تتشدّد الدول الأوروبية في التعامل مع مواطنين عائدين من سوريا، لكن الدنمارك تعتمد أسلوبًا اكثر هدوءًا، إذ تساعد "الجهاديين" العائدين على التأقلم في مجتمعهم من جديد بمشورة نفسية مجانية.


بيروت: تقدّم الدنمارك نموذجًا جديدًا في معاملة المقاتلين الذين عادوا من القتال في سوريا والعراق، وهو تقديم الاستشارة النفسية من قبل مختصين ومساعدتهم&في الحصول على وظائف مناسبة، باعتبار أن "التمييز على الأراضي الدنماركية مثله مثل التجنيد لصالح التنظيمات المتشددة".

إعادة دمج

يقدّم المسؤولون في مدينة آرهوس الدنماركية الاستشارة النفسية المجانية للمقاتلين السابقين، فضلًا عن مساعدتهم&في تأمين الوظائف والمدارس والجامعات، انطلاقًا من مبدأ أن تضييق الخناق في ثاني أكبر مدن الدنمارك سيزيد من راديكالية المقاتلين بدلًا من إعادة دمجهم.

لكن& النقاد يقولون&إن الوقت ليس مناسبًا لاعتماد النهج الناعم، لا سيما في الوقت الذي تشير فيه التقارير إلى أن نحو ألفي أوروبي انضموا للقتال مع الجماعات المتشددة في سوريا والعراق، وهم في طريقهم للعودة إلى بلادهم ويحملون الكثير من العنف والتطرف.

عقوبة ووقاية

أما المسؤولون في آرهوس الدنماركية فاعتبروا أن على الحكومة أن توازن بين العقوبة والوقاية، لأن العزلة وعدم الاندماج في المجتمع يعزّز التطرف. ويقول يورغن ايلوم، مفوض الشرطة في شرق غوتلاند: "ما نفعله يساعد على منع حدوث الجريمة، البعض يقول خاطئًا إن هذا الاسلوب يسمى النهج الناعم بينما هو في الحقيقة النهج الأصعب".

وفي حين أن عدد المقاتلين الأجانب من الدنمارك منخفض نسبيًا، أي أقل من 100 وفقًا لأرقام العام 2013، إلا أنه واحد من أعلى المعدلات في أوروبا، بعد بلجيكا، ما يحتم على البلاد التعامل مع هذه المشكلة قبل أن يصل الإرهاب إلى حدودها.

وتتم هذه العملية من قبل الشرطة بعد تشكيل "قوة مهام" غالبًا ما تشمل الأصدقاء وأفراد الأسرة. بمساعدة العشرات من الإختصاصيين الاجتماعيين والنفسيين والبلدية والشرطة الإقليمية التي تقدم المشورة والتوجيه، وحتى المساعدة في العثور على الوظائف.

شمال وجنوب

ويعكس هذا النهج الاختلاف بين شمال وجنوب أوروبا بشأن منع الجريمة، إذ يقول ماغنوس رانستورب، الخبير في التطرف الإسلامي في كلية الدفاع الوطني السويدية، إن الجنوب يأخذ موقف أكثر تشددًا بشكل عام. وأضاف: "النهج في شمال أوروبا مختلط يجمع بين العقاب والمساعدة أي تطبيق القانون مع العمل الاجتماعي والوقاية، أما دول خط الجنوب فتعتمد فقط على التدابير العقابية".

يقول ايلوم في هذا السياق: "هذا لا يعني أننا نفرش لهم السجاد، ونرحّب بعودتهم، فبعضهم سافر إلى سوريا لتقديم مساعدات إنسانية، وبالتالي اصبح عرضة للتطرّف، ولا يمكننا أن نسجن الناس فقط لأنهم سافروا إلى سوريا".