) كانوا يقومون بجمع أموالهم لتبلغ حدود ال100 الف دولار رغبة منهم بالحصول على الفوائد والأرباح العالية التي كان يقدمها عزالدين، والتي تصل إلى 30%. وقد إتبع عزالدين أسلوباً معيناً بالتعاطي مع المستثمرين يقضي بأن تدفع الفوائد على الرساميل مرة كل ستة أشهر على أن يتاح لهم سحب رساميلهم متى ما أرادوا ذلكquot;.

كذلك، أكّدت quot;ر. ف.quot; quot; حقيقة أنّ العديد من المواطنين قد وضعوا مبالغ خيالية ضمن المحفظة الإستثمارية لعز الدين. وللأسف فإنّ صغار المستثمرين قد وضعوا جنى العمر وكل ما يمتلكونه حتى أنّ هناك من قام بالإستدانة من المصارف وذلك للإنضمام إلى مملكة عز الدين الإستثمارية وبالتالي جني الفوائد، لأن ما يقدمه عزالدين من ارباح تفوق الفوائد التي يدفعها المدينونquot;.

ورجّحت المواطنة quot;ر.فquot; quot;أنّ سبب إفلاس عزالدين يعود إلى أمرين أساسيين هما: أن عدداً من كبار المستثمرين أقدموا على سحب رساميلهم دفعة واحدة بموازاة التدهور الذي أصاب أسواق البورصة العالمية، مما إنعكس سلباً على الوضع المالي لإمبراطورية عزالدين. فبوادر المشكلة المالية لديه قد ظهرت منذ أشهر حين إعتذر عزالدين عن تلبية طلب تقدم به أحد كوادر حزب الله لإسترداد أحد رساميله المستثمرة، والذي يقارب عشرة ملايين دولار أميركي. مع العلم، أن هذا المبلغ الكبير لا يخصّ مستثمراً واحداً بل هو مجموع إستثمارات لعدد من كوادر حزب الله ومسؤوليه الكبار. وعندما تخلف عزالدين عن تلبية طلب الإسترداد، بدأت الشكوك تدور حوله والإستفسارات والتساؤلات من جانب حزب الله الذي شرع بعملية تحقيق حول الموضوع فضحت قضية إفلاسه. وقبل إلقاء القبض على عزالدين، إختفى إبن معروب عن الأنظار لمدة تزيد عن الأسبوع حتى أستطاع جهاز الأمن في حزب الله تحديد مكانه وتسليمه إلى النيابة العامةquot;.

وأشار المصدر الى quot;أنّ عزالدين لم يكن يوماً، ظاهرياً على الأقل، من كوادر حزب الله التنظيميين ولكنه يعتبر من أكبر الداعمين والمقربين للحزب وتجمعه علاقة وثيقة مع مسؤوليه مما أمّن له نوعاً من الغطاء السياسي. فعلى سبيل المثال، خلال حفل إفطار في رمضان الماضي في مدينة صور، تبّرع عزالدين بشكل علني بمبلغ 30 ألف دولار لدعم حزب اللهquot;.

وختمت المواطنة quot;ر.ف.quot; كلامها بالقول quot;حالياً، تمّ إقفال منزله الكائن في وسط معروب، والمسجل بإسم زوجته، تمهيداً لبيعه بعد أن وضعته زوجته تحت رعاية حزب الله على أمل أن يسدد بذلك جزءاً يسيراً من أموال المستثمرين الذين خسروا مدخراتهم، خصوصاً أصحاب المبالغ الضئيلة نسبياً أي ما دون العشرين ألف دولار، والتي وعد الحزب كذلك بتقديم مساعدات وتعويضات لهم.

غير انه من المؤكد، أنّ رمضان هذه السنة في معروب ليس شبيهاً بأي رمضان سابق. فالبلدة مصدومة بما حصل مع إبنها البار الذي كانت تفاخر به صلاح عزالدين، وكذلك مصدومة بمستوى الخسائر المادية التي مني بها أبناء تلك البلدة من المستثمرين. ومع هذا يتجنب أهالي القرية أي موقف علني ينتقدون به عزالدين ويحاولون إبداء تماسكهم بإنتظار ما ستؤول إليه التحقيقات القضائيةquot;.