تقاضى مارتن انديك من قطر 14.8 مليون دولار، حين كان وسيط سلام بين الفلسطينيين وإسرائيل، بصفته نائب رئيس معهد بروكنز للأبحاث، وبصفته أيضًا رجل جون كيري في المنطقة، كي لا ينتقد السياسة القطرية في أبحاثه "الموضوعية".
إعداد عبد الاله مجيد: كشف تحقيق أجرته صحيفة نيويورك تايمز، تناولت فيه النفوذ الذي تشتريه بعض الدول في معاهد الأبحاث، أن الوسيط الأميركي السابق في محادثات السلام بين الفلسطينيين واسرائيل مارتن انديك تقاضى من قطر 14.8 مليون دولار بصفته نائب رئيس معهد بروكنز للأبحاث ومدير برنامج السياسة الخارجية في المعهد.
وحذر باحثون من أن مثل هذه المدفوعات تؤدي إلى اتفاقات ضمنية، تمتنع مؤسسات الابحاث المتلقية بموجبها عن انتقاد الدولة المانحة. وفي هذا الشأن، قال سليم علي، الذي عمل زميلًا زائرًا في مركز بروكنز بالدوحة، إن من يستخدم تقارير معهد بروكنز عليه أن ينتبه إلى أنه "لا يطَّلع على القصة كاملة".
فلنسأل إنديك!
ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن علي قوله إنه أُبلغ خلال المقابلة التي جرت معه بشأن العمل في المعهد بأنه لا يستطيع أن يتخذ مواقف تنتقد الحكومة القطرية في أبحاثه.
وكان انديك أعلن أن أفضل طريقة يمكن أن تعتمدها الحكومة في رسم سياستها هي "البحث العلمي المستقل استنادًا إلى معايير موضوعية". ولاحظت مجلة تابليت الاميركية أنه من الصعب أن يتخيل المرء ما تعنيه كلمة "مستقل" وكلمة "موضوعي"، حين تأتيان على لسان رجل وضع في جيبه 14.8 مليون دولار من قطر، اثناء تنقله في العمل بين معهد بروكنز والخدمة العامة في الحكومة الاميركية ثم العودة إلى العمل في معهد بروكنز.
وكان يتعين أن يُسأل انديك عمّا إذا صرف الشك الذي تسلمه من قطر قبل أن يوافق على القيام بدور الوسيط بين الفلسطينيين واسرائيل، وهل صُرف اثناء وجود انديك في اسرائيل أم في رام الله، وهل انتهى المبلغ في حساب معهد بروكنز بعد تصريحات انديك عن اسباب فشله واستقالته من مهمة الوسيط أو قبلها.
أي موضوعية؟
وأشارت مجلة تابليت بصورة غير مباشرة إلى أن مبلغ 14,8 مليون دولار الذي دفعته قطر لا بد أن يؤثر في مشاريع معهد بروكنز البحثية، أو في ما يقوله باحثو المعهد لوسائل الاعلام عن مواضيع مثل قطر وحماس واسرائيل وتركيا والسعودية، وغير ذلك من القضايا التي لقطر مصالح أساسية فيها، بحسب المجلة، التي أضافت بتهكم: "الموضوعية التي يتباهى بها المعهد ونزاهة انديك الشخصية واعتزازه بعمله في مجال الخدمة العامة قد تتفوق على الأكداس الكبيرة من الأموال القطرية المبتذلة من بيع الغاز الطبيعي، التي تُبقي الأنوار مضيئة، وتؤثث مكاتب باحثي معهد بروكنز، وتدفع فواتير هواتفهم الخلوية وسفراتهم الخارجية".
ولاحظت تابليت في تقريرها أن هناك الكثير من الأسئلة التي تستحق طرحها بالارتباط مع ما كُشف عنه في هذا الشأن، مثل سبب سعي وزير الخارجية الاميركي جون كيري إلى التوسط في اعلان هدنة برعاية قطرية وتركية في غمرة حرب اسرائيل وحركة حماس في غزة، قائلة إن انديك ربما همس شيئًا في إذن كيري من مكتبه في معهد بروكنز الذي تتكفل قطر بتمويله.
قوة قطر الناعمة
وتابعت المجلة قائلة إن قطر تمارس قدرًا من القوة الناعمة في اوروبا، بصفتها الدولة التي وقع عليها الاختيار لإستضافة بطولة كأس العالم بكرة القدم في العام 2022، وراعية فريق نادي برشلونة الشهير، ومالكة لفريق آخر هو نادي باريس سان جرمان الفرنسي. وفي حين أن الدوحة تستضيف قيادة القوات الاميركية في منطقة الشرق الأوسط في قاعدة العديد، فإنها تدعم جماعة الاخوان المسلمين وحركات اسلامية أخرى تهدد دولاً حليفة للولايات المتحدة في المنطقة، بحسب تابليت.
وتوجهت قطر إلى اقامة علاقات قوية مع النخب التي تساهم في رسم السياسة العامة منذ العام 2007، عندما عقدت اتفاقًا مع معهد بروكنز لفتح فرع له في الدوحة. ومنذ ذلك الحين، تطورت العلاقة وبدت كأن قطر اشترت انديك، رجل كيري في الشرق الأوسط، وتولت تغطية نفقاته مثلما دفعت لتغطية مصروفات الطائرة التي تنقل بها الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في المنطقة خلال حرب غزة في الصيف، بحسب تابليت ايضًا.
التعليقات