أكد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي امتنان بلاده لدعم الإمارات لها بمواجهة "داعش"، ومساهمتها في إعادة الإعمار. قال ولي العهد الإماراتي الشيخ محمد بن زايد إن بلاده مستعدة للوقوف مع الشعب العراقي في كل ما يحقق أمنه واستقراره وازدهاره.


لندن: قال رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي لدى وصوله إلى أبو ظبي اليوم الاثنين مبتدءًا زيارة رسمية لدولة الإمارات العربية المتحدة تستغرق يومًا واحدًا، أنه يعتز بتطور العلاقات مع الإمارات العربية شاكراً وقوفها الداعم للعراق في حربه ضد تنظيم داعش الإرهابي. وعبر عن الامتنان لمواقف الإمارات الداعمة للعراق وشعبه في مواجهة عصابات داعش الإرهابية، ومساهمتها في البناء والاعمار.

وأعرب العبادي عن تطلعه بأن تحقق هذه الزيارة اهدافها في توسيع التعاون في جميع المجالات.. مشيرًا إلى أنّ "هذه الزيارة تأتي ضمن توجه الحكومة العراقية في الانفتاح على الدول الشقيقة بما يعزز المصالح المشتركة والامن والاستقرار والتقدم لجميع شعوب ودول المنطقة".

ومن جانبه عبر ولي عهد امارة ابوظبي نائب القائد الاعلى للقوات المسلحة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان الذي كان في استقبال العبادي بالمطار عن بالغ ترحيبه بزيارة رئيس الوزراء العراقي، وعن تطلعه بأن تسهم في تعميق العلاقات بين البلدين الشقيقين.. مشددًا على "استعداد الإمارات للوقوف مع الشعب العراقي في كل ما يحقق أمنه وإستقراره وازدهاره".

ويتضمن جدول زيارة العبادي لقاءين مع شركتين للعقارات والاستثمارات، يتوجه بعدها إلى امارة دبي للقاء الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس الوزراء حاكم دبي، كما يلتقي مساء اليوم عددًا من رجال الأعمال العراقيين المقيمين في دولة الإمارات العربية المتحدة.

وفي وقت سابق اليوم بدأ العبادي أول زيارة لدولة خليجية منذ تسلمه لمنصبه قبل اربعة أشهر مدشنًا انفتاحًا عراقيًا على هذه الدول، مدشنًا من الإمارات العربية المتحدة مرحلة طي صفحة الجفاء التي طبعت مسيرة الحكومة السابقة معها، حيث سيبحث المشاركة في مواجهة داعش وتجفيف منابع الإرهاب واعمار العراق وتطوير التعاون التجاري، حيث سيتبعها بزيارتين مماثلتين لكل من الكويت وتركيا.

ويجري العبادي خلال زيارته الرسمية هذه مباحثات مع كبار المسؤولين في الدولة تتناول دعم وتطوير المشاركة الامنية والعسكرية بين البلدين في مواجهة الإرهاب في المنطقة، والخطر الذي تمثله "داعش" على دولها ودور الإمارات من خلال مشاركتها في التحالف الدولي ضدها، والتعهدات التي قطعتها خلال اجتماع دول التحالف ضد داعش في بروكسل مطلع الشهر الحالي، وزيارة وزير خارجيتها الشيخ عبد الله بن زايد إلى بغداد وتأكيده دعم الحكومة العراقية بمجال مكافحة وتجفيف منابع الإرهاب.

دعم صندوق إعمار العراق

كما سيركز العبادي في مباحثاته على دعم الإمارات لصندوق اعادة اعمار المناطق العراقية المتضررة من المواجهات العسكرية مع داعش وتقديم المساعدات الانسانية والطبية للنازحين العراقيين الذين ارتفع عددهم إلى مليونين ونصف المليون نازح. وايضا ستتناول زيارة العبادي تعزيز آليات التبادل التجاري والاقتصادي وتوسيع الاستثمارات الإماراتية في العراق خلال المرحلة المقبلة.

وفي اطار الانفتاح العراقي خليجيًا، ينتظر ان يتوجه العبادي إلى الكويت مطلع الاسبوع المقبل تلبية لدعوة رسمية وجهت له من قبل نظيره الكويتي جابر مبارك الحمد الصباح. وقال وزير المالية العراقي هوشيار زيباري إن العراق سيطالب الكويت بتأجيل دفع آخر وأكبر دفعة بقيمة 4.6 مليارات دولار من التعويضات المالية مؤكدًا أن الحرب على تنظيم داعش كلفت الدولة كثيرًا من مليارات الدولارات. وأشار إلى أنّ قلة السيولة النقدية اضطرت العراق لاتخاذ مثل هذا الاجراء، وذلك بعد ان تسلمت الحكومة الجديدة برئاسة العبادي خزانة خاوية ومثقلة بالديون.

كما ينتظر أن يزور العبادي اواخر الشهر الحالي تركيا بناء على دعوة وجهها له نظيره التركي احمد داود اوغلو خلال زيارته إلى العراق في 20 من الشهر الماضي، والتقى&خلالها مع العبادي وعدد آخر من المسؤولين، حيث بحث في العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها، إضافة الى مناقشة ملف الإرهاب وتعاون البلدين لمواجهته.

جولات للعبادي لدول المنطقة والجوار

وتدخل هذه الزيارات ضمن الجولات الحالية التي يقوم بها العبادي لدول الجوار، في اطار برنامج الحكومة العراقية لتقوية العلاقات مع الدول الاقليمية والمجاورة من اجل تفعيل المواقف المشتركة في الحرب ضد الإرهاب، إضافة إلى تطوير العلاقات العراقية مع هذه الدول. وكان العبادي التقى في نيويورك في 24 ايلول (سبتمبر) الماضي رئيس الوزراء الكويتي الشيخ جابر مبارك الحمد الصباح على هامش المشاركة في اجتماعات الدورة 69 للجمعية العامة للأمم المتحدة.

وتأتي زيارة العبادي إلى الإمارات اليوم بعد اسابيع من قيام وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد ال نهيان بزيارة إلى بغداد في 26 من الشهر الماضي وسلم خلالها العبادي دعوة رسمية لزيارة الإمارات.

وأكد الشيخ عبد الله خلال زيارته تلك إلى بغداد أن بلاده لا تستطيع إلا أن تكون مع العراق لان نجاحه هو نجاح للإمارات، وقال مخاطباً العبادي لدى اجتماعه به "نتطلع لتجذير وتطوير العلاقات بين بلدينا حيث أن نجاحكم هو نجاح لنا وأن التحديات الصعبة التي تواجه المنطقة تحتم علينا التعاون في مختلف المستويات". وشدد بالقول: "اننا لا نستطيع الاّ ان نكون مع العراق وندعم حكومتكم التي اعطت أملاً كبيراً للعراقيين، مما دفع المجتمع الدولي للوقوف معكم ضد تنظيم داعش الإرهابي".

ومن جانبه، خاطب العبادي الشيخ عبد الله بن زايد قائلا إن "مجيئكم إلى بغداد في هذا الظرف الحساس بادرة طيبة وزيارتكم موضع ترحيبنا واعتزازنا". وأضاف ان العراق "يواجه تحدياً وجودياً وخطراً لا يهدده وحده وانما يهدد جميع دول المنطقة، ما يدعونا إلى التعاون في جميع المجالات السياسية والأمنية والاجتماعية من اجل دحر الإرهاب المتمثل بعصابات داعش الإرهابية".

الإمارات والعراق: رغبة بتجاوز العقبات

وتأتي زيارة العبادي هذه للإمارات بعد قطيعة استمرت اشهرًا، حيث كانت وزارة الخارجية الإماراتية استدعت سفيرها في بغداد عبدالله الشحي للتشاور في 18 حزيران (يونيو) الماضي في عهد حكومة نوري المالكي السابقة، وأعربت له "عن بالغ قلقها من إستمرار السياسات الاقصائية والطائفية والمهمشة لمكونات أساسية من الشعب العراقي ". ورأت أن "هذا النهج يساهم في تأجيج الأوضاع ويكرس مساراً سياسيًا يعزز من الإحتقان السياسي والنزيف الأمني على الساحة العراقية".

وقالت الخارجية الإماراتية في بيان إن "دولة الإمارات إذ تستنكر مجدداً وتدين بأشد العبارات إرهاب داعش وغيرها من الجماعات الإرهابية، والذي أدى إلى إزهاق أرواح العديد من أبناء الشعب العراقي الأبرياء إلا أن الإمارات على قناعة وثقة بأن الخروج من هذا النفق الدموي لا يتم عبر المزيد من السياسات الاقصائية والتوجهات الطائفية والمتمثل في بيان الحكومة العراقية، الذي اتهم السعودية بدعم الإرهاب في العراق".

وأكدت أن "الإمارات ترى أن الطريق الوحيد لانقاذ العراق والحفاظ على وحدته الاقليمية واستقراره هو في تبني مقاربة وحل وطني توافقي يجمع ولا يقصي". وإختتمت الوزارة بيانها مؤكدة "إيمان دولة الإمارات بأن خروج العراق الشقيق من دائرة الخطر الوجودي الحالي الذي يتهدده يتمثل في نهج سياسي يتسامى على الانقسامات، وذلك عبر حكومة وحدة وطنية جامعة وشاملة لا تستثني أياً من مكونات الشعب العراقي الشقيق وتسعى بكل عزم للحفاظ على وحدته الوطنية وسلامة أراضيه واستقراره".

وفي 22 من الشهر الماضي، دعا التحالف الشيعي العراقي دولة الإمارات إلى العدول عن ادراجها لمليشيات عراقية شيعية مسلحة على قائمتها للإرهاب والاعتذار عن اتهاماتها لها التي وصفها بالباطلة، معتبرًا أن قرارها تدخل سافر في الشؤون الداخلية العراقية وسابقة خطيرة.. مؤكدًا رغبة العراق الجادة في تطوير العلاقات مع الإمارات والارتقاء بها على جميع الصُعُد.

وأدرجت دولة الإمارات منتصف الشهر الحالي 5 مليشيات عراقية مسلحة ضمن قائمتها للإرهاب، التي شملت 83 منظمة متطرفة.. والعراقية منها هي: منظمة بدر وعصائب أهل الحق وكتائب حزب الله وكتائب لواء اليوم الموعود وجماعة انصار الاسلام الكردية.

وقد عرفت المنظمات الاربع الاولى بعلاقاتها الوثيقة مع ايران، التي اشرفت على تشكيلها وتسليحها وتمويلها بالمال والسلاح وتوجيهها للقيام بعمليات خارج سيطرة الدولة تنفيذًا لاهدافها في السيطرة على الاوضاع العراقية لصالح المتعاونين معها، والمنفذين لسياساتها في هذا البلد. وقال مجلس الوزراء الإماراتي إن اصداره لقائمة الإرهاب هذه يأتي "تطبيقاً لأحكام القانون الاتحادي رقم 7 لسنة 2014 بشأن مكافحة الجرائم الإرهابية".