هينريتا لمب، فنانة تشكيلية ألمانية تهوى الخط العربي، فترسم به الكلمات والتعابير العربية على المنتجات الخزفية المتنوعة، التي تلقى رواجًا في ألمانيا لما يكتنفها من غموض.


يقف الزوار وعلامات الدهشة مرتسمة على وجوههم في معرض الفنانة التشكيلية هينريتا لمب بمدينة توبنجن الألمانية. فعيونهم تتأمل بإعجاب العبارات العربية المنقوشة على الأكواب والأطباق الخزفية المصفوفة على طاولات منتظمة.

ابتسامة الفنانة الألمانية حاضرة دائمًا وهي ترد على أسئلة الزبائن الفضولية، بشأن غموض الخط المنقوش على هذه القطع الخزفية. فعليها عبارات مثل quot;إصرف ما في الجيب ..يأتيك ما في الغيبquot;، أو quot;الحب جميلquot;، أو غيرها من عبارات معروفة في الثقافة العربية.

تقول الفنانة الألمانية إنها لا تتقن العربية، لكنها تهتم برسم الخط العربي من دون أن تهتم بمعرفة المعنى، لأنه خط يحمل الكثير من سمات الفن التشكيلي. تضيف: quot;من شدة عشقي للخط العربي، أتعلم العربية منذ عشر سنوات، حتى استطيع استيعاب بعض جوانب الثقافة العربية التي تأثرت بهاquot;.

رسم بالخط العربي

تكتب لمب على منتجاتها الخزفية عبارات دينية وحكمًا وأقوالًا مأثورة، مثل quot;الله جلا جلاله quot;أو quot;أعوذ بالله من الشيطان الرجيمquot;، quot;ورب اشرح لي صدريquot;، وكلمات أخرى متناثرة مثل quot;الحبquot; أو quot;الصدقquot; أوquot; الأمانةquot;. وهي تقوم بترجمة كل عبارة وتضعها داخل الإناء أو الكوب الذي يحمل معناه، لإشباع فضول المشاهد.

ولمب ترسم بالخط العربي منذ أكثر من 30 عامًا، على منتجاتها من الخزف والفخاريات كالأطباق والأكواب والمزهريات الزجاجية، وكلها منتجات يقبل على شرائها الجمهور الألماني بشكل واسع.

بدأت الفنانة الألمانية مشوارها مع فن الخزف في العام 1977، بعدما انتهت من دراسة فن التصوير. وقد درست فن الخزف في النرويج وفرنسا، ومنذ ذلك الحين لم تنقطع عن ممارسة هذا الفن، بالتصنيع أو التدريس. فهي تنظم دورات في تعليم فن صناعة الخزف للصغار والكبار في ورشتها الخاصة في مدينة توبنجن، وهي أيضًا عضو في لجنة فرز التحف الأصلية التابعة للدولة وعضو في رابطة الفنانين في فورتومبرج.

عبارات دينية

قد يبدو نص عبارات إسلامية على أطباق وأكواب تباع لجمهور ألماني في ظل ظاهرة الاسلاموفوبيا التي تجتاح المجتمع الألماني أمرًا غريبًا، لكن الفنانة الألمانية التشكيلية لمب تقول: quot;إن ظاهرة الإسلاموفوبيا لا علاقة لها بالفن، فمعروف أن الفن والموسيقى هما رسالات الحضارات لبعضها البعض، أما الخزف المزين بالخط العربي فهو في الأصل أحد فنون الحضارة الإسلامية، ولا يجب تغييره حتى تظل الأصالة فيه باقيةquot;.

لا تبدي لمب رضىً كاملًا عن خطها العربي. تقول: quot;لا أجيد الخط العربي مثل الخطاطين العرب، إلا أنني اشعر به واعتبره أحد أشكال الديكورات المبهرةquot;. وتضيف: quot;أنا أعرف أن الخط العربي له قواعد صارمة تتحكم في طريقة تشكيله على اللوحات الفنية، خصوصًا تلك التي تنطلق من التناسب بين الخط والنقطة والدائرة، وهو في كل الأحوال يخضع لأحكام الفنون التشكيلية الأخرى بمعناها الجمالي، الذي يجعل الخط يتهادى بشكل حر في تعرجاته وتحركاته، وهي ترى كذلك أن هذا هو السر الذي يجعل الخط العربي مادة خصبة في يد الفنانين التشكيليينquot;.

إعجاب بالغموض

تتفحص مجموعة من الزوار بدقة الأكواب والأطباق المكتوب عليها باللغة العربية، ويبدون إعجابًا متزايدًا بفكرة الخط العربي ومعاني العبارات المخطوطة. اقتربت من فتاة تهم بشراء فواحة مكتوب عليها كلمةquot; الحبquot;، سألتها: quot;هل أعجبك الخط العربي؟quot; قالت: quot;مثير أن تجد شيئًا مثل هذا في ألمانيا، خاصة أنه مصنوع بأيدي فنانة ألمانية، فقد اعتدنا رؤية مثل هذه الأشياء في البازارات العربية، لكنه أمر فريد أن نراها هنا، فالخط العربي يحمل في طياته غموضًا يلهب الخيال، وأنا اهتم بالأشياء الغامضةquot; .

اسعار المنتجات الخزفية في معرض الخزف متنوعة. فسعر الكوب يصل على سبيل المثال إلى 14 يورو ،والطبق إلى ثلاثين. وفي هذا السياق تقول لامب: quot;اكثر الإقبال من الزوار يكون على الفواحات العطرية التي تحمل عبارات الحب والمودة، ومن أكثر العبارات تحديدًا التي يشتريها الجمهور هي أطباق الديكورات التي تحمل الآية القرآنية quot; رب اشرح لي صدري ويسر لي أمريquot;.