أثارت المناهج الدراسية أزمة سياسية في مصر، في ظل توصيفها حزب النور السلفي بأنه حزب ديني مخالف للدستور، رغم مشاركته في أحداث الثورة وكتابة الدستور.


القاهرة: في خطوة أثارت الكثير من الجدل في مصر، ومع بدء العام الدراسي، ضمنت وزارة التربية والتعليم بعضًا من أحداث ثورة 30 يونيو، التي تدخل الجيش فيها وعزل الرئيس الإسلامي محمد مرسي عن الحكم. وأثارت بعض فقرات كتاب التاريخ للثانوية العامة حفيظة القوى السياسية، لاسيما حزب النور، الذراع السياسية للدعوة السلفية.

وخصص الكتاب الفصل الثامن لتناول ثورتي 25 يناير و30 يونيو، وورد فيه تحت عنوان "تطور وقائع ثورة 25 يناير 2011" بالصفحة 162: "تصدرت الجماعات الإسلامية المشهد وأظهروا أنفسهم أمام الناس بأنهم مفجرو الثورة، وهو ما ساعد على صعودهم والسماح لهم بتكوين أحزاب سياسية مثل الحرية والعدالة وحزب النور وحزب الإصلاح، رغم مخالفة ذلك للدستور، وللمادة 8 من قانون الأحزاب التي تحظر قيام أحزاب على أسس دينية بشكل مباشر أو غير مباشر، وبدأ التيار الإسلامي يتفوق على ما عداه من التيارات السياسية الأخرى التي تعبر عن المجتمع المدني".

اعتراض النور

انتقد الكتاب التيار الإسلامي بشدة في مرحلة ما بعد ثورة 25 يناير، وقال: "شد من أزر التيار الإسلامي أن اللجنة التي عهد إليها بالنظر في تعديل بعض مواد الدستور وإصدار إعلان دستوري موقت سيطر عليها مفكرون إسلاميون.

وعندما طرحت التعديلات للاستفتاء العام في 19 آذار (مارس) 2011، طافت الأحزاب القائمة على أساس ديني، على الجماهير تدعوهم لقول "نعم" وإيهامهم أن ذلك لصالح الإسلام، فلما جاءت نتيجة الاستفتاء بنعم اعتبرته تلك الجماعات نصرًا مؤزرًا".

وهاجم حزب النور السلفي وزير التعليم بسبب تضمين كتاب التاريخ للثانوية العامة عبارة أنه حزب ديني مخالف للدستور. وقال الدكتور يونس مخيون، رئيس الحزب، إن تعمد وزارة التعليم الإساءة لحزب النور في مناهجها الدراسية واتهامه بأنه حزب باطل يعد تطاولًا وإهانة للقضاء الذي وافق على إنشاء الحزب.

وأضاف: "وزير التعليم نصَّب نفسه قاضيًا يحكم كيفما يشاء حسب أهوائه الشخصية"، محذرًا من أن استمرار الحكومة في الإساءة إلى حزب النور سيؤدي إلى زيادة الاحتقان والانقسامات. ولفت إلى أن اللجنة القانونية للحزب ستتخذ جميع الإجراءات القانونية ضد وزارة التعليم.

فرصة للتصحيح

وقال الدكتور شعبان عبد العليم، القيادي بالحزب، لـ"إيلاف" إن الحزب سيتخذ موقفًا مما حدث بعد العيد، نافيًا أن تكون هناك إجراءات قانونية عاجلة في المرحلة الراهنة. وأضاف أن الحزب منح وزارة التربية والتعليم الفرصة لتصحيح ذلك الخطأ. ووضع معلومات خاطئة في مناهج التعليم يشير إلى أن واضعي تلك المناهج لا يتمتعون بالمصداقية الكافية.

واعتبر محمد صلاح خليفة، عضو اللجنة الإعلامية للحزب، أن خارطة الطريق وما تلاها من استحقاقات باطلة، إذا كان حزب النور مخالفا للدستور، وقال في تصريح له: "إذا كان حزب النور، وفق توصيف وزارة التربية والتعليم، نشأ مخالفًا للقانون والدستور، كونه حزبًا دينيًا، فهل يصح أن نقول كنتيجة لهذه المقدمة إن خارطة الطريق وما تلاها من استحقاقات، خاصة لجنة الـ50 التي شارك فيها الحزب بعضوين، لكتابة دستور 2014، وكذلك اﻻنتخابات الرئاسية الماضية والنيابية المقبلة، باطلة، لمشاركة حزب باطل ومخالف للدستور فيها؟".

أضاف خليفة: "من هنا ندرك ببساطة حجم الخطيئة الكبرى التي ارتكبها واضعو هذا المنهج في حق هذا الوطن المكلوم، والذي يسعى بعض مواطنيه، وللأسف ممن هم في مواقع المسؤولية لتقويض أسسه الدستورية".

شماتة الاخوان

وعدت وزارة التربية والتعليم بتشكيل لجنة لمراجعة المناهج، وتعديل الأخطاء. وقال الدكتور هاني كمال، المتحدث باسم الوزارة، أن الوزير محمود أبو النصر، لا يتدخل في وضع المناهج، مشيرًا إلى أن المناهج يضعها الخبراء والمؤرخون. ولفت إلى أن الوزير أصدر قرارًا بتشكيل لجنتين لدراسة دور حركة تمرد ودور حزب النور في ثورة 30 يونيو، ونوه بأنه سيتم تعديل المنهج فور إثبات أن حزب النور ليس حزبًا دينيًا.

وأثارت أزمة حزب النور السلفي شماتة جماعة الإخوان المسلمين، لا سيما أن السلفيين أيدوا عزل الرئيس السابق محمد مرسي، في 3 تموز (يوليو) 2013، وهو الحدث الذي تعتبره الجماعة "إنقلابًا عسكريًا". واعتبرت الجماعة أن الإنقلاب يتخلص من أعوانه، "والسلطة الحالية تتعامل بمقولة من أعان ظالمًا على ظلمه سلطه عليه، فبعد مسيرة من الانبطاح والمشاركة في 30 يونيو، انقلب النظام الحالي على حلفائه من الشباب والأحزاب والإسلاميين.

وأضافت أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي سجن كثيرًا ممن شاركوا في الانقلاب، ووفروا غطاء شبابيًا أو ثوريًا، ومنع كثيرًا من السلفيين وأعضاء حزب النور من الخطابة، ولم يتوقف عن تهديداته عبر وسطاء والشخصيات المقربة من القيادات بضرورة حل حزب النور.