يسعى الرئيس العراقي، فؤاد معصوم، إلى إنهاء القطيعة بين العراق والسعودية والبدء بمرحلة تعاون حقيقية في مختلف المجالات تطوي صفحة الاتهامات المتبادلة التي طبعت المرحلة السابقة، وذلك بزيارة إلى الرياض لتعزيز العلاقات السياسية ووضع أسس لتعاون مشترك في مواجهة الإرهاب، وقد يتوسط خلالها للعفو عن رجل الدين الشيعي السعودي المحكوم بالاعدام الشيخ نمر باقر النمر بتهمة التحريض ضد نظام الحكم والدعوة للتمرد.&

&لندن:&يستهل معصوم حاليًا زيارته المرتقبة القريبة إلى الرياض بلقاءات تمهيدية مع كبار المسؤولين العراقيين والمراجع الشيعية في البلاد تتناول ملف مباحثاته مع كبار المسؤولين السعوديين يتقدمهم العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز.
&
وخلال لقاء مع رئيس الوزراء حيدر العبادي أمس السبت، فقد بحث معصوم آخر التطورات السياسية في البلاد والقضايا العالقة مع إقليم كردستان وضرورة حلها إلى جانب الموضوعات التي سيناقشها في الرياض خلال زيارته المرتقبة اليها قريبا، كما قال بيان صحافي لمكتب العبادي اطلعت على نصه "ايلاف" من دون أن يعطي توضيحات أخرى حول الزيارة.&
&
وكان العبادي اعلن لدى تسلمه رئاسة الحكومة العراقية الجديدة في ايلول (سبتمبر) الماضي أنه سيعمل على تصفير المشاكل مع جميع دول الجوار العراقي، وفي مقدمتها دول الخليج العربية.&
&
كما سيلتقي الرئيس معصوم في مدينة النجف (160 كم جنوب بغداد) غدًا الاثنين مع المرجع الشيعي الاعلى في البلاد السيد علي السيستاني قبل زيارته المرتقبة الى السعودية.&وقالت صحيفة "الصباح" العراقية الحكومية اليوم إن "رئيس الجمهورية فؤاد معصوم سيزور غداً الاثنين النجف الاشرف"، مبينة أن مصادرها أكدت أن "الزيارة تتضمن لقاء معصوم بمراجع الدين الكبار، وعلى رأسهم آية الله العظمى السيد علي السيستاني لمناقشة الاوضاع السياسية في البلاد وسبل تجاوز الازمات التي تواجهها".&
&
وقالت إن "الزيارة تأتي قبل توجه معصوم الى الرياض لزيارة المملكة العربية السعودية ولقاء كبار المسؤولين فيها .
&
وساطة للعفو عن الشيخ النمر
&
ويأتي لقاء النجف المرتقب وسط معلومات اشارت الى أن المرجع السيستاني قد طلب من معصوم التوسط لدى القيادة السعودية للعفو عن رجل الدين الشيعي السعودي الشيخ نمر باقر النمر الذي حكمت عليه محكمة سعودية مؤخراً بالاعدام، حيث ترشح مصادر عراقية أن يثير الرئيس معصوم الامر خلال اجتماعه المنتظر مع العاهل السعودي. &&
&
وقد اثار حكم المحكمة الجزائية المتخصصة في الرياض مؤخرًا بالقتل "تعزيراً" بحق النمر بتهمة التحريض على نظام الحكم هناك والدعوة إلى التمرد، ردود فعل في الشارع العراقي تمثلت برفض سياسيين ووزراء للحكم واعتباره ترسيخاً للطائفية.&وكان وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري قد اشار خلال مؤتمر صحافي مؤخراً الى&أن العراق ينوي التحرك باتجاه السعودية في ملف حكم الإعدام بحق النمر املاً أن تثمر جهود بلاده بهذا الصدد. كما حذرت مليشيات عراقية عدة مقربة من إيران ومنها &كتائب حزب الله العراقي السعودية من مغبة إعدام النمر وهددت بقتل أسرى سعوديين لديها في حال نُفذ الحكم، كما قالت.
&
واعلن اليوم أن المرجع السيستاني قدم تعازيه بضحايا الهجوم المسلح على المصلين في حسينية بمدينة الاحساء في السعودية الاسبوع الماضي. وقال السيستاني في بيان تعزيته مخاطباً أهالي الاحساء: "عظم الله اجوركم واجورنا بمصاب سيدنا وامامنا ابي عبدالله الحسين صلوات الله عليه فإن الاعتداء الآثم الذي تعرض له جموع اخواننا المشاركين في عزاء السبط الشهيد عليه السلام في حسينية المصطفى ببلدة الدالوة واودى بحياة جمع وجُرح فيه آخرون قد اوجع القلوب واحزن النفوس فانا لله وانا اليه راجعون".
&
وأضاف المالسيستاني قائلاً "اننا اذ نعزيكم ونواسيكم في هذا المصاب الجلل نسأل الله العلي القدير أن يحشر الضحايا الاعزاء مع شهداء الطف (ع) ويلهم ذويهم الصبر والسلوان ويمن على الجرحى بالشفاء العاجل انه سميع مجيب ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم".
&
أمن الحدود وتطوير العلاقات السياسية والاقتصادية على جدول المباحثات
&
واضافة الى ذلك ينتظر أن تتناول المباحثات العراقية السعودية الاوضاع الامنية في المنطقة وتعزيز امن الحدود المشتركة والحرب ضد تنظيم الدولة الاسلامية "داعش" والدعم الدولي لهذه الحرب، اضافة الى العلاقات السياسية والامنية والتجارية بين البلدين. وكانت محافظات عراقية جنوبية قد اعلنت قبل اشهر مقاطعتها للبضائع السعودية بمزاعم روجت لها احزاب سياسية مرتبطة بإيران عن تشجيع الرياض للأعمال الإرهابية في العراق.
&
ومنذ تولي العبادي رئاسة الحكومة العراقية في ايلول الماضي، تشهد العلاقات العراقية الخليجية وخاصة مع السعودية انفتاحًا ملحوظًا، حيث سبق للجعفري أن شارك في المؤتمر الدولي لمواجهة تنظيم الدولة الاسلامية الذي عقد في مدينة جدة السعودية، كما اعلن رئيس مجلس النواب العراقي سليم الجبوري مؤخرًا قبوله دعوة رسمية لزيارة السعودية وجهها له رئيس مجلس الشورى بالمملكة العربية السعودية عبدالله بن محمد بن إبراهيم ال الشيخ.
&
وقد اكد الجبوري تلبيته للدعوة على أن يتم تحديد موعدها في الفترة المقبلة، حيث ينتظر أن تتناول مباحثاته مع كبار المسؤولين السعوديين اعادة العلاقات بين البلدين الى طبيعتها وفتح السفارة السعودية في العراق والتعاون في المجالات السياسية والأمنية ومواجهة الإرهاب.
&
وسبق للجعفري أن قال في 12 ايلول (سبتمبر) الماضي أن نظيره السعودي سعود الفيصل قد اكد له قرب فتح سفارة بلاده في بغداد، واشار الى أنه ابلغ ممثلي دول المنطقة أن الحكومة العراقية الجديدة عازمة على فتح صفحة تعاون جديدة معها تتجاوز الماضي.
&
وقال الجعفري اثر مشاركته في مُؤتمَر جدّة لبحث سُبُل مكافحة الإرهاب تلبية لدعوة وزير الخارجيّة السعوديِّ الأمير سعود الفيصل إن المسؤول السعودي قد ابلغه عزم بلاده على فتح سفارتها في بغداد، &وانه "لا يُوجَد لديهم أيُّ تردُّد في فتح السفارة، وكذلك بقيّة الدول العربيّة التي ليست لديها سفارات".
&
يذكر أن العلاقات السعودية العراقية شهدت توترًا خلال فترة ترؤس المالكي للحكومة العراقية، حيث دأب وقادة ائتلافه دولة القانون كيل الاتهامات الى السعودية بدعم الارهاب في العراق وتسهيل دخول مسلحي التنظيمات الارهابية الى اراضيه، وهو الامر الذي نفته الرياض بشدة مؤكدة انخراطها في الجهود الدولية لمكافحة الارهاب. ولذلك فقد تأخر افتتاح السفارة السعودية في العراق وتعيين سفير مقيم فيها حيث يقوم بمهامه السفير السعودي في الاردن، مما اعاق تقدم وتطور العلاقات بين البلدين منذ سقوط النظام العراقي السابق عام 2003.