ستكون الأزمة في ليبيا على جدول أعمال الزيارة الرسمية التي يقوم بها عاهل المغرب حاليا إلى تونس، ويبدو أن الاتفاق قائم بين تونس والرباط حيال النزاع في ليبيا، فكلا البلدين يثقان في الحوار مدخلا لأي حلّ.


محمد بن رجب من تونس: يواصل العاهل المغربي زيارة رسمية إلى تونس بدعوة من الرئيس محمد المنصف المرزوقي& تستمرّ حتى الأحد القادم مصحوبا بوفد رفيع المستوى يضم 11 وزيرا و 90 رجل أعمال.

وقد أشرف الرئيس محمد المنصف المرزوقي والعاهل المغربي محمد السادس مساء الجمعة على إبرام 23 اتفاقية تعاون ومذكرة تفاهم وبرامج تنفيذية بين المغرب وتونس.

وينتظر أن يلتقي ملك المغرب صباح السبت رئيس الحكومة مهدي جمعة في مقر إقامته في الضاحية الشمالية لتونس العاصمة ويلقي كلمة خلال جلسة عامة في المجلس الوطني التأسيسي (البرلمان).

رؤية مشتركة حول الوضع الليبي

وأكد مدير عام المعهد التونسي للدراسات الاستراتيجية طارق الكحلاوي أن الوضع في ليبيا سيكون من بين المواضيع التي سيتم التطرق إليها بين الجانبين، لتأثيره المباشر على الوضع في المنطقة المغاربية أساسا.

وشدد الكحلاوي في تصريحات لـ"إيلاف"، على أنّ المقاربة الأنجع هي التي تتبعها تونس حاليا وذلك في إطار التنسيق مع دول الجوار وخاصة الجزائر وكذلك هي مقاربة مغاربية لها أولوية في المقاربة التونسية لحلحلة الوضع في ليبيا.

وقال إنّ المغرب معنيّة بما يحدث في ليبيا ليس لوجود آلاف العمال المغربيين في ليبيا ولكن لوجود تداعيات مباشرة للوضع الليبي على المغرب برغم عدم ارتباطها بحدود مباشرة مع ليبيا.

لغة الحوار

وأشار الكحلاوي إلى أن المواقف السياسية المغربية كانت دائما تغلب لغة الحوار على العنف ولغة السلاح وذلك من خلال التصريحات المغربية التي كانت في هذا الإتجاه.

وينتظر أن يصدر بيان مشترك بين المغرب وتونس عقب الزيارة، يتضمن عديد الإتفاقيات الإقتصادية وكذلك سيكون بيانا سياسيا سيتم عرضه ويتطرق إلى الرؤية المشتركة للبلدين الشقيقين حول الوضع الليبي وتغليب لغة الحوار لمصلحة الجميع.

المقاربة المغربية لمقاومة الإرهاب

تطرق المحلل السياسي طارق الكحلاوي إلى موضوع هام سيتم التباحث حوله بين المسؤولين في المغرب وتونس ويتمثل أساسا في مجال مقاومة الإرهاب التي كانت محور لقاءات سابقة عند زيارة الرئيس محمد المنصف المرزوقي وكذلك زيارة رئيس الحكومة مهدي جمعة إلى المغرب.

ويملك المغرب تجربة خاصة في هذا المجال واستراتيجية مكافحة الإرهاب على المستويين العقائدي والثقافي وللمملكة تجربة مميزة حيث هناك هيئة دينية تلعب دورا كبيرا في تأطير الحوار مع المنتمين للجماعات الإرهابية.

تستحقّ الدرس

وأبرز الكحلاوي أنّ تجربة المغرب في مكافحة الإرهاب تستحق الدرس وتعمل تونس على الإنفتاح على التجربة المغربية في ظل الحوار الوطني حول مقاومة الإرهاب.
وقرّر المغرب تكوين 500 إمام في مالي لمواجهة التطرف ونشر المذهب المالكي في هذا البلد الافريقي.

الخلاف مع الجزائر

أوضح الكحلاوي أن تونس لا تتدخل في الخلاف بين المغرب والجزائر وهي تحاول دائما تذليل الصعوبات بخصوص الخلاف القائم، وقال: "تعتقد تونس أنه لا يمكن بناء المغرب العربي دون التوافق المغربي الجزائري وهي تعمل على أساس عدم تعميق الخلاف وتوفير كل الظروف لتحجيم الخلاف المغربي الجزائري".

وأكد أن بناء الإتحاد المغاربي مسألة استراتيجية لتونس وكلفة عدم اقامته عالية جدا والتوافق المغربي الجزائري أكثر من ضروري لأنه في ظل الوضع الحالي لا يمكن الحديث عن مغرب عربي.

وشدد الكحلاوي على أنه لا يمكن الحديث عن تنافس بين المغرب والجزائر لأنّ المنافسة الآن من دول كبرى من خارج افريقيا وأقطار مثل المغرب والجزائر وتونس تتنافس حول الوضع الداخلي، ولا تتنافس خارج ذلك، لأنّ الدول الكبرى تحضر بقوة وآخرها كان النفوذ الصيني في افريقيا، وبالتالي لا يوجد تنافس بالمعنى السلبي للكلمة بين المغرب والجزائر.

تذليل العقبات والخلافات

وأكد أن المشكل الحقيقي بين المغرب والجزائر يتمثل في مسألة الصحراء الغربية والتي لها تداعيات كثيرة، والواجب يدعونا إلى بناء استراتيجية مغاربية للإستفادة من القارة الإفريقية والإستثمار فيها.

وفي السنوات الأخيرة، لاحظ متابعون صراع نفوذ بين المغرب والجزائر في أفريقيا الغربية وخاصة في موريتانيا والسنغال وبوركينا فاسو ومالي.

ويراهن المغرب على الاستثمارات التي تقوم بها شركاته وبنوكه في أفريقيا الغربية بينما توظف الجزائر المساعدات المالية التي تقدمها إلى هذه البلدان.

وقد وافق وزراء خارجية 19 دولة في اجتماع عقد بالمغرب في شهر نوفمبر الماضي على "إعلان الرباط" من خلال إنشاء معسكر تدريب مشترك لتأمين الحدود تتويجا لجهود المغرب في مكافحة الإرهاب.

وقام ملك المغرب محمد السادس بجولة افريقية شملت كلا من مالي وغينيا والغابون وكوت ديفوار لتعزيز تواجد المغرب ونفوذها خلال بداية شهر مارس آذار الماضي.