شهدت الفترة الماضية في مصر صعوداً سياسياً واضحاً للمدير المخابرات العامة السابق، اللواء مراد موافي، لا سيما في أعقاب الإطاحة بنظام حكم جماعة الإخوان المسلمين، في 3 يوليو/ تموز الماضي. وتصدرت أخباره وسائل الإعلام المصرية، وكرمته مؤخراً أكاديمية السادات للعلوم الإدارية.


صبري عبد الحفيظ من القاهرة: اعتقد كثيرون أن الرئيس السابق محمد مرسي، قضى تماماً على المستقبل السياسي للواء مرد موافي، رئيس جهاز الاستخبارات المصري، عندما أقاله من منصبه في شهر أغسطس/ آب 2012، في أعقاب مقتل 17 جندياً في مدينة رفح خلال تناول الإفطار في شهر رمضان، إلا أن موافي عاد للأضواء مرة أخرى، بعد تدخل الجيش بقيادة عبد الفتاح السيسي، وعزل مرسي وقضى على تنظيم الإخوان في 3 يوليو/ تموز الماضي.

بدأ إسم موافي يتردد في الإعلام بقوة مع الترشيحات لإنتخابات رئاسة الجمهورية، قبل أن يحسم السيسي أمره، ويقرر في نهاية المطاف الترشح.

ورغم ترشح السيسي إلا أن المصريين منحوا موافي 15 ألف توكيل للخوض المنافسة على الكرسي الرئاسي، لكن موافي أعلن دعمه للسيسي.

عينه على التشريعية

في أعقاب فوز السيسي الساحق بمنصب رئيس الجمهورية، أعلن موافي بالإشتراك مع عمرو موسى الأمين العام السابق للجامعة العربية، تكوين تحالف حزبي لخوض الإنتخابات البرلمانية المقبل، ويكون ظهيراً سياسياً للرئيس السيسي، ولكن سرعان ما أعلن موافي انسحابه من ذلك التحالف إحتجاجاً على ما وصفه ب"استغلال بعض الشخصيات له لتحقيق مصالح خاصة".

مازال موافي يسعى إلى تكوين تحالف سياسي من أجل اختراق الحياة السياسية، ويرى مراقبون أن موافي يسعى لدعم السيسي سياسياً، إلى جانبه سعيه إلى لعب دور سياسي خلال الفترة المقبلة، من داخل المطبخ السياسي، وليس من خارجه.

ويهدف موافي إلى احباط مخطط تيارات الاسلام السياسى للعودة مرة أخرى الى قيادة المشهد السياسي، مع إقتراب الإنتخابات البرلمانية.

قد ينجح !

يرى سياسيون أن مساعي موافي لتكوين تحالف سياسي، يمكن أن تكلل بالنجاح.

وقال محمود العلايلى السكرتير العام لحزب& المصريين الأحرار لـ"إيلاف"، إن الظهور السياسي والاعلامي لموافي، له أكثر من دلالة، مشيرا إلى أن مساعيه لتكوين تحالفات سياسية انتخابية، سيكون لها تأثيرات على الكتلة البرلمانية لأحزاب كبيرة مثل "النور" أو الاحزاب المؤيدة للمرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي.

ويستبعد أن يكون للرئيس عبد الفتاح السيسي أية علاقات بهذه التحالفات السياسية، التي تقودها شخصيات مقربة منه.

وقال: أرى أن السيسي لن يربط نفسه بأية أحزاب أو كيانات سياسية خاصة اذا كانت قيادات تلك الاحزاب او التحالفات السياسية تقودها شخصيات ووجوه قديمة.

قد يكسب ود كثيرين

وحسب وجهة نظر، اللواء فريد حجاج، الخبير العسكري، فإن التحالفات التي يسعى& موافى لتكوينها فكرة جيدة.

وأضاف ل"إيلاف" إن موافي رجل شغل موقع مدير المخابرات العامة، وشغل مواقع قيادية في الجيش المصري وجهاز المخابرات الحربية، مشيرا إلى أن من ضمن الشخصيات التي درست جيدا الحالة السياسية المصرية.

وتوقع أن ينجح موافي في ضم شخصيات سياسية مصرية محترمة إلى تحالفات، والتأثير في تكوين البرلمان المقبل، مستبعداً أن يكون لموافى أي أدوار تنفيذية في عهد السيسي، متوقعاً أن يقتصر دوره السياسي على البرلمان فقط.

الاسلاميون: ظهير للسيسي

وبالمقابل، يرى التيار الإسلامي في مصر، أن دخول شخصيات عسكرية ورموز سياسية في الحياة السياسية ومحاولة السيطرة على البرلمان، تهدف إلى تكوين ظهير سياسي للسيسي.

وقال محمد أبو سمرة، القيادي بالتحالف الوطني لدعم الشرعية لـ"إيلاف" إن سعي الوجوه السياسية القديمة لتدشين كيانات سياسية جديدة، تؤشر على أن السيسي لا يمتلك أي ظهير شعبي أو سياسي، مشيرا إلى أن& الأحزاب القديمة والشخصيات السياسية تريد حجز مكان لها في النظام السياسي الجديد للدولة.

ولفت إلى أن الشخصيات العسكرية مثل اللواء مراد موافي التي تدخل الآن معترك الحياة السياسية قد تعمل بتدخلاتها إلى احداث عملية حصار سياسي للسيسي، يشبه الحصار السياسي الذى قاده رجال الوطني وحاشية& الرئيس الأسبق حسني مبارك، مما كان له دور واضح في ثورة 25 يناير 2011، واسقاط النظام.

ورغم أن التحالف الذي تقوده جماعة الإخوان يقف ضد موافي، إلا أن حزب النور السلفي قرر الإنضمام إلى تحالف مدير المخابرات الأسبق.

من أجل برلمان قوي

موافي مازال يواصل مشاوراته ومساعيه من أجل تكوين تحالفه السياسي، وقال في بيان له: "كل الشكر على الثقة التي منحوني إياها طيلة الفترة الماضية من أجل العمل لبناء تحالف يسعى إلى ترسيخ مفهوم الدولة الوطنية، وهو الأمر الذي يجعلنا جميعًا أن نعلي المصلحة الوطنية، وأن نكون جميعًا على قلب رجلًا واحد، وبعيدًا عن أي مصالح أو مناصب شخصية، وهو ما يجب أن نعمل عليه جميعا في هذه اللحظة الراهنة من تاريخ الوطن بكل ما تحتويه من تحديات داخلية وخارجية، وحتى يتحقق ذلك، ويكون هذا المفهوم هو السائد في أي تحالفات قادمة أو تحت التأسيس".

ودعا إلى إعادة النظر في المشهد الراهن، والعمل من أجل برلمان قوي.

وقال: "إنني أرى أن أعيد النظر في المشهد الراهن، وبعد أن أنهينا الاستحقاقين الأول والثاني من خارطة المستقبل بنجاح عظيم، وذلك لحين ترسيخ مفاهيم العمل الوطني ومن خلال برلمان يعمل لصالح الوطن الذي عشت طيلة حياتي أعمل من أجله".