طرابلس: انفجرت سيارتان مفخختان بالقرب من سفارتي مصر والامارات العربية المتحدة المغلقتين الخميس في طرابلس التي يسيطر عليها مسلحون في ظل موجة من اعمال العنف المستمرة في ليبيا منذ الاطاحة بنظام معمر القذافي في 2011.

واعلنت وكالة الانباء الليبية الرسمية (لانا) ان اثنين من حراس السفارة المصرية اصيبا بجروح طفيفة، بينما قال مسؤول في جهاز الأمن الدبلوماسي الليبي إن اثنين من عناصر الجهاز أصيبا في الانفجارين. وقال مراسل لوكالة فرانس برس ان السيارة المفخخة كانت مركونة في موقف قريب من سفارة مصر في حي الضهرة (شمال) موضحا ان الانفجار ادى الى تحطم زجاج المبنى والحق اضرارا بالسيارات المتوقفة بالقرب منه.

وبعد دقائق انفجرت سيارة مفخخة ثانية امام سفارة الامارات العربية المتحدة في حي قرقارش في طرابلس، كما اضافت الوكالة الليبية الرسمية التي اوضحت ان التفجير لم يسفر عن اصابات. لكن في الامارات، قال مسؤول طلب عدم كشف هويته ان سفارة بلاده في طرابلس استهدفت "بانفجار كبير" في وقت مبكر من صباح الخميس، مشيرا الى ان ثلاثة اشخاص غير اماراتيين يتولون الامن، جرحوا في الخارج. وسفارة مصر في طرابلس مغلقة منذ شباط/فبراير، بينما اغلقت سفارة الامارات في ايار/مايو.

ويسيطر تحالف من الميليشيات، ومعظمها اسلامية، تحمل اسم فجر ليبيا منذ نهاية آب/اغسطس، على طرابلس وجزء كبير من غرب ليبيا بعدما طرد خصومه على اثر معارك طاحنة. وفر البرلمان والحكومة المعترف بهما دوليا من العاصمة الى شرق البلاد. وكان تحالف فجر ليبيا اتهم الامارات ومصر المعاديتين للاسلاميين، بشن غارات جوية في آب/اغسطس على قواته التي كانت تخوض معركة حينذاك للسيطرة على طرابلس.

واكدت الولايات المحتدة الغارات، التي رأت الدول الغربية انها تساهم في تأجيج التوتر في ليبيا الغارقة في الفوضى. ونفت مصر "اي تورط مباشر" في هذه العملية، بينما التزمت الامارات الصمت حول مشاركتها في الغارات.

ورأى مسؤول اماراتي الخميس ان الانفجارين اللذين استهدفا الخميس سفارتي الامارات ومصر يؤكدان انتشار "حالة الفوضى"، محذرا من عواقب استمرار سيطرة الميليشيات الاسلامية على العاصمة الليبية. وقال المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن اسمه لوكالة فرانس برس ان "الوضع المضطرب الذي نشهده سيذهب الى الى مزيد من التدهور اذا ما استمرت الميليشيات المتطرفة بالسيطرة على العاصمة الليبية".

واعتبر المسؤول الاماراتي ان هذا التطور في ليبيا يظهر "ضرورة التوصل الى حل سياسي يدعم المؤسسات الشرعية في ليبيا لاسيما البرلمان" المعترف به من قبل المجتمع الدولي. وانتقلت الحكومة والبرلمان المعترف بهما دوليا من طرابلس الى مناطق في الشرق.

وقال مسؤول جهاز الأمن الدبلوماسي الليبي الذي طلب عدم ذكر اسمه إن الجهاز بدأ مع الجهات ذات العلاقة في التحقيقات الأولية لمعرفة ملابسات الحادثين والجهات التي تقف خلفهما، موضحا ان أجهزة الأمن باشرت جمع أقوال شهود العيان وتقوم بمراجعة أشرطة الفيديو التي سجلتها كاميرات المراقبة الموضوعة على مقري السفارتين. واضاف إن "هذه ليست المرة الأولى التي تستهدف فيها سفارات هذين البلدين الشقيقين (...) نظرا الى الاتهام الدائم والمتواصل بدعم هذين البلدين لقوات اللواء المتقاعد من الجيش الليبي خليفة حفتر" الذي يخوض حربا ضد المليشيات الإسلامية.

وأشار إلى أن مجموعات الثوار المسلحين يتهمون مصر والامارات بتزويد قوات حفتر بالعتاد والأسلحة والمشاركة في القتال بمقاتلات بعيدة المدى قالوا إنها أغارت على مواقع لهم في أماكن متفرقة من غرب وشرق ليبيا. لكن هذين البلدين إضافة إلى قوات حفتر والسلطات الليبية نفوا جميعا هذه التهم. وفي أول رد فعل رسمي، دانت مصر "بكل قوة" التفجير الذي وصفته بانه "انتهاك سافر للقوانين والاعراف الدولية".

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية السفير بدر عبد العاطي في بيان صحفي ان التفجير "يمثل انتهاكا سافرا للقوانين والأعراف الدولية وحرمة مقار البعثات الدبلوماسية ويسيء الى العلاقات التاريخية وروابط الدم التي تجمع بين مصر وليبيا وشعبيهما الشقيقين". كما دان عبد العاطي في الوقت عينه "بأشد العبارات" سلسلة التفجيرات الأخيرة التي استهدفت سفارات أخرى ومنشآت ليبية عامة "سواء في طرابلس أو طبرق أو البيضاء" على مدار اليومين الماضيين.

وكان ستة أشخاص بينهم خمسة جنود قتلوا وأصيب 26 شخصا على الاقل بجروح متفاوتة الخطورة في هجوم انتحاري الاربعاء في مدينة طبرق، حيث المقر المؤقت للبرلمان الليبي، وفي تفجير آخر وقع أمام قاعدة الابرق الجوية بشرق ليبيا، حسب مصادر طبية وامنية. واشار عبد العاطي الى ان "التفجيرات تثير كذلك الشكوك حول دعاوى البعض من جدوى الحوار السياسي والوطني مع جماعات ظلامية ارهابية ترفض تسليم السلاح ونبذ العنف والارهاب لضمان خروج هذا الحوار بالنتائج المرجوة".

وتابع أن "هذه التفجيرات تؤكد سلامة الطرح المصري بضرورة الالتزام بالضوابط المنصوص عليها في مبادرة دول الجوار الجغرافي لليبيا" والتي تم تبنيها في القاهرة في 25 اب/أغسطس الماضي. وكان الاجتماع الوزاري لدول جوار ليبيا تبنى مبادرة تضمنت خصوصا تنازل جميع الميليشيات والعناصر المسلحة وفق نهج متدرج المراحل ومتزامن من حيث التوقيت عن السلاح والخيار العسكري في اطار اتفاق سياسي بين كل الفرقاء التي تنبذ العنف ووفق آلية مستقلة تعمل برعاية اقليمية من دول الجوار ومساندة دولية.

كما أكد ضرورة التزام الأطراف الخارجية بالامتناع عن توريد وتزويد الأطراف غير الشرعية بالسلاح بأنواعه كافة وتعزيز المراقبة على جميع المنافذ البحرية والجوية والبرية الليبية لتحقيق هذا الهدف وعدم السماح باستيراد أي نوع من الأسلحة إلا بناء على طلب من الدولة الليبية وبعد موافقة لجنة العقوبات التابعة لمجلس الأمن. وتجتاح البلاد موجة من العنف، فيما يواصل الجيش عملياته العسكرية في مدينة بنغازي بهدف "اجتثاث الارهاب".

وفيما يحتد الخلاف السياسي خصوصا مع دعم كل فريق مسلح لحكومة وبرلمان في البلاد، تواصل الامم المتحدة ودول الجوار اتصالاتها مع اطراف النزاع الليبي في محاولة للتوصل الى حل ينهي حالة عدم الاستقرار ودائرة العنف المستمرة منذ الاطاحة بنظام معمر القذافي في 2011.