يختلف السعوديون في النظر إلى مخرجات ومعطيات الزيارة المرتقبة للرئيس الأميركي باراك أوباما إلى السعودية الجمعة، لكنهم يجمعون على أن هذه الزيارة ستكون الأهم خلال السنوات الأخيرة من حيث تطور الأوضاع التي تمر بها المنطقة والعالم من وجهتي النظر السعودية والأميركية.

الرياض: يرى الكثير من المحللين السياسيين إن الزيارة المرتقبة التي سيستقبل خلالها العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز وأركان حكم المملكة الرئيس الأميركي ستكون من الأهمية بحيث يمكن أن تؤرّخ لما بعدها، ذلك لأن الظروف المحيطة ظلت راكدة ولن تكون زيارة أوباما دبلوماسية بحيث لا ترسم خريطة جديدة لسبل التعاطي الثنائي معها.
أوباما يزور المملكة للمرة الثانية بعد نحو 5 سنوات على زيارته الأولى، وبحسب المعطيات المتوفرة فإن اللقاء السعودي الأميركي سيطرح على الطاولة كل ما يمكن بحثه، وخصوصاً الملفين السوري والإيراني فضلا عن الملف القديم المتجدد دائما الملف الفلسطيني.
ويمكن أن يضاف إلى كل ذلك ما رشح أخيراً في مصر بعد نية المشير عبدالفتاح السيسي الترشح لرئاسة جمهورية الثورتين. إذ تدعم السعودية بقوة التغيير الذي أقره قطاع واسع من المصريين في ثورة 30 يونيو الماضي، في حين بدا الموقف الأميركي ميالاً لصالح الإخوان.
ويقول المحلل السياسي ورئيس قناة العرب الإخبارية جمال خاشقجي لـquot;إيلافquot; إنه ثمة ثلاث مسائل ستطغى على جدول أعمال اللقاء.وبحسب خاشقجي فإن quot;أولها العلاقات السعودية الاميركية وهذه ثابتة بحكم تأسيسها العميق ثم تجربتها ، وأخيرا حاجة الطرفين لها وهي علاقة لم تنقطع ومتفاعلة نفطا واقتصادا وسلاحا وتدريبا وتعليما وثقافةquot;.
ويرى خاشقجي أن هذه العلاقات شابها وأثر عليها وان لم يقطعها أمران ، سورية وإيران ، وهنا اتفاق واختلاف، الاتفاق في ضرورة التخلص من بشار لبناء سورية جديدة تنهي حالة الاضطراب التي باتت تهدد الأمن القومي للمنطقة بل العالم في ظل تردد يرقى الى اللامبالاة من اوباما، رغم محدودية المطلوب منه ليتدخل مع المملكة المستعدة لذلك الا انه متردد.
اما عن إيران فيرى خاشقجي أن المملكة أيضا تريد مثل اوباما استعادتها صديقة ودولة مسالمة، quot;فهم جيران ولكن أوباما لم يجعل ذلك شرطا في تحسين العلاقة مع إيران وقصر التفاوض على مشروع إيران النووي، وهو على أهميته واتفاق المملكة على لزوم التخلص منه لإيران والمنطقة إلا أنه لا يقل أهمية وسلبية عن تدخلات ايران في البحرين والعراق وسوريا ولبنان واليمن وهو ما ليس في قائمة اهتمامات أوباماquot;.
أما الكاتب في صحيفة الجزيرة السعودية والباحث في الشأن الأميركي أحمد الفراج فيرى في مداخلة مع quot;إيلافquot; أن هذه الزيارة تتميز بأنها ستكون quot;أول مرة منذ الحرب الثانية يزور رئيس اميركي السعودية والعلاقات متوترة بهذا الشكلquot;.
ويرى الفراج أن الموقف الأميركي في المنطقة من حيث التقارب مع إيران الداعمة للنظام السوري، وضعف التعاطي مع الملف السوري وكذلك موقف أوباما في مصر الداعم للاخوان حتى بعد تصنيفهم جماعة إرهابية، كلها تصب في خانة الملاحظات السعودية على إدارة الرئيس الناعم كما يصفه.
الفراج يرى أن quot;أوباما الآن في موقف حرج لأنه يتهم بالضعف وأفقد هيبة أميركا وتأكّد ذلك بعد أن ضمت روسيا إقليم القرم في مشهد حي ومباشر أمام أميركا وحلفائها الأوروبيين، في حين لم يكن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيجرؤ على ذلك لو كان لأميركا رئيس غير أوباماquot;.
ويمضي الفراج عن اللقاء الثنائي فيقول quot;أوباما صرح كثيراً بأنه يحترم الملك عبدالله، واعتقد انه سيستمع للمملكة، والملك سيذكره بالعلاقات التاريخية وأن أهمية المملكة ليست في آبار النفط وحقول البترول، وإنما لأنها رقم صعب عربيا واسلاميا، وأن التعاطي مع إيران دون اعتبار لهذه القيمة سيكون خطأً، فمشكلة إيران لا يمكن اختزالها في الملف النووي على أهميته، وإنما لأنها دولة توسعية تدعم جماعات متطرفة داخل دول الخليج، واطماعها الإقليمية لا تتوقفquot;.
ويؤكد الفراج أن السعوديين سيضعون أمام أوباما خريطة ربما لم يكن يراها جيداً لوضع المنطقة من وجهة نظرهم، لأن الإدارة الأميركية بنظر الفراج quot;لا يمكن أن تكون على اطلاع عميق بقدر الجانب السعودي، فالسعوديون يفهمون بعمق ومباشرة مشاكل الشرق الأوسطquot;.
ويختم الفراج حديثه بأنه يستطيع أن يقول إن أوباما في موقف إعادة الحسابات من ناحية السياسة الناعمة، التي تلقى انتقادات واسعة سواء في الخارج من خلال الحلفاء هنا وفي دول المنطقة أو من خلال الجمهوريين في الداخل الأميركي، وربما يمكن لأزمة القرم وتداعياتها أن تكون دليلاً للسعوديين على فشل هذه السياسة.