في وقت دفع توق الغزيين للحرية إلى الاحتفال بالمصالحة، لم يلق الاتفاق صدى احتفاليًا مماثلًا في الضفة، وعمومًا لا يبدي المواطنون الفلسطينيون تفاؤلًا بتفاهم حماس وفتح، بل يرونه التقاء مصالح لن يدوم طويلًا، خاصة أن دماء هدرت بين الطرفين لن تطوي صفحة ماض أليم بيسر.


رام الله: أبدى فلسطينيون عاديون في الضفة الغربية تشاؤمًا من إمكانية تحقيق المصالحة بين حركة حماس والسلطة الفلسطينية، رغم ما أبدته أطراف قيادية فلسطينية من تفاؤل غير مسبوق من إمكانية إنهاء الانقسام القائم منذ العام 2007.

سبب ذلك، كما يقول محللون، السجل الحافل بإخفاق محاولات متكررة لتحقيق المصالحة، والتي باءت بالفشل في أكثر من مناسبة يصاب إثرها الفلسطينيون بخيبة أمل.

كما جمعتهم ستفرّقهم
يقول أنور موسى (50 عامًا)، الذي يعمل في محل تجاري: quot;كل طرف من الأطراف، سواء فتح أو حماس، له مصالحه الخاصة، ولذلك أعلنوا عن مصالحة، لا أعتقد أنها ستستمر، لأنها قائمة على مصالح حزبيةquot;. ويضيف quot; اتفق الأطراف أكثر من مرة، على مثل هذا الاتفاق، وبعد فترة يبدأ الخلاف من جديد، لذلك لا أعتقد أن هذا الاتفاق سيستمرquot;.

وأعلنت حركة فتح ووفد منظمة التحرير الفلسطينية، عقب مشاورات جرت في غزة خلال الساعات الماضية، عن التوصل إلى اتفاق بتشكيل quot;حكومة توافق وطني خلال خمسة أسابيع، وإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية بعد ستة أشهر من تشكيل هذه الحكومةquot;.

لكن يبدو أن الشارع الفلسطيني ليس على مستوى تفاؤل وترحيب قياداته بهذه المصالحة. وكانت حركة حماس وفصائل منظمة التحرير الفلسطينية اتفقت أكثر من مرة في عواصم عربية عدة على التوصل إلى اتفاق مصالحة، غير أن أيًا من هذه الاتفاقيات لم يجد طريقه إلى التنفيذ.

حائط الدم
يقول الشاب محمد سمير (29 عامًا)، الذي يعمل في مطعم في مدينة رام الله: quot;لا أعتقد أن هذه المصالحة ستتم، لأن الخلاف لا يقتصر على القضايا التي أعلنوا الاتفاق عليها فقطquot;. يضيف مثلًا quot;هناك حالات قتل متبادلة وقعت بين الطرفين، حينما سيطرت حركة حماس على قطاع غزة، فكيف سيتم نسيان هذا الأمر من قبل الطرفين؟quot;.

وتم الاتفاق بين حركة حماس ووفد منظمة التحرير الفلسطينية على تفعيل لجنة المصالحة الاجتماعية، وهي لجنة تم الاتفاق عليها سابقا، بحيث تقوم بحل كل القضايا المتعلقة بعمليات القتل المتبادل.

من جهته، قال ياسر موسى (48 عامًا)، الذي يعمل محاسبًا: quot;لا أؤمن بتحقيق المصالحة، حتى أرى بأمّ عيني على الأرض حكومة واحدة وأجهزة أمنية واحدة مشتركةquot;. وأضاف بلهجة عتب: quot;لو أن الطرفين يفكران في الشعب الفلسطيني، لكانا اتفقا سابقًا على تنفيذ المصالحة وتحقيقهاquot;.

ولم يتطرق إعلان المصالحة، الذي أعلنته قيادات الطرفين، من منظمة التحرير وحماس،الى أي اتفاق بشأن ترتيبات الأجهزة الأمنية، خاصة وأن حركة حماس تسيطر على غالبية الأجهزة الأمنية في قطاع غزة، في حين تسيطر حركة فتح على الأجهزة في الضفة الغربية.

تاريخ من الإخفاقات
واعتبر جورج جقمان، مدير مؤسسة مواطن لدراسة الديموقراطية، أن تشاؤم الناس العاديين من إمكانية تطبيق المصالحة quot;مبرر وله ما يفسّرهquot;. يضيف quot;سجل الحوارات واللقاءات بين الجانبين حافل بالإخفاقات في تنفيذ اتفاقيات سابقة تم التوقيع عليها، بدءًا من اتفاقية القاهرة في العام 2005، واتفاقية مكة والدوحة في 2012quot;.

يوضح جقمان quot;لذلك يخشى الناس من أن الهدف من وراء هذه الاتفاقية، التي تم الإعلان عنها، ليس إلا تكتيكيًا، وليس حقيقيًا، علمًا أن الناس يأملون بأن يكون الأمر حقيقيًاquot;. وبحسب جقمان، فإن الشيء العملي، الذي تم الإعلان عنه في غزة، هو quot;الاتفاق على تشكيل حكومة خلال خمسة أسابيعquot;.

ويضيف quot;حتى هذه المسألة تركت للرئيس ليتفاوض بشأنها مع الفصائل، التي من الممكن أن تضع فيتو على بعض الوزراء في هذه الحكومة، وباقي القضايا شكلت لها لجان لتجتمع، ومن ثم تقررquot;.

وعن احتفال أهالي غزة عند الإعلان عن التوصل إلى اتفاق المصالحة، علق جقمان بالقول: quot;الناس بشكل عام تواقون إلى تحقيق المصالحة الوطنية، وخاصة في قطاع غزة، الذي يعيش حصارًا مشددًا، الناس هناك ينظرون إلى المصالحة على أنها قد تكون المنقذ لهم، بعدما انهار اقتصاد الأنفاقquot;. وأضاف المحلل quot;لذلك آمل ألا يصاب الناس بخيبة أمل جديدةquot;.

تأييد نسبي
شارك مئات من أبناء غزة في مسيرات تأييد عند الإعلان عن اتفاق المصالحة. في المقابل، لم يلق الاتفاق على المستوى الشعبي في الضفة الغربية التأييد نفسه، الذي حظي به في قطاع غزة.

وامتلأت الصفحات الأولى من الصحف الفلسطينية الصادرة الجمعة بعناوين تشير إلى ترحيب عربي ودولي بالمصالحة، واستياء الأوساط القيادية الإسرائيلية.

وأعلنت إسرائيل رفضها اتفاق المصالحة الفلسطينية، وعلقت المفاوضات المتعثرة أصلًا مع السلطة الفلسطينية برعاية أميركية مع التلويح بفرض عقوبات جديدة على الفلسطينيين.