وافقت لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية في مجلس النواب المصري يوم الأحد 27 يونيو / حزيران على مشروع قانون يدعو إلى تعديل قانون العقوبات الخاص بالتحرش الجنسي.

مرر البرلمان المصري القانون، الذي اقترحه حزب مستقبل الوطن الحائز على الأغلبية، والذي يغلظ عقوبة التحرش الجنسي ويحولها من جنحة إلى جناية.

فحسب قانون العقوبات رقم 58 لسنة 1937، الخاص بالتعرض للغير والتحرش الجنسي، فإن العقوبة وفقا للمادة 306 تصل إلى سنة حبس وغرامة تعادل 10 آلاف جنيه مصري (حوالي 636 دولار).

ولكن التعديلات الأخيرة ستغلظ العقوبات، إذ لن تقل عن سنتين ولن تتجاوز أربع سنوات مع غرامة أقلها 100 ألف جنيه مصري (6369 دولارا) ولا تزيد عن 200 ألف جنيه مصري.

هاتان العقوبتان لمن يتعرض للغير، سواء كان التحرش لفظيا أو جسديا أو حتى عبر تلميحات وإيحاءات جنسية أو إباحية. وسيتم إدراج مواقع التواصل الاجتماعي ضمن وسائل التحرش.

أما إذا تكرر الفعل من خلال الملاحقة والتتبع، فتصبح العقوبة الحبس ثلاث سنوات على الأقل ولا تتجاوز الخمس سنوات مع غرامة لا تزيد عن 300 ألف جنيه مصري.

كما نصت التعديلات أيضا، أنه إذا كان للمتحرش نفوذ وسلطة أسرية، دراسية أو وظيفية على المجني عليه فستضاعف العقوبة لتصل إلى الحبس مدة سبع سنوات وغرامة لا تزيد عن 500 ألف جنيه مصري.

وكان أشرف رشاد، النائب الأول لرئيس حزب مستقبل وطن ورئيس الهيئة البرلمانية للحزب، قد قدم التعديل التشريعي لقانون العقوبات الخاص بالتحرش الجنسي.

ونشر رشاد عبر صفحته الرسمية على فيسبوك: "النصوص العقابية المجرمة للتحرش - والتحرش الجنسي تحديدًا - غير كافية لتحقيق الردع المطلوب بالنظر لحجم تلك المشكلة".

كما صرح وكيل اللجنة التشريعية والدستورية في مجلس النواب إيهاب الطماوي، في مقابلة هاتفية مع الإعلامي عمرو أديب على قناة أم بي سي مصر، أنه "مع دراسة الأثر التشريعي لتعديل قانون العقوبات الذي حصل سنة 2014 وجدنا أن الردع العام لأفراد المجتمع والجاني أصبح لا يحقق المردود الذي يسعى إليه المجتمع".

ففي عام 2014، أضيفت المادة 306 من قانون العقوبات اعترافا بأهمية التحرش "كظاهرة يواجهها المجتمع المصري".

وأكد الطماوي أن زيادة العقوبات هذه المرة من أهدافها تحقيق الردع الخاص بالنسبة للمتحرش والعام للمجتمع. كذلك لمنع تكرار حوادث التحرش بعد فرض العقوبة وهو أمر ركز عليه الطماوي في كلامه.

وكتبت هالة أبو أسعد، العضوة في مجلس النواب المصري، على فيسبوك أن "التحرش هو سلوك مشوه .. من نفسية مشوهة غير سوية على الإطلاق"، ومشاركة صورة تظهر توقيع النواب على مشروع القانون.

وما أن انتشر خبر قانون التحرش الجديد، حتى كان للموضوع صدى كبيرا عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

فانقسم المصريون، رجالا ونساء، بين مؤيد للقانون وآخر لا يثق بمدى ردعه للناس عن التحرش.

ويقول مينا إن القرار الجديد يجب أن تكون معه "تعليمات للتعامل مع بلاغات التحرش بجدية".

وغرد مصطفى على تويتر أنه "رغم أن البرلمان أخذ سنينا لتشديد عقوبة التحرش، ولربما لن يكون السبب في اختفاء ظاهرة التحرش، ولكنه يعد خطوة هامة في الحد منها.

جو من مؤيدي القانون الجديد، ولكنه يطلب أن يكون هناك نص صريح يشرح كيف سيطبق بالنسبة لوسائل التواصل الاجتماعي.

فقال: "ممكن أن يكون هناك إنسان محترم يتكلم مع امرأة وهو معجب بها ومن ثم يحكم عليه بالسجن سنتين و100 ألف جنيه".

ويوافق وليد رأي جو، فهو يرى أن "نص التحرش بالنسبة لمواقع التواصل الاجتماعي ليس واضحا".

وكتب هيثم أبو خليل، الصحفي والناشط المصري، أنه كان يجب ذكر عقوبة كشوف العذرية و"التأكيد على معاقبة من يقوم بالتحرش في أقبية الداخلية وخاصة الأمن الوطني".

على الجانب الآخر، يرى كثيرون أن المشكلة ليست في تطبيق القانون فحسب، ولكن يجب تغيير فكر المجتمع نحو قضية التحرش.

وغردت بريهان برأيها حول القانون الجديد، وهو أن بالرغم من كونه "أمرا رائعا" لكن المشكلة تكمن عندما " تظهر شخصيات على شاشات التلفزيون المصرية تعتبر التحرش غزلا وعادة اجتماعية مصرية مقبولة، متناسين أن التحرش اللفظي لا يقل سوءا عن الجسدي".

وعبر جوزيف عن فرحه بقانون التحرش الجديد: "عقبال القضاء على التحرش في فكر الناس فعلا، وايمان كل الشعب بحق الستات/غيره في الحياة الآمنة المستقرة، وأنه يمشي في الشارع من غير إحساس بالتهديد".

كما كتب مستخدم آخر على تويتر أن "الأنجع معالجة سبب المشكلة عوضا عن تفادي النتيجة"، وأن ذلك "يأتي عن طريق التربية التي تركز على أهمية احترام المرأة وعدم التحرش بها بدلا من حبسها بحجة الخوف عليها".

لكن كانت للبعض نظرة متشائمة قليلا حول التعديلات.

نورهان على سبيل المثال تقول: "نتمنى أن تنفذ ولا يخرج المتحرشون ببراءة".

بينما يرى عبدالرحمن أن "هناك حالات لكثير من المتحرشين الذي هربوا بفعلتهم ولم يحاسبوا والمجتمع يضع ضغوطا على المرأة عند المناداة بحقها".

وقد شهدت مصر في الفترة الأخيرة وقائع تحرش أثارت غضب كثيرين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، منها ما عرف إعلاميا باسم قضية "فتاة المطار" وأيضا "متحرش المعادي"، مما دفع الكثير من النشطاء والحقوقيين للمطالبة بسن قوانين أكثر صرامة.