جيلجيت: أفاد تحقيق ميداني ان مقتل عشرة من متسلقي الجبال الاجانب ومرشدهم على سفح جبل نانغا باربات او "جبل الموت" شمال باكستان قبل عام واحد نجم في الواقع عن محاولة لخطف اميركي صيني لم تحقق اهدافها.
وكان الهجوم الذي وقع في 22 حزيران (يونيو) 2013 في مخيم على تاسع اعلى قمة في العالم (8126 مترا) في منطقة سياحية في الهيمالايا هادئة عادة، الاعنف الذي يستهدف اجانب في باكستان خلال عشر سنوات.
وبعد لقاءات عدة مع مسؤولين ومحققين محليين ومتمردين مرتبطين بالهجوم، تمكنت وكالة فرانس برس من اعادة تركيب سلسلة الوقائع التي ادت الى المجزرة وتبدو اكثر تعقيدا من فرضية هجوم عشوائي للاسلاميين التي طرحت حتى الآن.
وبعد سنة على الهجوم، ما زالت جبال جيلجيت بالتيستان تواجه صعوبة على انعاش السياحة. وقتل في هذا الهجوم ثلاثة اوكرانيين وصينيان وسلوفاكيان وليتواني ونيبالي ومرشدهم الباكستاني. لكن مصادر المتمردين قالت ان الضحية الحادية عشرة الاميركي الصيني كانت الهدف في البداية.
وبدأت القصة في حزيران/يونيو 2012 عندما اتصل مقاتل محلي باسلاميين آخرين ليبلغهم بوصول قائدين غامضين الى المنطقة ورغبتهما في لقائهم. وحتى ذلك التاريخ، كانت منطقة جيلجيت بالتيستان بعيدة نسبيا عن هجمات المتمردين الاسلاميين التي تشهدها البلاد منذ 2007.
الا ان هذه المنطقة النائية استخدمت لعقود قاعدة خلفية لمقاتلين اسلاميين يحاربون في كشمير الهندية او جماعات اسلامية سنية متطرفة. وما زال كثيرون من هؤلاء متواجدين فيها. وعشية العملية، اجتمعت مجموعة المتمردين في منزل في مدينة شيلاس حيث قدم رجلان يرتديان البرقع نفسيهما على انهما قائدان في حركة طالبان.
وابلغ المقاتلون بالعملية التي يجب عليهم تنفيذها. وقال احد المحققين لفرانس برس "قيل لهم ان المهمة هي خطف اجنبي لمبادلته بقيادي مهم لطالبان". واكدت مصادر عديدة من المتمردين ان الهدف كان الاميركي الصيني شين هونغلو الذي كان عضوا في حملة لمتسلقي الجبال الى نانغا باربات.
وفي المساء توجهت المجموعة المسلحة التي ضمت عشرة متمردين الى معسكر "جبل الموت" كما يسمى نانغا باربات بسبب وعورته التي اودت بحياة عشرات من هواة تسلق الجبال. وارتدى افراد المجموعة بزات لوحدة خاصة للشرطة الباكستانية.
وقال احد المتمردين ان "القائدين نزعا البرقع وكانا يرتديان بزات عسكرية مثلنا لكنهما واصلا اخفاء وجهيهما". وعندما وصلوا الى المكان وفي برد اليلل القارس، خرجت الخطة عن مسارها. فشين هونغلو الذي تدرب بشكل جيد على فنون قتالية عدة، تمكن من صد المهاجم الذي اراد اسره ما فاجأ المتمردين.
وفي حالة من الهلع قام هذا المهاجم ويلقب بمجيب بقتل الاميركي الصيني مما افشل كل العملية. وقال شاهد اكد محققان روايته إن "كل المجزرة نجمت عن رد فعل مجيب". وبعد ذلك تسارعت الوقائع. وقال الشاهد ان متسلقي الجبال التسعة الآخرين ومرشدهم ربطوا، وعلى الرغم من توسلاتهم "قام القائدان بقتل كل منهم برصاصة في الرأس".
وبعد قتل السياح، مشى قتلتهم خمس ساعات الى قرية احرقوا فيها بزاتهم وتناولوا الافطار قبل ان ينتقلوا الى قرية اخرى ويتفرقوا.
وبمعزل عن جنسيته الاميركية، لم يعرف سبب استهداف شين هونغلو (50 عاما) في هذه العملية. وذكرت مجلة متخصصة بتسلق الجبال انه درس هندسة الكهرباء في الصين ثم عمل في كاليفورنيا قبل ان يعود الى شنغهاي.
وفي تسجيل فيديو لدى المحققين، اعترف مجيب بقتل شين مبررا ذلك بانه لم يكن يريد الاستسلام وهدده بالفنون القتالية للدفاع عن النفس التي يتقنها. وقال "ماذا تريدون ان افعل انتظر ليقتلني؟ شعرت بالهلع واطلقت النار".
وبعد الهجوم، احتاجت السلطات لاربعة اشهر قبل توقيف المشبوهين الاوائل.& وقد اوقفوا 18 شخصا ما زال خمسة منهم في الحبس. لكن مصادر المتمردين تقول ان واحدا من هؤلاء فقط متورط فعليا في الهجوم. اما مجيب فما زال مختبئا في غابات المنطقة حيث يسجل من حين لآخر قصائد جهادية تباع في الاسواق بعد ذلك.
وقال بشير قرشي عضو الفريق المكلف التفاوض من اجل استسلام المذنبين مع القبائل المحلية ان القضية ما زالت غامضة في عدد كبير من جوانبها بدءا من تباطؤ الحكومة في العثور على القتلة الحقيقيين في هذه المناطق التي تهيمن فيها الجماعات الاسلامية التي يرتبط بعضها تاريخيا بالجيش.
واضاف "ليس هناك اي شىء واضح. لقد اوحوا بان كل مرتكبي الهجوم اوقفوا لكن المذنبين الحقيقيين ما زالوا احرارا"، بدءا من القائدين صاحبي البرقع.
&
التعليقات