&
بغداد: قبل اشهر، فوجيء المصلون في مسجد في مدينة الفلوجة العراقية بمسلح يضع نظارة شمسية يعتلي المنبر بدل الشيخ الذي يؤم الصلاة عادة، في حين وقف رجل الدين المعتدل جانبا، فيما المسلحون المتشددون يحرضون على العنف ضد قوات الامن العراقية.
وقال احد المصلين لوكالة فرانس برس رافضا الكشف عن اسمه ان "الرجل كان يرتدي دشداشة ويحمل سلاحا في سترته العسكرية".
&
واضاف ان "الشيخ بدا منزعجا جدا. وعندما بدا الرجل المسلح بالحديث، ركز الشيخ نظره على الارض وكانه لا يريد ان يسمع ما يقوله الرجل الاخر".
وحرض المسلح في "خطبته" على سرقة وقتل عناصر القوات الامنية، باعتباره عملا حلالا يجوز شرعا، في دعوة ضريت بعرض الحائط فتوى اصدرها رجال الدين السنة لتحريم هذه الافعال قبله باسبوع.
&
وتحدثت مصادر اخرى في مدينة الفلوجة التي تعرف بمدينة المساجد، عن ان المسلحين باتوا يفرضون على الشيوخ محتوى خطب الجمعة.
ويفرض مقاتلون جهاديون سيطرتهم على مدينة الفلوجة (60 كلم غرب بغداد) واجزاء من مدينة الرمادي (100 كلم غرب بغداد) في محافظة الانبار منذ اوائل كانون الثاني/يناير.
&
واليوم بات تنظيم "الدولة الاسلامية" المتطرف يفرض افكاره ومعتقداته على مساحات شاسعة شمال وغرب وشرق البلاد بعد الهجوم الكاسح الذي شنه مع تنظيمات سنية متطرفة اخرى منذ اكثر من شهر.&
وبحسب مصادر عشائرية وامنية، فان الهجوم الخاطف على مدنية الموصل (350 كلم شمال بغداد) بدأ بقيام عناصر "الدولة الاسلامية" باعدام 13 رجل دين سني لرفضهم مبايعة الجماعة التي يقودها ابو بكر البغدادي.
&
وكان بين هؤلاء العلماء امام مسجد النور والذي يطلق عليه المسجد الكبير الذي ظهر فيه البغدادي للمرة الاولى في تسجيل مصور والقى خطبة الجمعة في الرابع من تموز/يوليو.
ودعا البغدادي في خطبته الى "طاعته" في محاولة واضحة من قبل الجهاديين الى فرض سلطة السلاح على السلطة الدينية.
&
واثارت هذه التكتيكات الخوف بين رجال الدين السنة.
وقال رجل دين سني رفض الكشف عن اسمه لفرانس برس "حينما جاءت داعش الى الفلوجة لم يقوموا بتهديد الائمة والخطباء، لكن هؤلاء غادروا المدينة بعدما شعروا ان لا ارضية مشتركة مع امير داعش".
&
ورجل الدين هذا هو شقيق احد المصلين الذي سمع خطبة ملتهبة في الفلوجة، اتصل بعدها بشقيقه لتحذيره مما سمع.
وقال رجل الدين الذي فر الى كركوك (240 كلم شمال بغداد) "اصبح معلوما في الخطبة ان عناصر رجال الامن الذين لم يتوبوا لداعش تصبح اموالهم حلالا، وان هؤلاء الذين لا يسلمون سلاحهم اليهم يصبحون مطلوبين".
&
واضاف "اذا ما عدت الان مع باقي الشيوخ الى الفلوجة، لا تعرف باي تحية سوف يحيونك، بالاغتيال ام بتهمة الخيانة؟"
ولم يصل تنظيم "الدولة الاسلامية" الى بغداد، حيث لا يزال الشيخ احمد العاني يملك ثقة كافية للتحشيد ضد هذه الجماعة.
&
وقال ان "مسار هؤلاء الناس يعتمد على كسب البسطاء ويقودهم الى الهاوية، هؤلاء الناس لا يمثلون السنة على الاطلاق".
واضاف "الكل معرض الى الخطر...الخوف هو ان الجميع صامتون، ويدفنون رؤوسهم في الرمال".
&
لكن رسالة رجال الدين المعتدلين ضاعت وسط ضجيج المعارك، حيث دعت بعض الجماعات السنية الى حمل السلاح ضد الحكومة التي يقودها الشيعة.
وجذبت الدعاية التي يديرها تنظيم "الدولة الاسلامية" على الانترنت الشباب المتحمسين للقتال من مناطق متفرقة في الشرق الاوسط وحتى من اوروبا والولايات المتحدة.
&
وقال رجل الدين في كركوك ان احد الاباء طلب منه التحدث مع ولده الذي اطلق لحيته وشعره والتحق بمقاتلي "الدولة الاسلامية".
وقال رجل الدين "لم استطع التحدث معه" مضيفا "خفت ان يشهر بي ويقول ان هذا الرجل يمنعني من الجهاد".