يشعر سكان بلدة برطلة المسيحية في محافظة نينوى العراقية انهم محاصرون في منازلهم حيث يتابعون بخوف وقلق تطورات الاحداث الامنية في منطقتهم التي لا تبعد سوى كيلومترات قليلة عن المسلحين الجهاديين الذين يسيطرون على مدينة الموصل.
برطلة: تقع بلدة برطلة المسيحية التي يعيش فيها نحو 30 الف شخص على بعد نحو 20 كلم من الموصل (350 كلم شمال بغداد) ثاني اكبر مدن البلاد والتي يسيطر عليها مسلحون جهاديون منذ اكثر من عشرة ايام.
وتفتقد برطلة التي عبر منها الجنود وعناصر الامن المنسحبون من الموصل، الى حماية قوات الشرطة التي غادرتها وتركتها في ايدي قوات البشمركة الكردية ونحو 600 مسلح من سكانها.
وتقول صبا يوسف ان "الحكومة لا تهتم لأمرنا. رأينا كيف هرب الجيش وتركنا لنموت"، مضيفة "الآن نعتمد على الله والحراس والبشمركة لاننا لا نحظى بأي حماية حقيقية من المسلحين في حال اتوا الينا".
ومنذ سقوط الموصل، انقطعت الكهرباء والمياه عن برطلة.
ويرى ميلاد جبرائيل العضو مع صديقه تحرير منير في مجموعة مسلحة تتولى حماية اربع كنائس في البلدة، ان سكان برطلة "يعانون ايضا من العقاب الجماعي الذي تفرضه الحكومة على مدينة الموصل".
وفي كنيسة مريم العذراء، يروي جبرائيل شعور الخوف الذي يعتري السكان والخشية من امكانية اقتحامها من قبل المسلحين الجهاديين. وقال "سأبقى هنا مهما حصل. واذا كان علي ان اموت من اجل حماية الكنيسة فسافعل ذلك".
ونصبت حواجز حول كنائس المدينة ويتولى مسيحيون ومقاتلون اكراد التدقيق في السيارات التي تدخل الى برطلة.
والقوات مزودة بأسلحة قليلة. لكن هذا لا يمنع المسؤول المحلي الكردي عيسى سورشي من ان يؤكد ثقتهم في قدرتهم على صد هجوم للجهاديين.
وقال "يمكننا حماية هذه المدينة ومناطقنا"، مؤكدا انه اذا كان المتمردون مدججين بالأسلحة خصوصا بفضل الاسلحة التي تركها الجيش العراقي، فللبمشركة مصادرها ايضا.
واوضح هذا المسؤول الذي كان يتحدث في مقر محلي لحزب سياسي كردي تحميه البشمركة "لن ندخل الى الموصل لكن لدينا اوامر بحماية هذه المنطقة ومقاتلة المسلحين اذا وصلوا".
وخوفا من هجوم لهؤلاء المسلحين، فرت حوالى عشرين عائلة من برطلة. لكن اغلبية السكان بقوا فيها ويستضيفون اقرباء فروا من الموصل.
وغادرت برناديت بسترس الموصل مع زوجها واولادها الخمسة بعدما رأت المسلحين يتجولون في شوارع الحي الذي تقيم فيه.
وقالت "شعرنا بالهلع وبدأنا رحلتنا سيرا على الاقدام"، معتبرة ذلك آخر التطورات في كابوس طويل يعيشه مسيحيو العراق الذين انخفض عددهم اكثر من النصف منذ الغزو الاميركي في 2003.
وقالت ان "وضعنا مأسوي منذ سنوات. خطف اثنان من اخوتي في 2008. ثم افرج عن احدهما بينما قتل الثاني". وتابعت "الآن نحن عالقون في نزاع لا يعنينا".
وقال شقيقها "في عهد صدام حسين كنا نعرف ان هناك اسما واحدا يجب الا نلفظه (...) لكن الآن نتعرض لقمع الحكومة وعنف المتمردين وليس لدينا اي مكان نذهب اليه".
وفي الكنيسة، عبر منير عن الرأي نفسه. وقال "كان هناك ديكتاتور ثم زعيم طائفي والآن هؤلاء المسلحون. اشك في ان يكون للعراق مستقبل جيد".
التعليقات