شنت القوات الموالية للواء حفتر الأربعاء هجومًا جديدًا في محاولة لاستعادة بنغازي التي سقطت بأيدي ميليشيات إسلامية وخصوصًا "أنصار الشريعة". واعتبر حفتر أن معركة تحرير بنغازي هي المرحلة الاستراتيجية الأهم في معركة الجيش ضد الإرهاب، وأنه سيعلن انتهاء خدمته العسكرية عقب إنجاز تحرير المدينة.


بنغازي: سمعت طلقات نارية ودوي انفجارات في انحاء عدة من مدينة بنغازي صباح الاربعاء. يأتي الاعلان عن الهجوم الجديد بعد ستة اشهر من بدء حفتر عملية عسكرية ضد المجموعات الاسلامية المسلحة التي وصفها بـ"الإرهابية".

وتشهد مدينه بنغازي منذ سقوط نظام معمر القذافي في العام 2011 انفلاتًا أمنيًا واسع النطاق وعنفًا مستمرًا، يتجلى في عمليات خطف وتفجير واغتيال تطاول عناصر الجيش والشرطة واعلاميين وسياسيين ورجال دين وناشطين.

بوابة للتحرير الكامل
وقال حفتر، في بيان بثته قنوات ليبية موالية، ان "تحرير مدينة بنغازي واستقرارها هي المرحلة الاستراتيجية الأهم في معركة الجيش ضد الإرهاب، لأنها ستفتح الباب أمام تحرير كل ربوع الوطن من الإرهابيين العابثين باستقراره وأمنه ووحدته".

واكد شهود عيان ان دبابات هاجمت مقر "كتيبة 17 فبراير" الميليشيا الاسلامية، في حين شنت مقاتلات تابعة لحفتر غارات على مقر الكتيبة الواقع في غرب المدينة. والعملية التي بدأها اللواء المتقاعد المثير للجدل، الذي شارك في الانتفاضة ضد النظام السابق، لم تحقق كثيرا من النجاح .

بل على العكس من ذلك، فقد طردت قواته من بنغازي ميليشيات اسلامية، ضمنها انصار الشريعة، التي تصنفها واشنطن منظمة "ارهابية". وشكلت المجموعات الاسلامية "مجلس شورى ثوار بنغازي"، الذي يجمع بين المتطرفين، وآخرين اكثر اعتدالًا. ومنذ ذلك الحين، تدور معارك دامية بشكل شبه يومي بين الطرفين اوقعت حوالى خمسين قتيلا في الاسبوع الماضي.

وتدافع قوات حفتر منذ اسابيع عدة عن مطار بنغازي، اخر معاقلها منذ فقدت سيطرتها على قواعد عسكرية مهمة. وقتل سبعة جنود الثلاثاء بانفجار سيارة مفخخة قرب المطار، بحسب متحدث باسم القوات الموالية لحفتر. وقد أكد حفتر أن "الساعات والأيام المقبلة ستكون صعبة على الليبيين (...) لكنه لا بد من ذلك لكي نعيد الأمن والأمان".

التقاعد بعد التحرير
قال اللواء خليفة حفتر إنه سيعلن انتهاء خدمته العسكرية عقب خوضه معركة تحرير بنغازي، جاء ذلك خلال كلمة لحفتر بثتها قناة «ليبيا أولا» مساء أمس الثلاثاء. وأوضح حفتر أن «عملية الكرامة»، التي يقودها، بدأت عقب تزايد عمليات الاغتيال في صفوف رجال الجيش والشرطة والقضاء والإعلام، وأنها تزامنت مع قرارات مشبوهة من السلطة القائمة حينها بتسريح ضباط الجيش والشرطة تحت دعوى العزل السياسي والإحالة للتقاعد و«الأزلام»، وهو الأمر الذي نتج منه إضعاف الجيش ومنعه من الدفاع عن الوطن، ومنع قيام قوة عسكرية محترفة للدولة، في مقابل تشكيل كتائب مسلحة شوهت صورة الثوار أمام العالم وصرفت عليها مليارات من دون أن تساهم في بناء جيش حقيقي، بحسب حفتر.
&
وتابع: «كان الهدف من ذلك كسر الروح المعنوية للجيش والجنود النظاميين، بهدف تشكيل كتائب لا تخدم المصلحة الوطنية، أمام ذلك وبعد التأكد من تواطؤ بعض عناصر السلطة القائمة آنذاك، لم أجد ورفاقي بديلاً من امتشاق السلاح لخوض المعركة دفاعًا عن الشعب ومقدراته». وأضاف قوله: «لم يكن خافيًا على أحد الثمن الذي سندفعه للدفاع عن الوطن... إن تلك العمليات التي خضناها بعدد قليل من الرجال يعجز اللسان عن وصف شجاعتهم ،واجهوا العصابات بشجاعة... فقدنا العديد من الشهداء».
&
إرهاب المنطقة واحد
وأشار إلى أن «ما يحدث في البلاد هو جزء من أزمة للإرهابيين في المنطقة من الجزائر غربًا إلى سوريا، والعراق شرقًا، مدعومين من دول كنا نعتقد أنها صديقة، وتأكد لنا أننا نخوض معركة ضد الإرهاب الدولي وإرهابيين تم جلبهم من دول عدة».
&
وأكد حفتر أنهم استطاعوا حشد وتنظيم تسليح قطاعات جديدة في الجيش الليبي لم تكن متاحة، واستطعنا من خلال العمليات الاستخباراتية جمع الكثير من المعلومات عن تلك العصابات الإرهابية وألحقنا بهم خسائر في الأفراد والأسلحة والمعدات، وقبضنا على عدد منهم سيحولون للقضاء قريبًا... وشكلنا تحديًا حقيقيًا لتلك العصابات الإرهابية التي شكلت تحديًا للدولة الليبية».
&
وتابع: «تفخر قواتكم المسلحة بأن جهودها خلقت مناخًا آمنًا في المنطقة الشرقية خاصة المرج والبيضاء وطبرق... وكنا سببًا في توحيد الجيش الليبي تحت رئاسة أركان حقيقية... على الرغم من الجهود والتضحيات التي بذلت، إلا أن أمامنا المزيد من العمل والأهداف التي لم نصل إليها بعد». وأردف: «اليوم أنقل لكم أن رجال الكرامة قد صاروا جاهزين لتحرير بنغازي من الإرهابيين، ونحن لن نسمح بأن تذهب دماؤهم هباء، وسنعمل على أن يلقى المجرمون جزاءهم في بنغازي مهد الثورة... وسنعمل على إعادة الانضباط في بيوتها وشوارعها».
&
وأضاف بقوله: «بعد تحرير بنغازي إن شاء الله سيصبح من الضروري عودة الجنود إلى معسكراتهم حسب الترتيبات التي تقرها رئاسة الأركان... ومن حق رجال الكرامة أن يلقوا الاحترام من الشعب الليبي». واعتبر حفتر أن معركة الكرامة هي أشرف ختام لحياته العسكرية، وأنه آن له أن يستريح ويسلم قيادة المعركة لأبنائه من الجيش الليبي، مؤكدًا أن الساعات المقبلة ستكون قاسية وصعبة، متابعًا: «لكن نبشّركم بقرب عودة الحياة إلى طبيعتها، لتنعموا كما اعتاد الشعب الليبي بحياة كريمة، فمن أجل ليبيا علينا أن نواجه بجسارة عدونا اليوم، وأن نبني وطننا حرًا مستقرًا».

إحياء الأمن الذاتي
كما دعا احد المتحدثين باسمه الشبان في بنغازي الى ضمان امن احيائهم وعدم السماح للاسلاميين بدخولها. ويستند اللواء حفتر الذي يتهمه خصومه باغتنام الفوضى التي تغرق فيها ليبيا للقيام بانقلاب، الى عدد من الضباط السابقين في الجيش وكتائب اخرى في شرق البلاد، بينها القوات الخاصة والقوات الجوية.

وللمرة الاولى، اكد حفتر انه "سيعلن انتهاء خدمته العسكرية عقب خوضه معركة تحرير بنغازي" بعدما كان يعتمد الغموض حول نواياه الحقيقية. الا انه لم يوضح ما اذا كان يسعى الى دخول المعترك السياسي. يذكر ان السلطات الانتقالية كانت ادانت عملية حفتر& في اول الامر، لكنها باتت متهمة من قبل معارضيها بانها متواطئة معه خصوصا بعد خسارتها طرابلس.

وتفرض مجموعة من الميليشيات، وخصوصًا الاسلامية منها، وميليشيا مصراتة (شرق العاصمة) سيطرتها على العاصمة منذ اب/اغسطس الماضي في ختام اسابيع من المعارك مع ميليشيات اخرى مؤيدة للحكومة، وخصوصا ميليشيا الزتنان (غرب طرابلس). وشكلت الميليشيات المنضوية تحت لواء "فجر ليبيا" حكومة ظل في العاصمة.

وقد اضطرت حكومة عبد الله الثني والبرلمان، اللذين تعترف بهما الاسرة الدولية، الى الانتقال الى اقصى الشرق الليبي الخاضع لسيطرة قوات حفتر هربا من الميليشيات. ووعد حفتر باعادة السلام والامن الى بنغازي، التي هجرها الدبلوماسيون، الذين تعرضوا لهجمات دامية منذ العام 2011. واخطرها الهجوم الذي تعرّضت له القنصلية الاميركية في ايلول/سبتمبر 2012 وادى الى مقتل السفير وثلاثة اميركيين اخرين.
&