من المرجح أن يكون لضريح سليمان شاه، جد مؤسس الامبراطورية العثمانية الواقع داخل الاراضي السورية، دور كبير في تحديد طبيعة التدخل التركي لدى الجارة الجنوبية، خصوصًا في حال سيطرة قوات "داعش" عليه.


إسطنبول: كان هذا الضريح لجد عثمان الاول مؤسس السلطنة العثمانية قد وضع تحت السيادة التركية بموجب اتفاق وقع عام 1921 بين تركيا وفرنسا دولة الانتداب على سوريا.

ولم يكن هذا الضريح يثير أي اهتمام حتى وصول قوات تنظيم الدولة الاسلامية الى مقربة منه قبل نحو اسبوعين في اطار هجومها الواسع للسيطرة على مناطق كردية واسعة على امتداد الحدود بين سوريا وتركيا.

يقع هذا الضريح على بعد 25 كلم داخل الاراضي السورية وفي حال تعرضه للهجوم لن يكون بامكان تركيا غض النظر عن اعتداء من هذا النوع.

ومنذ ايام عدة بدأت وسائل الاعلام التركية تعرب عن القلق ازاء مصير الضريح بعد توارد معلومات عن قيام مقاتلي التنظيم المتطرف بمحاصرته وحتى بأخذ الجنود الاتراك الثلاثين الذين يقومون بحراسته رهائن.

الا ان رئيس البلاد رجب طيب اردوغان نفى "المعلومات المغلوطة" بهذا الشأن التي نشرت في وسائل الاعلام، وحرص على التأكيد بأن أي هجوم عليه سيواجه بـ"رد واضح".

وبعد ان ابدت تحفظًا على مشاركتها في العمليات العسكرية الغربية ضد قوات تنظيم الدولة الاسلامية عند بدئها، عادت تركيا وغيّرت لهجتها واعطى البرلمان التركي مساء الخميس الضوء الاخضر للسلطات التركية للمشاركة في العمليات العسكرية في سوريا والعراق مع قوات التحالف الدولي.

ويربط الكثيرون بين تغيير الموقف التركي واطلاق سراح 46 تركيًا في العشرين من ايلول/سبتمبر كانوا محتجزين رهائن في العراق لدى تنظيم الدولة الاسلامية منذ حزيران/يونيو الماضي.

وللدلالة على الاهمية التي تعطيها تركيا لضريح سليمان باشا، انتهز رئيس اركان الجيش التركي الجنرال نجدت اوزيل مناسبة عيد الاضحى لمخاطبة الجنود الذين يحرسون الضريح.

وقال موجهًا كلامه لهم "لا تنسوا انكم لستم وحدكم، إن عيوننا واذاننا وقلوبنا معكم دائمًا. كونوا على يقين بأن قواتنا المسلحة ستكون الى جانبكم بمجرد أن تطلبوا منها ذلك".

من جهته، قال وزير الدفاع التركي عصمت يلماظ "ان تقدم تنظيم الدولة الاسلامية باتجاه سليمان شاه يشكل خطرًا على امننا القومي" مضيفًا "أن واجبنا الاول هو الدفاع عنه وتأكدوا اننا لن نتردد لحظة في القيام بكل ما يلزم" لحمايته.

وحسب وسائل الاعلام التركية، فإن مقاتلتين تركيتين من نوع اف-16 حلقتا الخميس على طول الحدود مع سوريا قبالة الضريح التركي، كما ان بامكان المروحيات العسكرية التركية الوصول الى المكان خلال ربع ساعة.

الا أن المعلقين المقربين من المعارضة حاولوا التخفيف من هذا الخطاب المتشدد مذكرين بأن الحكومة سبق وأن لوحت في اذار/مارس الماضي باحتمال تعرض ضريح سليمان باشا للهجوم، الامر الذي لم يحصل. ووقع ذلك مباشرة قبل الانتخابات البلدية ما اعتبره المعارضون وسيلة لاستثارة العصب القومي وكسب التأييد الشعبي.

الا ان الكثير من المحللين يعتبرون أن التهديد فعلي ضد الضريح الذي لا تحرسه قوة قادرة على صد هجوم كبير لمقاتلي تنظيم الدولة الاسلامية.

وقال تشان قصاب اوغلو من مركز الدراسات الاقتصادية والسياسية الخارجية في اسطنبول "في ضوء التغيير السياسي الحاصل في تركيا فإن الخطر الذي يتهدد هذا الموقع بات فعلياً".

وتابع هذا الباحث "في حال قررت انقرة المشاركة في عمليات التحالف، فإن ضريح سليمان شاه سيصبح هدفًا اكيدًا لتنظيم الدولة الاسلامية".

وخلص الى القول "على انقرة أن تكون في غاية الحذر لدى اعداد وتنفيذ ردها العسكري (على مقاتلي تنظيم الدولة الاسلامية) لانها قد تجد نفسها متورطة اكثر في المأساة الدائرة على ابوابها الجنوبية".