صارت الأشياء نفسها قادرة على التواصل من دوننا نحن البشر، من خلال بروتوكولات تواصلية أثيرية، فتتبادل المعلومات، وتسهل أسباب الحياة، كما لم تكن سهلة من قبل.


&

دبي: الحياة في تطور مستمر، وسيناريوهات الحياة في تحول مستمر، إذ لا ثابت بعد تحت هذه الشمس. ومن هذا المتحول تطور قدرة مجموعة من الأجهزة الرقمية الذكية، المتصلة في ما بينها عبر واي فاي أو بلوتوث، تتناقل المعلومات في ما بينها، من دون اعتماد على البشر في إمدادها بهذه المعلومات، بل تحصل عليها من الوسط الخارجي عبر الحواس الاصطناعية أو ما يعرف بالمستشعرات الرقمية. هذا هو إنترنت الأشياء.

إنه مصطلح تقني، تقوم فكرته على ربط أجهزة رقمية موجودة حولنا، بطريقة تتيح لنا معرفة حالاتها ومعلوماتها الدقيقة من دون الحاجة إلى أن نكون قربها، وتشمل الأشخاص والحيوانات والملابس، بربط الأجهزة على مستوى الشبكة العالمية، وليس عبر شبكات محلية صغيرة، وتقرر هذه الأجهزة إرسال أو استقبال البيانات من دون تدخل الإنسان في عملها.
&
فلنشاهد سريعًا هذا السيناريو "الحياتي" الرقمي.
&
سيناريو ذكي
تستيقظ في السادسة صباحًا، فتنظف أسنانك مستخدمًا فرشاة أسنان ذكية، تخبرك بعد استعمالها كم استغرق وقت تنظيف أسنانك، وكم حركة نفذت، وهل نظفت كل أسنانك أم بقي ضرس في الفك لم ينل قسطه من التنظيف، ومقدار معجون الأسنان الذي استخدمته. تغسل وجهك، فينذرك الصنبور الذكي بأنك تستهلك من الماء ما يفوق الكمية الكافية لغسيل الوجه.&
&
ترتدي ملابسك أمام المرآة الذكية، فتطلعك سريعًا على حال الطقس وآخر الأخبار وعن ازدحام الطريق إلى العمل، ومن ضغطة زر "لايك" على صورتك الجديدة على فايسبوك. تقود سيارتك الذكية، فتدلك إلى أقصر الطرق إلى مكتبك، بلا عناء. حتى إنها تقيس المسافة والسرعة اللازمتين كي لا تعلق أمام إشارة المرور الحمراء.
الشوكة الذكية وما يمكنها أن تعرّفك به
&
&
في المكتب، تعرف كل أخبار أعمالك في لحظتها على ثلاثة أجهزة في وقت واحد: اللابتوب، والهاتف الذكي، والساعة الذكية التي تزيّن معصمك.
&
تغادر العمل عائدًا إلى البيت، فترفع هاتفك الذكي، وبنقرة واحدة تشغل المكيّف في غرفة الجلوس، كي تصل فتجد المنزل مكيفًا. في الطريق، تدخل السوبر ماركت. وإذ تحتار هل تشتري بيضًا أو لا تشتريه، تدخل تطبيقًا على هاتفك الذكي، فيخبرك عبر الانترنت كم بيضة باقية في ثلاجتك، وإذا كان بعضها سيفسد قريبًا!.
&
قبل أن تدخل المنزل، تقرأ على هاتفك نفسه متى عاد أولادك من المدرسة، من نظّف أسنانه، من أكل طعامه. تدخل، تتغدى مستخدمًا شوكة ذكية، تقول لك كم سعرة حرارية راكمت، وتنبهك إلى ضرورة مضغ الطعام جيدًا.
&
ترتدي قميصك الرياضي المزود بالمجسات، التي تحلل أداءك الرياضي ولياقتك الجسدية وحال قلبك وتنفسك، وترسلها إليك مباشرة على هاتفك الذكي أو ساعتك الذكية. وتلجأ إلى السرير، فتستعين بهاتفك الذكي لتقفل الأبواب مطمئنًا.
&
ذكاء إصطناعي
ليس هذا سيناريو تخيليًا أبدًا، بل واقعي جدًا، متاح لأي كان اليوم عبر تطبيقات متصلة بدارات الـ "واي فاي"، والانترنت عن بعد. فالموضة الآن هو المنزل الذكي، المليء بأجهزة الذكاء الاصطناعي، كأجهزة الإنذار والأجهزة القابلة للإرتداء والسيارات وأجهزة التحكم في الحرارة وأجهزة الصرافة المالية وأجهزة التلفزيون الذكية، وأجهزة الثلاجات والغسالات الذكية، إضافة إلى المايكرويف وغيرها من الأجهزة الذكية المختلفة، التي يتوقع أن تغزو عالمنا خلال السنوات القليلة المقبلة.
&
إنترنت&الأشياء بشكل مبسّط
&
&
يتيح إنترنت الأشياء للناس أن يتحرروا من قيود المكان، فالتحكم في الأشياء ممكن عن بعد، بمفهوم يعتمد على إمكان دمج الأجهزة المكتبية والمنزلية والطبية والصناعية وأجهزة الاتصالات الذكية ومنظومات النقل والإنذار والبنى التحتية الالكترونية مع شبكة الإنترنت، من أجل تقديم خدمات متكاملة تغطي العديد من النطاقات والمجالات والتطبيقات التي يمكن الولوج إليها بالهواتف الذكية أو الكومبيوتر النقال والأجهزة اللوحية، اعتمادًا على مبدأ "الحوسبة كلية الحضور".&
&
كما تريدها&
هذه الحوسبة كلية الحضور ذكية للغاية، لأنها تعرف ماذا تريد وماذا تحب بدراسة خيارات سابقة اخترتها، لذا ستؤدي دورًا نموذجيًا في الإعلام الموجّه، أي تصبح لكل شخص قناته الإعلامية الخاصة، التي لا يتكبد عناء في تحديد خياراتها غير المتناهية، إذ تقوم الأجهزة نفسها باستقراء ما يمكن أن يثير اهتمام المستخدم، من خلال ما يمكن أن يكون&قرأه في الماضي، البعيد أو القريب، أو من خلال تتبعه وهو يتصفح صحيفة إلكترونية ما.
&
فعلى سبيل المثال، إن توقف دقيقة عند خبر عن الحرب في سوريا، فهذا يعني أنه قد يهتم فعلًا في معرفة آخر الأخبار عما يحصل في سوريا. وإن توقف عند خبر عن تقدم للجيش الحر في سوريا، فهذا يعني أنه مهتم بمعرفة أخبار الجيش الحر تحديدًا، فتوجّه إليه أخبار سوريا عامة، مع التركيز على أخبار تخص الجيش الحر، على سبيل المثال لا الحصر.&
&
البيت الذكي أحد تفصيلات إنترنت الأشياء
&
&
هذا كله ممتع، لكن تبقى الثغرة الأمنية هي الهاجس، خصوصًا أنه لا تُعرف القدرة على اختراق نظام إنترنت الأشياء والعبث بها للتسلية فقط أو لأغراض اقتصادية واجتماعية... وحتى سياسية. وهذه مخاوف منطقية بالنسبة إلى الشركات التي تخاف على أسهمها المالية وعلى مستوى أفرادها، فاحتمال العبث بنظام قيادة سيارتك الذكية أو تعطيله قائم، فمن يريد المجازفة؟​.