يستخدم مصطلح القلب المكسور للإشارة إلى الحسرة جراء فقدان الأحبة، وتظهر دراسة حديثة أن لهذه الحسرة تأثير مباشر على صحة القلب، ومساهمة في حصول السكتة القلبية.
حين توفيت مارغريت ويليامز في ويلز في تموز (يوليو) الماضي، أعد زوجها ادموند القصائد لينشدها في جنازتها. فقد ظلا متحابين ومتزوجين 60 عامًا، وحتى وهما في أواخر الثمانينات من العمر، كانا لا يزالان يذهبان إلى حديقتهما ويديهما متشابكة معًا.&بعد أسبوع من وفاة مارغريت، لحق بها ادموند، واتحد الزوجان في وفاتهما كما كانا في حياتهما.
رحلا معًا
في نفس الشهر وفي ويلز أيضا، توفي كليفورد هارتلاند البالغ من العمر 101 عام، بينما كان ينتظر عودة زوجته مارجري من المستشفى، بعد أن سمح لها بالخروج وهي تعاني بكسر في القدم. وقالت ابنتهما كريستين إن والدتها اتصلت بها في هذا المساء وهي في حزن شديد، وطالبت والدتها بأن تفكر في سنوات الزواج السعيدة، وخلدت الأم إلى النوم. توفيت مارجري في تلك الليلة، في الذكرى الـ 76 لزواجها من كليفورد.
في بيكرزفيلد بكاليفورنيا. لم يفترق دون سمبسون (90 عامًا) عن زوجته ماكسين (87 عامًا) منذ التقيا في صالة للبولنغ في العام 1952، وتزوجا في نفس العام. توفيت ماكسين أولًا، وبعد أربع ساعات لحق بها دون.
تكثر الأمثلة على هذا التلاصق البشري، حتى صارت موضوعًا لأحد الأبحاث، نشر في وقت سابق من هذا العام في دورية جاما للطب النفسي. قال البحث إن عدد الأشخاص الذين تعرضوا لسكتة قلبية أو دماغية في الشهر الذي تلا فقدان أحد الأحباء كان ضعف مجموعة مماثلة خضعت للدراسة لم تصب بفقدان أحد أحبائها.&وبلغ عدد هؤلاء 50 من بين 30,447 في مجموعة الثكلى أو 0,16 بالمئة، مقارنة مع 67 شخصًا من بين 83,588 في المجموعة التي لم تفقد أحد من أحبائها، أو ما يمثل 0,08 بالمئة.
متلازمة القلب المكسور
نقلت هيئة الاذاعة البريطانية عن الدكتور سونيل شاه، من مستشفى سانت جورج التابعة لجامعة لندن وأحد المشرفين على الدراسة، قوله: "نستخدم مصطلح قلب مكسور للإشارة إلى الألم والحسرة جراء فقدان أحد الأحباء، وتظهر دراستنا أن الفجيعة جراء فقدان هذا الشخص يمكن أن يكون لها تأثير مباشر على صحة القلب".&يطلق على هذه الحالة اسم متلازمة القلب المكسور، والمعروفة رسميا باسم اعتلال عضلة القلب تاكوتسوبو. وبحسب مؤسسة القلب البريطانية، هذه حالة موقتة تضعف فيها عضلة القلب أو تصاب باضطراب مفاجئ، ويتغير شكل البطين الأيسر للقلب خلالها.
قد يحدث هذا نتيجة للتعرض لصدمة، وقالت مؤسسة القلب البريطانية إن نحو 75 بالمئة من الأشخاص الذين تشخص إصابتهم باعتلال عضلة القلب تاكوتسوبو قد تعرضوا لاضطراب عاطفي أو بدني شديد، قبل أن يصابوا بالمرض، وهذا التوتر قد يكون جراء الحزن الشديد على فقدان أحد الأحباء، كما قد يكون صدمة من نوع آخر.
غير السكتة القلبية
هناك حالات موثفة لأشخاص يعانون من هذا المرض، بعد أن شعروا بخوف داخلي شديد بسبب مزحة مقلقة من زملاء لهم، أو التعرض لاضطراب بعد التحدث لمجموعة كبيرة من الأشخاص. ويتوقع أن الإطلاق المفاجئ لبعض الهرمونات في هذه الحالات، وخصوصًا الادرينالينن يسبب انقباضًا مفاجئًا لعضلة القلب.&ويختلف هذا عن السكتة القلبية، والتي يتوقف فيها القلب بسبب انحسار في ضخ الدم، ربما جراء انسداد الشرايين. وقالت جامعة جونز هوبكنز في إرشادات لها على موقعها الإلكتروني بشأن متلازمة القلب المكسور: "معظم السكتات القلبية تحدث بسبب حدوث انسدادات وتشكل لجلطات الدم في شرايين القلب".
في المقابل، معظم المرضى الذين يعانون من اعتلال عضلة القلب لديهم شرايين قلب طبيعية إلى حد كبير، ولا يعانون من انسدادات شديدة أو تجلطات، بحسب الإرشادات. والعديد من هؤلاء يتعافون بسهولة، وتختفي الاضطرابات ويعود القلب إلى شكله الطبيعي، لكن في بعض حالات كبار السن أو الذين يعانون من مرض في القلب، فإن تغيير شكل القلب قد يؤدي إلى سكتة قلبية مميتة.
دعم ومراقبة
ويشير الباحثون إلى أن دعم كلًا من الزوجين للآخر يمثل جدار صد أمام الإصابة بالاضطرابات العاطفية والنفسية. وهناك أدلة على تزايد خطورة الوفاة بعد دخول أحد الشريكين إلى المستشفى، بحسب دراسة نشرت في العام 2006 في دورية نيو انغلاند الطبية.&وأشارت دراسة أخرى نشرت في العام 2011 إلى أن فرص وفاة الشريك الذي يبقى على قيد الحياة تزيد لمدة ستة أشهر بعد وفاة الشريك الآخر، إذ يراقب الشريكان سلوك كل منهما الآخر، ويشجعان بعضهما على سلوك صحي، ويذكران بعضهما بتناول العلاج اليومي.
وأيا كانت الدلائل العلمية وراء متلازمة القلب المكسور، فإن النتائج مفيدة ومؤلمة في آن واحد. تحزن العائلة الثكلى بالفعل على فقدان اثنين من أحبائها، لكن هناك غالبا ارتياح بأن الزوجين اللذين تربطهما علاقة حب وطيدة بأنهما يجب أن يرحلا عن الحياة معا.
&
التعليقات