رشحت معلومات في بغداد تشير إلى أنّ نوري المالكي طلب ضمانات قانونية وادارية مقابل تنحيه عن منصبه وتخليه عن الولاية الثالثة التي يسعى اليها.


أسامة مهدي من لندن: فيما يستعد مجلس النواب العراقي لاستئناف جلساته غدًا الثلاثاء للانتهاء من ثالث استحقاق دستوري بإختيار مرشح لتشكيل الحكومة الجديدة، فإنّ التحالف الشيعي سيبحث في اجتماع مصيري خلال الساعات المقبلة تسمية هذا المرشح وامكانية عرضه على البرلمان غدًا، وسط معلومات ترشح حاليًا عن طلب المالكي لضمانات قانونية وادارية مقابل تنحيه عن منصبه وتخليه عن الولاية الثالثة التي يسعى اليها.

لكن كتلة الأحرار التابعة للتيار الصدري اكدت أن منح رئيس الحكومة نوري المالكي ولاية ثالثة أمر صعب، وقال النائب عن الكتلة رياض غالي إن "ضغوطًا كافية مورست على ائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي من الداخل والخارج لتقديم بديل عن رئيس حكومة بديل، ما جعل تجديد الولاية له أمرًا صعبًا"، موضحاً أن "هناك أكثر من اسم يمكن ان يطرح مثل خضير الخزاعي (نائب رئيس الجمهورية) أو حسين الشهرستاني (نائب رئيس الوزراء)، اضافة الى وجود أسماء اخرى من الائتلاف الشيعي مثل ابراهيم الجعفري (رئيس التحالف) واحمد الجلبي (رئيس المؤتمر الوطني) وعادل عبد المهدي (القيادي في المجلس الاعلى الاسلامي".

وأشار النائب الصدري الى أن "هناك خيارين أمام دولة القانون والمالكي إما الخروج من التحالف الشيعي، وهذا انتحار سياسي لعدم وجود مقبولية لديه داخل التحالف وخارجه أو تقديم مرشحين من دولة القانون يحظون بمقبولية".

تطمينات بين القبول والرفض

ومن جانبه، اكد النائب الصدري طارق الخيكاني أن المالكي طلب الحصول على تطمينات من التحالف الوطني بشأن عدم محاسبته قانونيًا على جميع الأحداث التي حصلت خلال فترة حكمه للعراق، والتي استمرت ثمانية أعوام.

وقال إن جميع الكتل المنضوية داخل ائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي أبدت مرونة في تقديم مرشح توافقي بدلًا عنه استجابة لرأي المرجعية.

وكشف الخيكاني أن المالكي "بدأ يبحث عن تطمينات بشأن عدم محاسبته على الأحداث التي حصلت في فترة حكمه، وأن كتل التحالف منحته التطمينات مقابل سحب ترشيحه، وأن جزءًا من هذه التطمينات قد يتمثل في منحه موقعًا بارزًا في مؤسسات الدولة"، بحسب قوله.

وعلمت "إيلاف" أن من بين مطالب المالكي للتنحي والتي طرحها على التحالف الشيعي، الذي يناقشها في اجتماع له مساء اليوم، عدم ملاحقته أوملاحقة أركان حزبه ومكتبه واقربائه قانونيًا أو ماليًا(بعدم فتح أي ملفات فساد) أو قضائيًا (بعدم إثارة أية اوامر أصدرها (بإعتقالات وعمليات تعذيب).

كما اشترط منحه موقعاً رئاسيًا يختاره هو أو من يرشحه، وهو (نائب رئيس الجمهورية)، وأن لا يحتسب المنصب من ضمن النقاط التي يتم وفقها توزيع المناصب بين الكتل السياسية.

واضافة الى ذلك يشترط المالكي منح ائتلافه وزارات مهمة واحدة منها سيادية (الداخلية)، وأن يحتفظ بكل المباني والعقارات التي يشغلها حاليًا هو وقادة حزبه ومنها بيته ومكتبه وموقع اجتماعات دولة القانون والذي كان يسمى بلاك هوك، وأن يحتفظ بالعشرات من عناصر الحماية له شخصياً برواتب كاملة على أن لا يتم إخضاعهم لأي سلطة أمنية.

وتخص معظم التطمينات التي طلبها المالكي ملف الفساد الثقيل، حيث أنه ومنذ تسلمه رئاسة الوزراء عام 2006 تم عقد صفقات تسليح كبرى مشبوهة، فضلاً عن مشاريع إعادة الإعمار التي شابها الكثير من الغموض.

كما أن مخاوف رئيس الوزراء تمتد إلى سيطرته على الوزارات السيادية وخاصة الدفاع والداخلية حيث تم توظيف المنتسبين فيهما لاعتبارات طائفية، وارتكب الكثير من التجاوزات في حق المعتقلين وسيادة أساليب التعذيب الوحشي.

لكن خالد المفرجي، القيادي في ائتلاف القوى الوطنية (السني) وأحد قادة الحراك الشعبي في محافظة كركوك، قال إن "محاولة بعض الأطراف السياسية مساومة رئيس الحكومة المنتهية ولايته نوري المالكي بإعطائه ضمانات بعدم ملاحقته قانونيًا مقابل التنازل عن الولاية الثالثة، أمر مرفوض ولن نقبل به".

واوضح المفرجي في تصريح اليوم أنه "لا يوجد نص أو مادة في الدستور العراقي تسمح بإعطاء ضمانات للمالكي أو أي شخص كان، بعدم إقامة شكاوى أو دعاوى قضائية ضده في حالة تخليه عن منصبه".

وأضاف أن "هذا الأمر متروك للشعب العراقي اليوم بعد هذه المعاناة والنكبات والتهجير والوضع الصعب جداً اليوم، أكثر من ثلث العراق يعاني أوضاعاً مأساوية، وبعد ذلك يعطي له ما يريد".

وشدد على أن "هذا الأمر صعب جدًا ولا حتى يناقش ليس من قبلنا فقط، بل حتى من التحالف الوطني لأنه يعارض نصوص ومواد الدستور العراقي". وقال إن "هذا الامر متروك للقيادات السياسية للمناقشة أولاً لإيجاد مخرج يرضي الشعب العراقي لأنه لا يقبل أن يتنازل عن حقه".

متمسك بالولاية الثالثة

وفي مواجهة ذلك، جدد ائتلاف دولة القانون، اليوم الاثنين، تمسكه بترشيح زعيمه رئيس الوزراء نوري المالكي لتشكيل الحكومة بولاية ثالثة، وقال النائب عن الائتلاف عبد السلام المالكي إن "ائتلافه مازال متمسكاً بشخص نوري المالكي كمرشح وحيد لمنصب رئيس الوزراء ضمن الاستحقاقات الدستورية والانتخابية"، مشيراً الى أن "التحالف الوطني فشل في الاتفاق على مرشح واحد مما يجعل دولة القانون ومرشحها المالكي هي الاقرب لتشكيل الحكومة المقبلة".

واضاف أن "دولة القانون هي الكتلة الاكبر برلمانيًا، حسب تفسير المحكمة الاتحادية، لكن هذا لا يعني تخلي دولة القانون عن حلفائها في التحالف الوطني لكن الاستحقاق الدستوري شيء وتحريك العملية السياسية داخل بيت التحالف ضمن أطرها التي تحفظ العراق وشعبه هو شيء آخر، خاصة أن التحالف فشل بتقديم مرشح لرئاسة الوزراء مما يجعل دولة القانون هي الاقرب لتشكيل الحكومة المقبلة".

واشار النائب المالكي في بيان صحافي اطلعت "إيلاف" على نصه الى أن "حديث البعض عن وجود 235 نائباً (من بين مجموع عدد النواب البالغ 328) يرفضون تولي المالكي ولاية ثالثة هي مغالطة واضحة بحسب عدد الاصوات التي حصل عليها، خاصة أن كل المؤشرات والرسائل التي وصلتنا من باقي الاطراف تشير الى أن المالكي سيحصل على اصوات اكثر من التي حصل عليها مرشحو رئاستي الجمهورية والبرلمان".

واوضح النائب المالكي أن "دولة القانون ماضية في مشروعها الوطني المبني على اساس بناء حكومة قوية تتجاوز التخندقات الطائفية وتنتقل لأفق دستوري مؤسساتي يحفظ سلامة البلد وكرامة مواطنيه"، داعيًا باقي الاطراف السياسية الى "احترام ارادة الشعب وما افرزته الانتخابات لأنها المصدر الاول وصمام الامان لتجربتنا الديمقراطية في عراقنا الجديد"، بحسب قوله.

ورغم ذلك تقول مصادر عراقية مطّلعة إن التحالف الشيعي قد حسم أمر مرشحه لرئاسة الوزراء وإن هناك اتفاقًا على التخلي عن رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي.

واوضحت أن التحالف أبلغ المالكي بقراره منذ أيام قليلة مسنودًا بدعم قوي من المرجعية الشيعية العليا لرجل الدين علي السيستاني وبموقف إيران التي عبّرت في أكثر من مرة عن استعدادها للقبول بتنحية المالكي مقابل أن يظل منصب رئيس الوزراء من نصيب التحالف الشيعي الذي يضم احزاباً وقوى شيعية مرتبطة بها.