لاغوس: تتراكم المشاكل على كل الجبهات في نيجيريا، بين تمرد بوكو حرام الخارج عن السيطرة وتداعي الاقتصاد ونهب مقار المعارضة، مع اقتراب الاقتراعين الرئاسي والتشريعي في شباط/فبراير 2015.

ويرى الناشط النيجيري في مجال حقوق الانسان كليمان نوانكو ان "الازمة السياسية خطيرة جدا"، والحكومة وهي "على مستوى من الفساد غير مسبوق" فقدت السيطرة على حزبها، وترد بشكل عنيف، حتى ان الوضع يذكر بأحلك ايام نظام الدكتاتور ساني اباشا، الذي قاد نظاما عسكريا عنيفا خلال التسعينيات.

على الصعيد الامني، ما زال الوضع خارجا عن السيطرة في شمال شرق البلاد، حيث استحوذت جماعة بوكو حرام الاسلامية المسلحة على اكثر من عشرين مدينة منذ ربيع 2014، في وجه جيش يفتقر الى التجهيز والعديد، وغالبا ما يتهم بالفرار. وفي هذه الاوضاع المتوترة، اصبح حزب الرئيس غودلاك جوناثن، حزب الشعب الديمقراطي و"المؤتمر التقدمي"، وهو ائتلاف معارض له من اربعة احزاب، لا يترددان في اللجوء الى خطاب حربي.

واعلن جوناثن المسيحي من جنوب البلاد (57 سنة)، الذي يحكم اكبر بلد افريقي من حيث عدد السكان منذ ايار/مايو 2010، ترشحه لولاية ثانية، مثيرًا ازمة داخل حزبه، حيث يقضي العرف بتداول السلطة بين مرشح من الجنوب المسيحي ومسلم من الشمال. ويتخبط حزب الشعب الديمقراطي الحاكم منذ 1999 في ازمة ادت الى استقالة حكام ونواب، بمن فيهم رئيس مجلس النواب امين تمبوال، الذي انضم الى المؤتمر التقدمي، فأصبح الحزب المعارض يشكل خطرا حقيقيا في الانتخابات المقبلة.

ودخل السباق مع جوناثن قياديان مسلمان من الشمال اعلنا ترشحهما الى الانتخابات التمهيدية في المؤتمر التقدمي. وبلغ التوتر الذي اثارته استقالة تمبوال ذروته الخميس الماضي عندما منعته قوات الامن من دخول مقر البرلمان مستخدمة الغازات المسيلة للدموع. كذاك دان المؤتمر التقدمي نهب مقاره في لاغوس الاحد من قبل عناصر امنية "يبدو انهم تحركوا بناء على امر من حاكم الولاية".

واعمال العنف السياسية معهودة في نيجيريا، اذ قتل نحو الف شخص في اعمال عنف بعد انتخابات 2011 رغم انها اعتبرت الاقرب الى الانتخابات العادية منذ نهاية الدكتاتوريات العسكرية في 1999. غير ان تقريرا صدر أخيرا من مجموعة الازمات الدولية توقع ان تكون الانتخابات العامة المقررة في شباط/فبراير 2015 في نيجيريا "متفجرة وعنيفة" نظرا إلى الاجواء السياسية "التي تزداد عنفا".

وقوبلت دعوة احد حكام الولايات، المنتمي الى المؤتمر التقدمي، الى قتل "الصراصير" السياسيين، باستهجان الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي، اللذين حثا الجهات الفاعلة في النقاش السياسي النيجيري الى تغيير اللهجة. ويرى الحقوقي كليمان نوانكو ان على الحكومة ان تحترس من الانقسامات الدينية والعرقية التي غالبا ما تسببت في حمام دم في بلد مقسم بين شمال، معظمه من المسلمين، وجنوب مسيحي. لا سيما ان اللجنة الانتخابية اقرّت بانه سيستحيل تقريبا تنظيم الاقتراع في ولايات بورنو ويوبي وادماوا، التي تشهد مواجهات ومعارك مع بوكو حرام. واسفرت هذه المواجهات عن سقوط 13 الف قتيل منذ 2009.

وقالت مجموعة الازمات ان "الاقتراع الذي لا يشمل كل اراضي البلاد (...) قد لا يستوفي الشروط الدستورية الضرورية لانتخاب رئيس". واضاف التقرير ان في هذه الاجواء السياسية المتفجرة قد تتسبب نتيجة مطعون فيها في اشعال فتيل النار. وعلى الصعيد الاقتصادي اضعف تدني اسعار النفط اكبر بلد منتج في القارة الذي يستمد سبعين في المئة من موارده من الصادرات النفطية.

وخفضت نيجيريا الثلاثاء من عملتها سعيا الى استقرار "النيرا" بعدما بلغت ادنى مستوى تاريخي مقابل الدولار، وفي حين تقلص احتياطي العملة الاجنبية، في قرار يثير الاستياء الشعبي، لانه قد يتسبب في التهاب الاسعار في بلد يستورد القسم الاكبر من مواد الاستهلاك.