موسكو: يبدو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي يتهمه الغرب بالتدخل المباشر في شرق اوكرانيا، عازمًا رؤية الدونباس (حوض نهر الدون السفلي) يخرج عن سيطرة كييف متفاخرًا بـ"نجاحات" الانفصاليين ومستعيدًا مفهوم "روسيا الجديدة".

رجل روسيا القوى وجه صباح الخميس تحية الى الانفصاليين الموالين لروسيا في هذا الحوض الصناعي الناطق بالروسية، ووصفهم بالمدافعين عن "نوفوروسيا" او "روسيا الجديدة" التعبير، الذي كان يعني في عهد القياصرة الاراضي الجديدة للامبراطورية الروسية.

يرى المحلل السياسي المعارض للكرملين الكسندر موروزوف ان "بوتين قرر تبني فكرة روسيا الجديدة"، مضيفا لفرانس برس "انه يعتقد بضرورة وجود روسيا الجديدة". من جانبه قال قنسطنطين كالاتشيف الباحث في مجموعة الخبراء السياسيين "من الواضح ان روسيا الجديدة ستظهر".

استخدم فلاديمير بوتين للمرة الاولى هذا التعبير في نيسان/ابريل الماضي في كلمة تلفزيونية متحدثا عن مناطق يمكن ان تعود الى روسيا. وذكر انذاك بان مناطق خاركيف ولوغانسك ودونيتسك وخيرسون وميكولاييف واوديسا (جنوب) الاوكرانية "لم تكن جزءًا من اوكرانيا في عهد القياصرة فقد منحتها الحكومة السوفياتية لكييف في عشرينات القرن الماضي ... لماذا؟ الله وحده يعلم".

والخميس دافع المتحدث باسم الكرملين عن استخدام هذا التعبير، وقال ديمتري بسكوف للاذاعة "هذا ما كان يطلق تاريخيًا على هذه الاراضي ولقرون عدة". لم تعترف روسيا باستقلال "الجمهوريتين" المعلنتين من جانب واحد في شرق اوكرانيا، في دونيتسك ولوغانسك، خلافا لجمهورية القرم. وقد نفت دائما ما تتهمها به كييف من دعم الانفصاليين ماديا بالسلاح والمقاتلين.

الا ان الاتهامات بالتدخل العسكري المباشر في هذه المنطقة تتزايد، وخاصة بعد اسر مظليين روس في الاراضي الاوكرانية تقول موسكو انهم "ضلوا الطريق". وقد بدا روس لديهم اقارب في الجيش لا يعلمون عنهم شيئا يطالبون بالحصول على معلومات. وقالت زوجة مظلي لفرانس برس ان 350 رجلا من كوستروما (شمال) ارسلوا الى "خارج روسيا".

في هذا السياق دعا بوتين الانفصاليين، بعد "نجاحاتهم الكبيرة" ضد قوات كييف الى انشاء ممرات انسانية للقوات الاوكرانية المحاصرة، معتبرا الخميس انه ينبغي ارغام كييف على "بدء مفاوضات بشان الجوهر: ماذا ستكون حقوق سكان الدونباس ولوغانسك وجنوب شرق البلاد؟". وترى المحللة المستقلة ماريا ليبمان ان رسالة الكرملين للغرب، الذي يهدد بعقوبات جديدة، واضحة "انني على استعداد للذهاب الى ابعد حد، وانتم؟"، مضيفة ان "بوتين يظهر للغربيين ان اوكرانيا تدخل في فلك مصالحه الحيوية".

العقوبات المتزايدة على روسيا تضعف اقتصادها المتراجع بالفعل، والذي اصبح قريبا من الكساد. الا انها لم تزحزح بوتين عن خطه، وهو الذي تتزايد كثيرا شعبيته التي وصلت الى مستوى غير مسبوق في سنوات حكمه الـ15. بل ان الرئيس الروسي تحدى الغربيين في عقر دارهم وفرض حظرًا على معظم منتجاتهم الغذائية.

خبراء مركز اوراسيا غروب يرون ان موسكو ليست لديها مصلحة، ولا حاجة الى التدخل عسكريا في شرق اوكرانيا ويمكنها الاكتفاء بعمليات توغل لدعم الحركة الانفصالية في مواجهة كييف. واعتبروا& ان" النهج الذي يتبعه الكرملين يسير جيدا حتى الان: روسيا لكي تحقق اهدافها ليست في حاجة الى +الفوز+ في اوكرانيا وانما فقط الى عدم +الخسارة+".

هولدر شميدينغ كبير اقتصاديي بنك برينبرغ يرى ان ظهور اشارات الى تدخل مباشر على الارض قد يدل على ان موسكو تشعر بالرضى لظهور جيب في الدونباس موال لروسيا وخارج عن سيطرة كييف اسوة بمنطقة ترانسدنيتريا.

فهذه المنطقة الانفصالية الناطقة بالروسية في مولدافيا، والتي تعتبر اكبر مركز صناعي في هذه الجمهورية السوفياتية السابقة، كما هي الحال في حوض الدونباس الاوكراني خاضعة فعليا لسيطرة موسكو. ويؤكد الخبير قنسطنطين كالاتشيف ان فلاديمير بوتين العازم معاقبة كييف على توجهها الاوروبي "في حاجة الى دولة تابعة".
&