قدم رئيس الوزراء اليمني محمد سالم باسندوة، الأحد، استقالته متهمًا رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي بالتفرد بالسلطة، في وقت سيطر المتمردون الحوثيون الشيعة على مقر رئاسة الوزراء والإذاعة ومقار عسكرية في صنعاء.
صنعاء: وقع المتمردون الحوثيون الشيعة الأحد مع باقي الأحزاب السياسية اليمنية اتفاقًا برعاية الامم المتحدة للسلام ينص خصوصا على تشكيل حكومة جديدة ووقف النار ورفع مخيمات الاعتصامات من صنعاء ومحيطها، وذلك بعد ساعات من سيطرة المتمردين على معظم المقار العسكرية والسياسية في صنعاء، بحسب ما افادت وكالة الانباء الرسمية.
وذكرت الوكالة انه "جرى مساء اليوم (الاحد) في دار الرئاسة وبحضور الرئيس عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية ومساعد أمين عام الأمم المتحدة ومستشاره الخاص لشؤون اليمن جمال بن عمر وممثلي الأطراف السياسية بمن فيهم +انصار الله+(الحوثيون) التوقيع على اتفاق السلم والشراكة الوطنية بناء على مخرجات مؤتمر الحوار الوطني".
ووقع عن الحوثيين مهدي المشاط، وهو مدير مكتب زعيم التمرد عبدالملك الحوثي، وحسين العزي عضو المكتب السياسي لـ"انصار الله"، وهو الاسم الرسمي للحوثيين. وتم التوقيع بعد اجتماع استمر ساعتين بين ممثلي الحوثيين وهادي وبن عمر. وينص الاتفاق بحسب النص الذي قرأه بن عمر وبثه التلفزيون اليمني الرسمي، على ان يجري الرئيس مشاورات تفضي الى تشكيل "حكومة كفاءات" في غضون شهر، فيما تستمر الحكومة الحالية التي استقال رئيسها محمد سالم باسندوة في وقت سابق الاحد بتصريف الاعمال.
وبحسب الاتفاق، يعيّن هادي رئيسا للوزراء في غضون ثلاثة ايام، كما يتم تعيين مستشارين سياسيين للرئيس من الحوثيين والحراك الجنوبي. ويفترض ان يكون رئيس الوزراء الجديد "شخصية محايدة ولا حزبية"، فيما تقدم المكونات السياسية اسماء مرشحيها للحكومة الى رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء.
وينص الاتفاق على ان يتم خفض اسعار الوقود ليصبح 3000 ريال لصفيحة العشرين ليترا، ليكون بذلك قد تم خفض نحو نصف الزيادة السعرية التي طبقت على اسعار الوقود اعتبارا من نهاية تموز/يوليو. وفي الجانب الامني، ينص الاتفاق على ان تتسلم الدولة المنشآت الحيوية، وان تزال مخيمات الاحتجاجات من صنعاء ومحيطها، على ان يتم "وقف جميع اعمال العنف فورا" في صنعاء.
ويسعى هذا الاتفاق الى وضع حد للازمة الخطيرة، التي وضعت اليمن على حافة الحرب الاهلية منذ اطلق الحوثيون في 18 اب/اغسطس تحركا احتجاجيا للمطالبة باسقاط الحكومة والتراجع عن رفع اسعار الوقود.
وكان المتمردون الحوثيون الشيعة سيطروا الأحد في شكل مفاجئ على مقر الحكومة والإذاعة ومقار عسكرية ووزارات مهمة في صنعاء في مشهد أظهر تراجعا كبيرا للسلطة، وذلك رغم اعلان الامم المتحدة التوصل الى اتفاق لوضع حد للازمة الحالية، بحسب ما افادت مصادر رسمية واخرى من الحوثيين. وتزامنا مع تقدم الحوثيين الميداني في العاصمة اليمنية، قدم رئيس الوزراء محمد سالم باسندوة استقالته فيما دعا وزير الداخلية اجهزة الامن الى التعاون مع الحوثيين وعدم مواجهتهم عسكريا.
وتتالت الانباء غير المؤكدة عن سقوط الوزارات والمؤسسات العامة في يد الحوثيين، من دون مقاومة في بعض الاحيان، بما في ذلك وزارة الدفاع والمصرف المركزي والبرلمان. وقال مصدر رسمي لوكالة فرانس برس ان الحوثيين "سيطروا على مقر رئاسة الوزراء (الحكومة) وعلى الاذاعة اضافة الى مقر اللواء الرابع".
سيطرة الحوثيين
من جهته، اكد المتحدث باسم الحوثيين محمد عبد السلام عبر صفحته على فايسبوك ان "الجهات العسكرية والأمنية التي ايدت الثورة الشعبية وانحازت إلى خيار الشعب هي: القيادة العامة للقوات المسلحة، معسكر الإذاعة، المؤسسات الرسمية المتواجدة بمنطقة التحرير (و) رئاسة الوزراء". واشارت مصادر متطابقة الى ان الحوثيين سيطروا على وزارة الاعلام ووزارة الصحة، كما سيطروا على مقر الفرقة السادسة ومقر القيادة العامة للقوات المسلحة بعد حصول مواجهات بالاسلحة.
وفي وقت لاحق، اعلن عبد السلام السيطرة على مقر الفرقة الاولى مدرع (سابقا)، اي مقر اللواء علي محسن الاحمر الذي يبدو انه تمكن من الفرار، مع العلم انه من الد اعداء الحوثيين. وقال ان "اللجان الشعبية اعلنت التطهير الكامل والكلي لمقر الفرقة الأولى مدرع المنحلة، وتعلن أن علي محسن الأحمر مطلوب للعدالة".
واكد شهود عيان ومصادر سياسية لوكالة فرانس برس ان عددا كبيرا من المقار العسكرية والسياسية التي سيطر عليها الحوثيون لم تشهد اي مقاومة من جانب الجيش. وتاتي هذه التطورات رغم وصول اثنين من ممثلي التمرد الحوثي الى القصر الجمهوري في صنعاء بعد اعلان المبعوث الاممي ليل السبت التوصل الى اتفاق سياسي سيتم توقيعه.
وافادت وكالة الانباء اليمنية ان الرئيس اليمني عقد& لقاء "مع مستشاريه وممثلي الأحزاب والقوى السياسية، بمن فيهم انصار الله" اي الحوثيين. ويشارك في اللقاء مبعوث الامم المتحدة جمال بن عمر.
باسندورة يستقيل
وفي الاثناء، قدم باسندوة استقالته متهما رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي بالتفرد بالسلطة، وذلك بعد اكثر من شهر على بدء المتمردين الحوثيين الشيعة تحركهم للدفع نحو اسقاط الحكومة والتراجع عن قرار رفع اسعار الوقود. وقال باسندوة في رسالة الاستقالة التي حصلت عليها وكالة فرانس برس من مصدر من الامانة العامة لرئاسة الوزراء "لقد قررت ان اتقدم اليكم باستقالتي من رئاسة الوزراء".
واشار باسندوة الذي يرئس حكومة وفاق وطني شكلت بموجب اتفاق انتقال السلطة الذي وضع حدا لحكم الرئيس السابق علي عبدالله صالح انه "بالرغم من ان المبادرة الخليجية (اتفاق انتقال السلطة) وآليتها المزمنة نصتا على الشراكة بيني وبين الاخ الرئيس في قيادة الدولة، لكن ذلك لم يحدث الا لفترة قصيرة فقط ريثما جرى التفرد بالسلطة لدرجة انني والحكومة اصبحنا بعدها لا نعلم اي شيء لا عن الاوضاع الامنية والعسكرية ولا عن علاقات بلادنا بالدول الاخرى".
وزير الداخلية: لا تواجهوا الحوثيين
من جهته، دعا وزير الداخلية اليمني عبده حسين الترب الاحد الاجهزة الامنية الى التعاون وعدم مواجهة المتمردين الحوثيين في بيان نشر على موقع وزارة الداخلية. وجاء في البيان ان وزير الداخلية اللواء عبده حسين الترب دعا "كل منتسبي الوزارة الى عدم الاحتكاك مع أنصار الله (الحوثيون) أو الدخول معهم في أي نوع من أنواع الخلافات".
كما دعا العاملين في الوزارة الى "التعاون معهم في توطيد دعائم الأمن والاستقرار، والحفاظ على الممتلكات العامة وحراسة المنشآت الحكومية، التي تعد ملكا لكل أبناء الشعب، واعتبار أنصار الله اصدقاء للشرطة".
وكانت وزارة الدفاع ورئاسة هيئة الأركان العامة دعتا في وقت سابق الاحد "منتسبي الوحدات العسكرية المرابطة في إطار إمانة العاصمة وما حولها إلى البقاء في وحداتهم بجاهزية عالية والحفاظ على الممتلكات والمعدات ومختلف العهد العسكرية وعدم التفريط فيها كونها من ممتلكات الشعب". الا ان شهودا عيان اكدوا لوكالة فرانس برس ان الحوثيين تمكنوا من السيطرة على كميات كبيرة من الاسلحة، خصوصا من مقر اللواء الرابع.
وينشر الحوثيون الافا من المسلحين وغير المسلحين في صنعاء وحولها منذ اعلن زعيم التمرد عبد الملك الحوثي في 18 اب/اغسطس تحركا احتجاجيا تصاعديا للمطالبة باسقاط الحكومة والتراجع عن قرار رفع اسعار الوقود اضافة الى تطبيق مقررات الحوار الوطني. واستمرت المواجهات في صنعاء منذ اعلان المبعوث الدولي جمال بن عمر ليل السبت التوصل الى اتفاق بين الحوثيين والرئاسة اليمنية لانهاء الازمة الحالية.
وانزلق الوضع الى العنف منذ ايام في صنعاء وضاحيتها الشمالية، حيث قتل العشرات في مواجهات بين الحوثيين ومسلحين قبليين موالين للتجمع اليمني للاصلاح، الحزب الاسلامي الاكبر في اليمن. واعلن بن عمر في وقت متأخر من مساء السبت اتفاقا لـ"حل الازمة" في اليمن بعدما التقى زعيم التمرد عبدالملك الحوثي في معقله في صعدة في شمال اليمن. واوضح في بيان انه "بعد مشاورات مكثفة مع جميع الاطراف السياسية بما فيها انصار الله (الحوثيون) تم التوصل الى اتفاق لحل الازمة الحالية في اليمن (...) والتحضير جار لترتيبات التوقيع" على الاتفاق.
&
التعليقات