الربط بين بين حالتي الإنسان النفسية والجسدية لا يقوم على فراغ. والآن تثبت درسة علمية أن العديد من الناس يشعرون بمرض خطير معيّن ويبدون سائر أعراضه لا لسبب غير أنهم قرأوا عن هذه الأعراض أو سمعوا شخصا آخر يتحدث عنها.


يقول باحثون إن العديد من الناس الأصحاء يشعرون بأعراض مرض معيّن ndash; خطير في الغالب ndash; بلا سبب سوى أنهم قرأوا موضوعا طبيا عنه أو سمعوا حكاية أو حكايات عنه. ويتأتى لهم هذا الشعور رغم ان أجسادهم خالية من المرض تماما. ويصنّف العلماء هذه الظاهرة في خانة تسمى nocebo effect laquo;نوسيبو ايفيكتraquo; (الوهم بالمرض). وهذا تعبير طبي يطلق على الأثر الذي تحدثه العقارات غير الضارة التي تحدو بالإنسان لإبداء أعراض مَرَضيّة توهما منه بأنه تناول شيئا خطيرا على صحته. ويعاكس هذا ما يعرف باسمplacebo effect laquo;بلاسيبو ابفيكتraquo; وهو عقار يؤمن المريض بأن فيه الشفاء فيتصرف جسمه تبعا لذلك مع أنه عقار laquo;خاملraquo; لا دواء حقيقياً فيه.

حساسية مفرطة

يقول العلماء - بناء على هذا كله ndash; إن ظاهرة الشعور بالمرض فقط لمجرد القراءة أو سماع الحكايات ذات صلة عضوية بما يعرف باسم electromagnetic hypersensitivity laquo;الحساسية الكهرومغنطيسية الزائدةraquo; (التي تُربط تقليديا باستخدام الهاتف الجوال). ونقلت صحف بريطانية عن الدكتور مايكل فيتهيفت، من laquo;جامعة يوهانس غوتنبرغraquo; الألمانية قوله إن الحساسية الكهرومغنطيسية الزائدة نفسها قد تكون نتاجا للنوسيبو ايفيكت (توهم المرض). ويقول: laquo;مجرد أن يصبح الشخص في حالة نفسية تتولد مع توقعه حدث الأذى، فقد يقوده هذا الى إحساس حقيقي بالألم أو بأعراض المرضraquo;.

انعكاس نفسي على الجسد

على سبيل المثال فإن الذين يعانون من الحساسية تجاه المجالات الكهرومغنطيسية غالبا ما يتحدثون عن أعراض تشمل الصداع والدوار والشعور بالحرقة أو الأكلان أو الوخز على الجلد لمجرد أنهم اطلعوا على مقال يتحدث عن مرض خطير (والإنترنت مصدر هائل لهذا النوع من المواد) أو لمجرد سماعهم شخصا آخر يتحدث عنه.
ويقول الدكتور فيتهيفت: laquo;الأبحاث تظهر أن اولئك الناس لا يستطيعون معرفة ما إن كانوا قد تعرضوا لمجال كهرومغنطيسي من نوع ما فعلا. والواقع أن هؤلاء يبدون الأعراض نفسها في حال إطلاعهم على أنهم يتعرضون لمجال كهذا بغض النظر عما إن كان هذا نفسه صحيحا أو كاذباraquo;.

دليل مختبري

يشرح فيتهيفت ما حدث في اختبار تبرّع له 147 شخصا قُسموا على مجموعتين. وعرضت على المجوعة الأولى فيلم عن المضار الصحية المتصلة باستخدام الهاتف الجوال والتكنولوجيا اللاسلكية WiFi، بينما عرض على الثانية فيلم عن الأبحاث الأمنية المتصلة بالإنترنت وتكنولوجيا الهاتف الذكي.
ثم قيل للجميع إنهم كانوا يتعرّضون لإشارات لاسلكية أثناء انغماسهم في المشاهدة... رغم ان هذا لم يكن صحيحا. وكانت النتيجة أن عددا من الناس ndash; خاصة من المجموعة الأولى ndash; شكوا من إحساسهم بدرجة عالية من التوتر وفقدهم القدرة على التركيز وشعورهم بالوخز في أطرافهم مثل ايديهم وأذرعتهم وأرجلهم. وبلغ الأمر حد ان شخصين لم يكملا الفحوصات لأن الأعراض اشتدت هليهم حتى شعروا بالمرض يستولي علي جسديهما بالكامل وصاروا بحاجة للعناية الطبيّة.

سلاح فتّاك

يخلص العلماء الى أن الشعور بالمرض عبر الإيحاء فقط حقيقة ماثلة لا يمكن نكرانها. ويضيفون أن من شأن الصياغة العاجلة أو غير الدقيقة للتقارير الصحية أن تحدث آثارا سلبية جماعية تمس قطاعات كبيرة من المجتمع. وبعبارة أخرى فإن هذا بحد ذاته سلاح نفسي فتّاك يمكن توظيفه بسهولة في حال توفر سوء النيّة وراءه.