يعقد مجلس التعاون الخليجي قمته السنوية الثلاثاء في الدوحة بعد توصله إلى أنفاق مصالحة انقذه من التفكك، وذلك في ظل ضغط الحرب المستمرة على المتطرفين والمخاوف من تداعيات ازمة اسعار الخام على اقتصادات دول المجموعة.

دبي: مجلس التعاون الخليجي اصبح مركز النفوذ الاقتصادي والسياسي الابرز في العالم العربي بعد ضمور القوى التقليدية، تحاول ان تحافظ على دور سياسي منسق بالحد الادنى في المنطقة، وان تحمي في الوقت نفسه حصتها الوازنة من سوق النفط العالمي حيث تمثل اكثر من ثلثي الصادرات في منظمة الدول المصدرة للنفط (اوبك).
&
واكد محللون ومصادر متطابقة لوكالة فرانس برس ان موضوعي الامن والعلاقات الخليجية مع العالم العربي لاسيما مع مصر، سيكونان في صلب القمة، خصوصا ان الملف المصري كان في اساس الخلاف الخليجي الحاد في 2014.
&
ويضم المجلس السعودية والامارات والكويت وقطر وسلطنة عمان والبحرين.
&
وفي خطوة غير مسبوقة، قررت السعودية والامارات والبحرين في اذار/مارس سحب سفرائها من الدوحة احتجاجا على سياسة قطر في دعم الاخوان المسلمين خصوصا في مصر، فيما الرياض وابوظبي تعدان من ابرز الداعمين لادارة الرئيس عبد الفتاح السيسي.
&
واتهمت قطر ايضا بايواء معارضين خليجيين وبتجنيس مواطنين بحرينيين سنة.
&
وفي تشرين الثاني/نوفمبر، توصلت دول الخليج بفضل وساطة كويتية الى اتفاق مصالحة وتقرر اعادة السفراء الى الدوحة فيما دعا العاهل السعودي مصر ضمنا الى الانفتاح على قطر التي كانت من ابرز داعمي الرئيس الاسلامي المعزول محمد مرسي.
&
وشدد الملك عبد الله على ان الموقعين على الاتفاق اكدوا الوقوف "جميعا إلى جانب (مصر) و(التطلع) إلى بدء مرحلة جديدة من الإجماع والتوافق بين الأشقاء".
&
وقال المحلل السياسي المخضرم عبد الوهاب بدرخان لوكالة فرانس برس ان "المصالحة اتت لتفادي تشقق مجلس التعاون" وللسماح بانعقاد القمة السنوية في موعدها ومكانها، اي في الدوحة.
&
وبحسب بدرخان، فان "الحرب على داعش (تنظيم الدولة الاسلامية) هو السبب &الرئيسي الآخر للمصالحة، ف"الجميع في التحالف الدولي ضد داعش والجميع يتحسس وجود خطر قد يتحول الى مخاطر داخلية في كل بلد".
&
واكد المحلل ان "الضغط الامني هو العنوان الحقيقي لهذه القمة سواء كونها تنعقد في ظل مشاركة دول الخليج في الحرب او قلقها ازاء امنها الداخلي وضرورة تنسيق التعاون الامني".
&
واكد مصدر خليجي لفرانس برس ان قمة الدوحة ستقر "قيادة عسكرية مشتركة" بين دول مجلس التعاون يكون من مهامها تنسيق الحرب على المتطرفين مع الولايات المتحدة التي تقود هذه الحرب والدول الاخرى المشاركة.
&
واذ اشار بدرخان الى وجود "توافقات خليجية" في عدد من المواضيع السياسية، لاسيما الملف السوري الذي "لم يعد موضوع خلاف سعودي قطري"، اكد ان "المصالحة تحتاج الى اختبار".
&
وقال ان طريقة التعامل مع الخلافات قد تصبح اقل حدة لكن "الخلافات ما زالت موجودة حول موضوع التعامل مع مصر والنظرة الى الدور الايراني".
&
ففي موضوع مصر والاخوان المسلمين، تبقى الامارات متمسكة بمقاربة متشددة طويلة المدى ضد ما يسمى ب"الاسلام السياسي" الذي تعتبره المنبع الحقيقي للتطرف، فيما تبدو قطر متمسكة بحسب بدرخان بخيار احتواء التيار الاسلامي.
&
وتعد سلطنة عمان العضو الاقرب بين دول المجلس الست الى ايران، كما انها الدولة الوحيدة التي اعلنت رسميا رفضها انتقال مجلس التعاون الى مرحلة الاتحاد كما ترغب السعودية.
&
ولعبت السلطنة دورا بارزا في تسهيل المحادثات النووية بين غريمة الخليجيين ايران وحليفتهم التقليدية الولايات المتحدة.
&
وعلى الصعيد الاقتصادي، يخوض التكتل الخليجي حربا شرسة للحفاظ على حصتها من السوق النفطي، وهي الحصة التي تعطي دول المجلس الاربع الاعضاء في اوبك بزعامة السعودية تاثيرا عالميا.
&
ودفعت السعودية والامارات والكويت وقطر باتجاه ابقاء مستويات الانتاج على حالها في اوبك بالرغم من تراجع الاسعار للضغط على منتجي النفط الصخري واخراهم من المعادلة، خصوصا في الولايات المتحدة، والحفاظ على حصتها ونفوذها في سوق الطاقة العالمي.
&
وقال الخبير النفطي الكويتي كامل الحرمي لفرانس برس ان "المحافظة على حصص السوق أصبحت اهم من المحافظة على السعر على الأقل في المرحلة القريبة".
&
وتنتج الدول الاربع 16,2 مليون برميل يوميا، ما يمثل 52% من انتاج اوبك التي تضم 12 عضوا، الا انها تمثل ثلثي صادرات المجموعة بحسب ارقام من اوبك ومن وكالات اخرى.
&
وتصدر السعودية ثلثي انتاجها الى آسيا، واقل من 20% الى الولايات المتحدة و10% فقط الى اوروبا، بحسب الادارة الاميركية لمعلومات الطاقة.
&
اما الكويت فتذهب غالبية صادراتها الى آسيا فيما تذهب الصادرات الاماراتية بمجملها الى هذه القارة.
&
الا ان دول الخليج تبدو قادرة على تحمل تداعيات تراجع الاسعار بسبب التحوطات المالية الضخمة التي جمعتها.
&
وقال الخبير الاقتصادي السعودي عبد الوهاب ابوداهش ان "الدول الخليجية لديها القدرة المالية للصمود سنتين الى ثلاث سنوات".
&
وجمعت هذه الدول احتياطات مالية تقدر ب2450 مليار دولار راكمتها خلال السنوات الاخيرة بفضل ارتفاع اسعار الخام، بحسب معهد المالية الدولية.
&
لكن تراجع الاسعار قد يؤثر على الميزانيات الضخمة التي تعتمدها هذه الدول لمتابعة برامج التنمية والدعم السخية التي عززتها بعد انطلاق الربيع العربي، وستتبخر الفوائض في الميزانية لدى قسم من الدول التي قد تدخل في عجز للمرة الاولى منذ فترة طويلة.