أوديسا: اتهمت اوكرانيا روسيا بالسعى الى "تدميرها" بعد اتساع دائرة الاضطرابات الانفصالية في شرق البلاد واعمال العنف في اوديسا، حيث شن الموالون لروسيا الاحد هجوما على مبنى للشرطة.
في الوقت نفسه اعلن الكرملين ان رئيس منظمة الامن والتعاون في اوروبا ديدييه بورخالتر سيزور موسكو الاربعاء المقبل لمحاولة "نزع فتيل التوتر في اوكرانيا" وذلك بعد الافراج السبت عن مراقبي المنظمة الذين احتجزهم انفصاليون موالون لروسيا لمدة ثمانية ايام.
وفي وقت سابق من نهار الاحد شن نحو الفي شخص بعد ظهر الاحد هجوما على مركز شرطة مدينة اوديسا الساحلية جنوب البلاد. وحرر المهاجمون 67 من رفاقهم المحتجزين. وكان نحو 120 من الموالين لروسيا اوقفوا الجمعة بعد صدامات عنيفة بينهم وبين انصار وحدة اوكرانيا. وخلال اعمال العنف هذه جرى حرق مبنى لقي فيه نحو 40 مصرعهم معظمهم من الموالين لروسيا.
وقال رئيس الوزراء الاوكراني ارسيني ياتسينيوك الذي وصل صباح الاحد الى اوديسا "ما حدث في اوديسا يندرج في اطار مخطط روسيا الاتحادية لتدمير اوكرانيا ودولتها". واضاف "هدف روسيا هو تكرار ما حدث في شرق البلاد في اوديسا" مشيرا الى ان "وحدتنا ستكون افضل رد على هؤلاء الارهابيين".
والاحد هو اليوم الثاني من "الحداد الوطني" على ضحايا اوديسا الذي اعلنته اوكرانيا لثلاثة ايام. كما اعلن ياتسينيوك، الذي كان يرتدي بذلة وربطة عنق سوداوين تعبيرا عن الحداد، اقالة كل كبار مسؤولي شرطة المدينة واحلال اخرين مكانهم.
وروى شهود من سكان اوديسا لفرانس برس سير احداث الجمعة موضحين ان الحريق كان نتيجة عملية ثأر لالاف من مشجعي كرة القدم ومتظاهرين من انصار اوكرانيا تعرضوا لهجوم عنيف في وقت سابق من يوم الجمعة من قبل انفصاليين موالين لروسيا.
وقام جمهور غاضب باجتياح وتدمير مجموعة خيم لانصار روسيا في المدينة قبل ان يحاصروا مبنى دار النقابات الذي احتمى به انصار موسكو وقاموا باحراقه بزجاجات المولوتوف لتحاصر النيران عشرات من الموجودين داخله وتأتي عليهم.
بطريرك كييف الارثوذكسي فيلاريت اتهم ايضا روسيا مؤكدا ان "اجهزة الاستخبارات الروسية هي التي اشعلت موجة العنف والاعمال الارهابية" وقال ان "الحكومة الروسية والرئيس بوتين هما المسؤولان شخصيا عن ذلك".
واضاف مخاطبا مباشرة روسيا وزعماءها "كفوا ايديكم، لا تزيدوا خطاياكم، ولا تثيروا حمام دم جديدا. لا تجلبوا على انفسكم الغضب الالهي". وشهدت ليلة السبت الاحد توترا شديدا في الشرق مع وقوع العديد من الحوادث واعمال العنف في حوض دونباس الشرقي الحدودي مع روسيا الذي يضم منطقتي لوغانسك ودونيتسك.
وفي كراماتورك، التي ما زالت تحت سيطرة الانفصاليين رغم هجوم الجيش على نقطة مراقبة قريبة السبت، "يعيش السكان في حالة خوف شديد" كما قال الناشط الموالي لروسيا ارتيوم غاسبوغريان مضيفا "لم يتصور احد ان عمليات عسكرية يمكن ان تدور في كراماتورك".
وفي سلافيانسك سمع مراسلو فرانس برس دوي ثلاثة انفجارات قوية بعيد الساعة 20,00 (17,00 ت غ). وقالت ستيلا خوروشيفا المتحدثة باسم الانفصاليين "هناك معارك تدور حاليا" دون ان تتمكن من تحديد مكانها.
وقطع الجيش الاوكراني الاحد الطريق الرئيسي المؤدي الى هذه المدينة التي تعد معقل الحركة الانفصالية الموالية لروسيا في شرق اوكرانيا. فقد اقام الجنود حاجزا على مسافة 2 كلم من سلافيانسك قاطعا بذلك الطريق السريع المؤدي الى دونيتسك، العاصمة الاقليمية. وشوهدت سبع دبابات على هذا الحاجز بعد ظهر الاحد.
وقالت المتحدثة باسم الانفصاليين "المدينة محاصرة تماما". وفي خاركيف، تحدى نحو 500 من انصار روسيا قرار منع التظاهر وتجمعوا امام نصب للينين مؤكدين انهم "لن ينسوا ولن يغفروا ابدا" ما حدث في اوديسا. وهتفوا ايضا "سلافيانسك مدينة بطلة".
وكان سكرتير مجلس الامن القومي والدفاع الاوكراني اندري باروبي حذر مساء السبت من انه "بعد انتهاء العملية (مكافحة الارهاب) في سلافيانسك وكراماتورسك سنطلق مرحلة نشطة من هذه العملية في مدن اخرى".
وفي اطار الجهود الجديد للمجتمع الدولي من اجل التوصل الى تسوية سلمية للازمة يتوجه رئيس منظمة الامن والتعاون في اوروبا الى موسكو الاربعاء. كما دعا وزير الخارجية الالماني فرانك فالتر شتاينماير الاحد الى عقد مؤتمر جنيف ثان لبحث الوضع في اوكرانيا.
وقال الوزير الالماني في مقابلة اجراها معه التلفزيون الالماني الرسمي "اي ار دي" "دعوت بالفعل خلال الساعات القليلة الاخيرة في اتصالات عدة مع منظمة الامن والتعاون في اوروبا ومع (وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي كاثرين) اشتون وايضا مع (وزير الخارجية الاميركي جون) كيري و(وزير الخارجية الروسي سيرغي) لافروف، الى العمل على عقد مؤتمر جنيف ثان يكمل مؤتمر جنيف الاول" لحل الازمة الاوكرانية.
من جانبها نددت روسيا الاحد ب"تعتيم" لوسائل الاعلام الغربية على "الاحداث الماساوية" في اوكرانيا.
وقالت وزارة الخارجية "حتى في دوائر منظمة الامن والتعاون في اوروبا لا احد يدري ان الدماء تسيل في اوكرانيا وان الجيش يطلق النار على العزل. عن اي حرية تعبير واعلام يمكن ان تتحدثوا في مثل هذه الظروف؟".
وكانت روسيا، التي يتهمها الغرب وكييف بتوجيه الاضطرابات في الشرق، اعتبرت السبت انه "من العبث التحدث عن انتخابات" في اوكرانيا في ظل اعمال العنف الحالية في حين من المقرر تنظيم انتخابات مبكرة في 25 ايار/مايو لانتخاب خليفة لفيكتور يانوكوفيتش الذي اطيح به في شباط/فبراير الماضي.
من جانبها ذكرت صحيفة بيلد آم سونتاغ الالمانية ان العشرات من خبراء اجهزة الاستخبارات والشرطة الفدرالية الاميركية يقدمون المشورة للحكومة الاوكرانية لمساعدتها على انهاء حركة التمرد في الشرق واقامة جهاز امني فاعل.
واوضحت الصحيفة ان رجال الاستخبارات لا يتدخلون مباشرة في المواجهات مع الانفصاليين الموالين لروسيا مشيرة الى ان "نشاطهم ينحصر في العاصمة، كييف". من جهة اخرى حلقت عشرات من الطائرات الروسية في سماء القرم قبل ايام من زيارة الرئيس الروسي لهذه المنطقة كما افاد شهود وخبراء.
واعلن خبير في صناعة الطيران الاحد لوكالة فرانس برس انه شاهد عددا من الطائرات تحلق فوق مدينة سيمفيروبول السبت وبينها طائرات مقاتلة استراتيجية تفوق سرعتها سرعة الصوت وطائرات ضخمة للنقل العسكري وطائرات-صهريج واخرى من طراز ميغ-29.
وبحسب وسائل اعلام روسية، فان الرئيس فلاديمير بوتين سيزور يوم الجمعة القادم القرم للمرة الاولى منذ انضمام شبه الجزيرة هذه الى روسيا وذلك بعد ان يحضر في التاسع من ايار/مايو العرض العسكري في ذكرى الانتصار على المانيا النازية.
التعليقات