تابت: تحت ظلال احدى الاشجار في قرية تابت في شمال دارفور غرب السودان، جلس مدعي جرائم دارفور للاستماع الى نساء القرية حول مزاعم اغتصاب جماعي تتهم قوات الجيش السوداني بارتكابها في الشهر الماضي. ووسط درجات حرارة مرتفعة، كان المدعي العام ياسر احمد محمد يدون اجابات امرأة جلست قبالته، فيما كانت عشر نساء ينتظرن دورهن في الاجابة عن اسئلة المدعي.

وفي ظل ضغوط تعرّضت لها الحكومة السودانية بعد نشر مزاعم اغتصاب 200 امرأة وفتاة من قبل جنود سودانيين في 31 تشرين الاول/اكتوبر الماضي نقلت الحكومة مجموعة من مراسلي وسائل الاعلام الدولية وصحافيين سودانيين ليشهدوا تحقيقاتها. واثناء الزيارة لم يناقش المسؤولون مزاعم الاغتصاب، ولكن الخرطوم كررت نفي هذه الاتهامات، التي تسببت في توتر في العلاقات بين الحكومة السودانية والبعثة المشتركة للامم المتحدة والاتحاد الافريقي لحفظ السلام في دارفور (يوناميد).

وفي القرية عبّر الكثيرون عن دعمهم للجيش، وقالوا انه يحميهم من هجمات المتمردين، الذين يقومون بعمليات بالقرب من القرية. وقال محمدين سرور من سكان القرية وهو يعمل معاونا صحيا فيها لوكالة فرانس برس "العلاقة مع الجيش جيدة كما انهم يساعدون السكان". وتقع تابت في شمال دارفور الاقليم، الذي قتل فيه 300 الف شخص، وفق لتقديرات الامم المتحدة منذ بدء القتال بين مسلحين ينتمون للاقليم والحكومة المركزية في الخرطوم عام 2003 .

ويدعي المسلحون بان حكومة الخرطوم التي يسيطر عليها العرب همشت المجموعات الافريقية في دارفور. وسيطرت قوات المتمردين على تابت منذ عام 2003 على مدى سبع سنوات، حتى طردتهم منها القوات الحكومية عام 2010، واقامت حامية لقواتها الى الشرق من قرية تابت.

وبحسب راديو دبنقا (وهي محطة محلية تبث على شبكة الانترنت) وقعت عمليات الاغتصاب الجماعي عندما فقد اثر احد جنود حامية تابت. وعند وصول الصحافيين الى القرية تحت حراسة قافلة من 40 سيارة عسكرية مكشوفة تحمل جنودا واسلحة ثقيلة كان في انتظارهم 300 شخص للترحيب بالجنود ونفي مزاعم الاغتصاب. وحمل الحاضرون لافتات قماش كتب عليها "نرفض اتهامات الاغتصاب بحق امهاتنا واخواتنا" كما هتفوا "العار العار راديو دبنقا".

وقالت نادية عثمان، البالغة من العمر سبعة وعشرين عاما، انها تعيش في تابت منذ ان ولدت، ورغم انها لم تناقش ادعاءات الاغتصاب مباشرة، لكنها اكدت ان القرية هادئة. وقالت "اثناء ايام الحرب كانت الاوضاع سيئة، ولا نستطيع مغادرة القرية، ولكن الان الاوضاع هادئة". ويتعذر تاكيد وقوع عمليات الاغتصاب من وجهة نظر مستقلة.

ومنعت اليوناميد من الوصول للقرية بوساطة القوات الحكومية في 4 تشرين الثاني/نوفمبر، لكنها عندما دخلت في التاسع منه، اكدت انها لم تجد دليلا على وقوع عمليات اغتصاب جماعي. ولكن تقريرا اخر للبعثة اتهم القوات الحكومية بترهيب مواطني القرية حتى لا يتحدثوا عن الاتهامات. ولاحقا استدعت الخرطوم القائم باعمال رئيس البعثة وطلبت من البعثة اعداد استراتيجية خروج من الاقليم، الذي انتشرت فيه منذ عام 2007، كما رفضت طلب البعثة بزيارة القرية واجراء المزيد من التحقيقات.

واثرت الحادثة على صورة الحكومة السودانية لدى المجتمع الدولي، لا سيما في ظل اصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحق الرئيس السوداني في شباط/فبراير 2009 بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية في دارفور. وفي اجتماع مع دبلوماسيين غربيين الجمعة كرر وكيل وزارة الخارجية السودانية عبد الله الازرق نفي الاتهامات.

واكد الازرق ان خمسة واربعين من جنود حامية الجيش في تابت يعيشون بين سكان القرية وبعضهم متزوج من نساء القرية. وقال الازرق "لا نقول باننا ملائكة، ولكننا متاكدون بنسبة 100% باننا لسنا شياطين".
&