إيلاف من سان فرانسيسكو: وسط صخب العناوين التي تحتفي بالنجومية وتغرق في أرقام الاقتصاد والسياسة، تتوارى أحيانًا قصص نساء عربيات لا يطلبن الأضواء، لكنّهن يحملن أثرًا عميقًا. نساء اخترن العمل من خلف الكواليس، وبدلًا من مقاعد المؤتمرات الصحافية جلسن في مختبر، أو فصل دراسي، أو مكتب صغير، يصنعن الفرق خطوة بخطوة.
هؤلاء النساء لا يسعين للكاميرا، بل يكتفين بتغيير واقع ملموس، سواء عبر مبادرة تعليمية، أو مشروع صحي، أو ابتكار اقتصادي يصل إلى من يحتاجه.
منهن من بدأت في الريف، ومنهن من اخترقت المجال العلمي العالمي، وجميعهن يشتركن في نقطة واحدة: لم ينتظرن التقدير، بل انطلقن من قناعة أن الإنجاز أبلغ من التصفيق.
هذه ليست مجرد قصص عابرة، بل نماذج تُكتب بمداد الإلهام وتُثبت أن المستقبل يُصنع في صمت، وأن التغيير الجذري لا يحتاج دوماً إلى ضوضاء.
في هذا التقرير، نسلط الضوء على عدد من المبادرات والنماذج النسائية العربية التي تؤكد أن المرأة ليست فقط شريكة في التنمية، بل قائدة لها... أحياناً من أماكن لا يراها أحد.
نماذج مشرقة
مريم بن صالح – المغرب: رائدة أعمال مغربية ورئيسة شركة المياه المعدنية "أولماس"، تُعد من أولى النساء في شمال أفريقيا اللواتي ترأسن كيانًا اقتصاديًا بهذه الضخامة، ومثّلت المغرب في عدة منتديات اقتصادية عالمية.
حياة سندي - السعودية: عالمة وباحثة في التكنولوجيا الحيوية، طوّرت أدوات تشخيص منخفضة التكلفة تُستخدم في المناطق الفقيرة، وكانت أول سعودية تحصل على دكتوراه من جامعة كامبريدج في التقنية الحيوية.
وداد إبراهيم - السودان: عالمة فضاء في وكالة ناسا، لتكون واحدة من أصوات عربية نادرة في مراكز أبحاث الفضاء العالمية.
لبنى العليان - السعودية: أول امرأة ترأس بنكًا سعوديًا، وساهمت في تمكين النساء من تولّي مناصب عليا في القطاع المصرفي والاقتصادي.
رنا الدجاني - الأردن: تميّزتا في مجال التكنولوجيا الحيوية والبيولوجيا الجزيئية، بمشاريع تهدف إلى تسخير العلم لخدمة المجتمعات المحلية والنساء في الأوساط الأقل حظًا.
فاطمة النعيمي - الإمارات: المديرة التنفيذية لإدارة الاتصال والإعلام في اللجنة العليا للمشاريع والإرث، وأسهمت في تعزيز دور المرأة الخليجية في الفعاليات الرياضية العالمية
هؤلاء وغيرهن يشكّلن نموذجًا حيًا على أن التغيير لا يحتاج إلى كاميرات، بل إلى إصرار، وأن المستقبل لا يُصنع من على المنصات، بل من داخل المختبرات والفصول والميكروسكوبات.
إنهن نساء صنعن الفرق… بعيدًا عن الأضواء. نساء رفضن الانتظار على هامش المشهد، واخترن أن يخططن ويعملن ويبدعن. هذه قائمة متواضعة فهناك مئات من النساء العربيات اللواتي يتركن بصمة يومية في ميادين التعليم، والبحث العلمي، والتنمية، دون أن تُكتب أسماؤهن في العناوين العريضة. القائمة تطول، والإنجازات تتكاثر… وما زال المستقبل يفتح لهن أبواباً جديدة ليواصلن صناعة الفرق.
لماذا تُلهمنا هذه القصص؟
لأن قصص النجاح ليست حكرًا على النجومية، بل تُولد أحيانًا في المختبر، أو في قاعة صف، أو من مشروع صغير يُغير قرية كاملة.
تسليط الضوء على هذه المبادرات يلهم الفتيات في العالم العربي ليرين أن أحلامهن ممكنة، مهما كانت البيئة أو الظروف.
النساء، بنجاحهن الصامت، يوسّعن حدود الحلم، ويُثبتن أن القيادة لا تحتاج إلى صخب، بل إلى رؤية. فالتغيير يبدأ من حيث لا ينظر كثيرون، لكنه يُحدث الأثر الأكبر.
التعليقات