يدعو سمير جعجع مسيحيي العراق إلى الصمود، متوعدًا تنظيم داعش أن يكون لبنان مقبرته إن أتى إليه، ومعربًا عن تشاؤمه حيال الملف الرئاسي.


بيروت: في حديث أجرته معه صحيفة الشرق الأوسط، أكد سمير جعجع، رئيس حزب القوات اللبنانية، أن لبنان سيكون مقبة الداعشيين إن وصلوا إليه، وأن المسيحيين لا يمكنهم التعايش مع أي نظام دكتاتوري أو نظام ديني.
&
أصمدوا فالأرض لكم!
وقال جعجع: "في نهاية الأحداث في الشرق الأوسط، ولو بعد حين، سيصبح هناك ديمقراطية، حينها يستعيد المسيحيون انتعاشهم، ويرجع قسم منهم إلى سوريا والعراق، ليبنوا منازلهم من جديد، لأنهم لا يستطيعون أن يتواجدوا إلا في مناخات ديمقراطية".&
ودعا جعجع المسيحيين في العراق إلى الصمود، "لأنهم ليسوا أجانب على الأرض بل من صلبها، وخصوصًا مسيحيو سهل نينوى هم في أساس الثقافة الموجودة هناك، إن كانت آشورية أو كلدانية أو سومرية أو سريانية، هم ليسوا مستوردين أو جاؤوا بالأمس إلى هذه الأرض".&
أضاف: "عليهم أن يتوحدوا ويتمسكوا بأرضهم، لا شك في أن الأمر صعب، وعلينا أن نقوم بمساعدتهم، لكن في البداية هم من يجب أن يتمسك بأرضهم التى لها حق عليهم".&
ولا يؤيد جعجع ما يسميه البعض بحلف الأقليات، "فعلى سبيل المثال، النظام في سوريا يعتبر من الأقليات، فهل يمكن لأي مسيحي عاقل يحفظ الحد الأدنى من الإنجيل ومن القيم التي من المفترض الإنسان أن يتحلى فيها أن يمشي مع هذا النظام؟ طبعا لا، فالنظام في سوريا هو من ألحق أكبر ضرر بمسيحيي سوريا ومسيحيي لبنان، فمسيحيو سوريا هاجروا رويدًا رويدًا مع استلام البعث للسلطة، وفيما بعد نظام الأسد".
&
يحملون بذور فنائهم
واكد جعجع أنه لم يقلل للحظة من وحشية إجرام داعش، "بل على العكس، أراهم جماعة من المجرمين، واعتبرهم منحرفين حتى إشعار آخر، لأننى لا أتصور أن هناك بشريًا، مهما كانت عقيدته، يستطيع أن يقتل إنسانًا أمام الكاميرا بدم بارد وهو أسير عنده، فهذه الجرائم حصلت في القرون الوسطى وما قبل، ولم تحصل من بعدها".
وقال: "النازيون فقط قاموا بها، والآن الداعشيون، وانطلاقًا من تصرفاتهم وعقيدتهم الفعلية وليست الظاهرية فلا أرى أن لديهم مقومات استمرار أو مقومات بناء شيء جدي، فتواجدهم جاء نتيجة حالة فوضى عارمة في سوريا والعراق".
وجدد جعجع التأكيد أن لا شيء أخاف مسيحيي لبنان منذ الآف السنين إلى الآن، "فالداعشيون بطبيعتهم يحملون بذور فنائهم، وهذا ما يجعلنى لا أخاف منهم، مع العلم أنه يجب مواجهتهم بشكل كامل ومن دون هوادة، لأن جماعات مثل داعش يجب مواجهتها حتى النهاية، ويجب القضاء عليها، باعتبار أنها بذور فساد في البشرية ككل، وهي أكثر من ألحق الضرر بالإسلام، لذا اتخذت المملكة العربية السعودية موقفًا حازمًا وواضحًا في هذا الخصوص، لأن وجود هذا التنظيم هو أكبر تحد للإنسانية بحد ذاتها".&

مقبرتهم هنا
وعن كيفية حماية لبنان من داعش، سأل جعجع: "كلنا نعرف أن داعش إذا أرادت المجيء إلى لبنان فسوف تأتى من الحدود الشرقية، فلماذا لا نغلق هذه الحدود؟".
وزاد في التساؤل: "يقولون إن عديد الجيش لا يكفى، نعم هذا صحيح، لكن هناك 50 دولة عرضت علينا أن تساعد الجيش اللبنانى لضبط الحدود اللبنانية السورية، فلماذا لا نستفيد من هذه العروض؟".
اضاف متهكمًا: "الأمر بسيط، وهو اعتماد وسائل تقنية متطورة تحتاج إلى خمسة عسكريين كل 10 كلم، وبالتالي الجيش قادر بسهولة على القيام بهذه الخطوة، لكن للأسف هذا لم يحصل، لماذا؟ لأن الشباب في حزب الله لا يريدون ضبط الحدود اللبنانية – السورية، لكي يقوموا بهواياتهم المفضلة عند الحدود بالتسلق والهرولة والسباحة!". وتساءل جعجع: "من قال إن الداعشيين سيأتون إلى لبنان، أو هم قادرون أصلًا على الوصول إليه؟ فإن وصلوا ستكون مقبرتهم هنا ليس أقل من ذلك".

تابعة لأحزاب 8 آذار
ونفى جعجع الأنباء التي تتكلم عن إقامة المسيحيين في البقاع الشمالي الأمن الذاتي. وقال: "الوضع في تلك المنطقة لا يحتاج إلى حراسة، فماذا تفعل له طالما الجيش والقوى الأمنية أمامهم بكيلومترات كثيرة تصل إلى 40 كيلومترا؟ لكن ما يحصل هو أن البعض، وللأسف بتشجيع من بعض الأجهزة الأمنية في الدولة ولأسباب سياسية بحتة، يقومون بتحرك ما. ومن دون شك أن هناك بعض أصحاب الوجدان الحي الذين يفكرون أن هذه القرى يجب حمايتها لكنهم أقلية".
أضاف: "المجموعات التي تراها تتسلح في تلك المنطقة تابعة لأحزاب 8 آذار، ولو أن 8 آذار فعليًا يريدون حماية تلك القرى المسيحية لكانوا طالبوا معنا بضبط الحدود اللبنانية السورية، وهذا الذي يحمي الحدود اللبنانية السورية بالفعل".
وسأل: "لو تمكنت المجموعات المسلحة من أن تخترق الجيش في عرسال، ماذا يستطيع هؤلاء القلة من الشباب المسلح في القرى أن يفعلوا أمامها؟ هل يستطيعون منعها وتوقيفها؟ بالتالي حماية القرى المسيحية في منطقة البقاع الشمالي تكون بضبط الحدود اللبنانية السورية، وهذا ما ترفضه قوى 8 آذار لأسباب معروفة".

لست متفائلًا
يعترف جعجع بأن هناك مسارًا يتجه نحو التمديد. يقول: "المواقف لم تتضح بعد، لكن موقفنا ليس مع التمديد، بل مع إجراء انتخابات على الرغم من غياب رئيس الجمهورية، لأن هذه معضلة دستورية كبيرة جدًا، لا أنكر هذا، معضلة دستورية في أن تجري انتخابات نيابية في غياب رئيس الجمهورية، وماذا يحصل في الحكومة، كيف ستتشكل ومن سيكلف، فهناك مجموعة معضلات دستورية سترافق حصول انتخابات نيابية. وبالتالي الأفضل أن تذهب إلى ما هو طبيعي وهو حصول انتخابات".
لا يتوقع جعجع نهاية سريعة للمأزق الرئاسي، طالما أن النائب العماد ميشال عون مصر على رأيه بأن يكون هو رئيس الجمهورية اللبنانية أو ألا يكون هناك رئيس للجمهورية، كما قال.
واعتبر جعجع أن هذا الموقف يناسب حزب الله كثيرًا، "الذى يختبئ خلفه، لأنه بالنسبة لهذا الحزب الأفضل أن لا يكون هناك رئيس في الأصل، وبالأخص بعد تجربته في السنة الأخيرة مع الرئيس السابق ميشال سليمان، وانطلاقًا من هنا لست متفائلًا بحل سريع لأزمة رئاسة الجمهورية".
&