أدت الحرب المزعومة على الإرهاب دورا بارزا في تأزيم الوضع الأمني في المناطق الشمالية الباكستانية ولاسيما إقليم خيبر بختونخوا والمناطق القبلية السبعة المتاخمة له حتى أصبحت دولة باكستان في وضح حرب مفتوحة مع المسلحين في عدد من المناطق.

ومن المعروف أن العابر إلى منطقة سوات وملاكند ودير والمناطق القبلية كان يمر على مخافر للقوات الأمنية في السابق أيضا؛ إلا أن تلك المخافر كانت رمزية في معظم الأحيان بينما القوات المحلية هي التي كانت تقوم بمراقبة المرور في تلك المناطق؛ لكن الوضع تغير الآن تماما، حيث تم نشر القوات النظامية إضافة إلى الشرطة الإقليمية والقوات المحلية على كل مخفر اعتبارا من مدينة مردان التي تعتبر بوابة لمقاطعة ملاكند وشترال حتى آخر منطقة من شترال.
ورغم أن لوحات تفرض على أي أجنبي تسجيله على كل مخفر، يقوم عناصر القوات بفحص كل سيارة وبطاقات المواطنين. وقد مرت quot;إيلافquot; على تلك المخافر الأمنية لتصبح أول وسيلة إعلامية عربية تدخل إلى وادي بمبوريت أحد الأودية الثلاثة لـ كالاش في شترال. ndash; للتفصيل راجع التحقيق المنشور على موقع إيلاف تحت عنوان (الرقص من المهد إلى اللحد) -.
طبعا تذمر تلك الإجراءات الأمنية المشددة غير المسبوقة كل مواطن يمر بتلك المنطقة؛ إلا أن السلطات لديها تبرير واحد للقيام بها وهو يتمثل في مخاوف هجمات المسلحين من الحدود الأفغانية. ومن المثير أن مخفر أمني على الحدود بين منطقة شترال الباكستانية وولاية نورستان الأفغانية تعرض لهجوم مسلح أدى إلى سقوط 17 جنديا باكستانيا عندما كانت quot;إيلافquot; في شترال، علما أن مديريات دير السفلى والعليا وشترال تتاخم ولايتي نورستان وبدخشان الأفغانيتين وهناك عدد من المعابر التي يستخدمها المواطنون من الجانبين للتحرك عبر الحدود حتى إن أصحاب المحال التجارية في بعض المناطق من شترال يشترون البضائع من أسواق الجملة بمدينة جلال آباد الأفغانية عاصمة ولاية ننكرهار.
كما أن أهالي شترال كانوا يمرون عبر مناطق لنورستان قبل دخولهم إلى شترال في أيام الشتاء عندما كانت الثلوج تسد طريقهم على معبر لواري الذي يقع على ارتفاع 7 آلاف قدم من سطح البحر؛ إلا أن تلك المشكلة انحلت جزئيا بعد إنشاء نفق يربط بين منطقة دير العليا وشترال.
من جهة أخرى تشهد المناطق المطلة على نهر شترال ndash; الذي يعرف بثلاثة أسام في مختلف مناطق شترال حيث يسمى نهر يارخون في أقصى الشمال ثم يصبح نهر شترال في المناطق الوسطى وينصب في نهر كابول وهو يسمى نهركونر- إجراءات أمنية مشددة تعرض المواطنين لمشاكل كثيرة حيث ترفع ألواح من الجسور المعلقة التي تربط بين طرفي النهر في الكثير من القرى وإغلاقها بأسلاك شائكة مع غروب الشمس ولايسمح لأحد بالمرور عبر تلك الجسور حتى صباح اليوم التالي، بينما يتم تعزيز أمن الجسور الإسمنتية أو التي لا تغلق تماما.
يذكر أن أهالي منطقة شترال معروفون بلطفهم ولينهم على سبيل العموم، ومنطقتهم تعتبر من المناطق الآمنة في باكستان؛ بيد أن المواطنين في المناطق الحدودية يشكون الآن من الإجراءات الأمنية وتواجد القوات النظامية في مناطق لم تشهد تواجد شرطي واحد أيضا. وأكد مواطن في وادي بمبوريت لـ quot;إيلافquot; أنهم في صعوبة جراء تلك الإجراءات حيث لا يسمح لهم بالخروج من بيوتهم ليلا وتطلب منهم بطاقة الهوية ولو خرجوا لصلاة الفجر.
ولا يتوقع أي تغيير في أسلوب الإجراءات الأمنية في تلك المناطق إلى أن تضع الحرب المزعومة على الإرهاب أوزارها وتنسحب القوات الدولية من أفغانستان أو أن يتم إبرام اتفاقيات بين القوات الباكستانية والمجموعات المسلحة؛ لكن لا يعرف أحد متى سيحدث ذلك، رغم أن الجميع يحنون إلى الأيام الآمنة التي كانوا يعيشونها في تلك المناطق.