دونتسك: تواصلت المعارك العنيفة السبت في اوكرانيا حيث قتل سبعة جنود اوكرانيين عشية انتخابات ينظمها المتمردون الموالون لروسيا في شرق البلاد بدعم من الكرملين لتكريس انفصالهم عن كييف رغم تحذيرات الغربيين.

وقال رومان لياغيون رئيس اللجنة الانتخابية التي شكلتها "جمهورية دونيتسك" المعلنة من جانب واحد الجمعة ان "هذه الانتخابات ستعطي شرعية لسلطتنا وستبعدنا اكثر عن كييف".

وقد اعلنت دونيتسك ولوغانسك، المنطقتان في حوض دونباس المنجمي في شرق اوكرانيا، استقلاليهما من جانب واحد في نيسان/ابريل الماضي ما ادى الى نزاع دموي مع السلطات الاوكرانية اوقع اكثر من اربعة الاف قتيل بينهم 300 في الايام العشرة الماضية بحسب الامم المتحدة رغم وقف اطلاق النار الذي اعلن في مطلع ايلول/سبتمبر وينتهك بانتظام.

والسبت تواصلت المعارك في هاتين المنطقتين. واعلنت السلطات الاوكرانية في بادىء الامر مقتل ستة جنود خلال 24 ساعة احدهم في مطار دونيتسك الذي لا يزال الطرفان يتقاتلان للسيطرة عليه.

ثم ارتفعت الحصيلة بعد الظهر حيث قتل جندي سابع واصيب ستة اخرون في المنطقتين.

وفي هذه الاجواء المتوترة تبدو الاستعدادات للانتخابات محدودة. وفي حي كييفسكي في دونيتسك قرب المطار، لم يتمكن عسكريون ردا على اسئلة وكالة فرانس برس من تحديد موقع مكاتب الاقتراع القريبة.

وفي سوق مجاورة كان بعض السكان يقومون بمشترياتهم ولم يكن لديهم فكرة ايضا عن مكان مكاتب الاقتراع. وقال بعض البائعين انهم غير مستعدين للتوجه الى صناديق الاقتراع.

وقالت فيرا (45 عاما) "سنصوت ضد كييف، ضد الفاشيين".

لكن هذه الحماسة ليست لدى الجميع. وقالت ليوبوف جورجييفنا المعلمة المتقاعدة "لن اذهب للتصويت، هذا الامر لن يغير شيئا" مشيرة الى كثافة القصف ليلا.

واستمر القصف طوال ليل السبت تقريبا في محيط المطار وتواصل صباحا بحسب مراسلي وكالة فرانس برس.

وفي لوغانسك المجاورة اطلق المتمردون النيران على عدة بلدات بكثافة كما اعلن حاكم المنطقة الموالي لكييف.

وصباح السبت بدأ الانفصاليون بالقصف على بلدة كريمسك الواقعة على بعد حوالى 40 كلم من لوغانسك والتي انسحب منها الجيش الاوكراني كما اضاف المصدر نفسه.

ونتائج الانتخابات ليست موضع شك. وقال "رئيس الوزراء" في "جمهورية دونيتسك الشعبية" الكسندر زخاراتشنكو الواثق من الفوز ان "الانتخابات ستتيح تشكيل حكومة شرعية"، بينما سيتم في لوغانسك المعقل الاخر للانفصاليين ومقر "جمهورية لوغانسك الشعبية"، تثبيت "الرئيس" ايغور بلوتنيتسكي في منصبه.

وكل المرشحين يدافعون عن النهج نفسه: الاستقلال عن اوكرانيا والتقارب مع روسيا.

وعدد الناخبين غير اكيد: من اصل حوالى خمسة ملايين ناخب مسجلين على اللوائح الانتخابية الاوكرانية قبل النزاع، هناك كثيرون غادروا المنطقة بسبب المعارك.

واعلنت سلطات دونيتسك المعلنة من جانب واحد انه تم طبع حوالى ثلاثة ملايين بطاقة اقتراع وان حوالى 34 الف شخص ادلوا باصواتهم عبر الانترنت.

وروسيا التي تتهمها كييف والغربيون بدعم الانفصاليين عسكريا، اعلنت هذا الاسبوع انها ستعترف بنتائج الانتخابات التي لن تقر بها اية منظمة دولية.

وهذا الاعلان واجه انتقادات شديدة من قبل كييف وبروكسل وواشنطن.

وقال مجلس الامن القومي الاميركي الجمعة ان هذه الانتخابات اذا حصلت "ستنتهك الدستور وقوانين اوكرانيا وكذلك اتفاق وقف اطلاق النار الموقع في 5 ايلول/سبتمبر في مينسك".

كما دعت المستشارة الالمانية انغيلا ميركل والرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند والرئيس الاوكراني بترو بوروشنكو الرئيس فلاديمير بوتين الى عدم الاعتراف بهذه الانتخابات.

من جهته، حمل الرئيس الاوكراني بعنف على "الانتخابات الوهمية التي يريد الارهابيون وقطاع الطرق تنظيمها في الاراضي المحتلة".

وقد تسبب النزاع في اوكرانيا مع الاطاحة بالرئيس الموالي لروسيا فيكتور يانوكوفيتش في شباط/فبراير ثم ضم موسكو شبه جزيرة القرم والنزاع المسلح في الشرق، في اسوأ ازمة بين روسيا والبلدان الغربية منذ نهاية الحرب الباردة.

ودعت كييف في المقابل سكان حوض دونباس الى عدم المشاركة في الانتخابات متحدثة عن مخاطر وقوع "استفزازات" تؤدي الى سقوط ضحايا.

وقال ماركيان لوبكيفسكي المسؤول الكبير في اجهزة الاستخبارات الاوكرانية "يجري التحضير لاستفزازات خطيرة لكي يتم اتهام بها السلطة الاوكرانية".

ورغم انتخابات الانفصاليين، بدأ الافق الاقتصادي للسلطات الاوكرانية يتبلور.

فبعد اكثر من اربعة اشهر من النزاع وقعت اوكرانيا وروسيا والاتحاد الاوروبي مساء الخميس في بروكسل اتفاقا مؤقتا لاستئناف امداد الغاز الروسي لكييف اثناء فصل الشتاء مع تامين عبوره ايضا الى اوروبا، وهو ما وصفته واشنطن ب "المرحلة الايجابية".

وبموجب الاتفاق فان شركة الغاز الروسية العملاقة غازبروم ستستانف امداداتها من الغاز الى اوكرانيا المعلقة منذ حزيران/يونيو، حال بدء كييف تسديد ديونها البالغة 3,1 مليارات دولار.