يصرّ 71% من قراء إيلاف على أن وراء تراجع أسعار النفط العالمية هدفًا سياسيًا، وهو استهداف الاقتصادين الإيراني والروسي، بالرغم من أن السعودية تصر على رد التراجع إلى أسباب إقتصادية بحتة.

الرياض: تفاعل قراء "إيلاف" مع سؤال الاستفتاء الاسبوعي حول ما يجري في سوق النفط العالمي، ورأت غالبيتهم أن ما يحدث هو حرب اقتصادية المقصود بها روسيا وإيران وفنزويلا، فيما انقسم باقي المصوتين بين خيارين أحدهما يقول إن هذه حرب على النفط الصخري، والآخر يقول إن ما يجري أمر طبيعي بسبب تباطؤ الاقتصاد العالمي.

غالبية مشككة

بلغ عدد الذين صوتوا 2866 قارئًا، وقال 71 بالمئة من المشاركين في الاستفتاء إن هذه حرب على إيران، ويتضح حجم الأثر السياسي في ذهنية القراء الذين صوتوا، خصوصًا أن المنطقة التي تشتعل فيها الكثير من حروب الدول والعصابات والتنظيمات، والاستخبارات استنفدت كل الحلول الممكنة والهادئة لحل الأزمة السورية، التي لم يبقَ عليها الكثير وتدخل عامها الخامس، وكذلك الأزمة العراقية وارتباطها الوثيق بالسياسات الإيرانية، وغير بعيد عن ذلك ارتباط بعض القضايا في المنطقة بهاتين الدولتين جزئيًا أو كليًا كما في اليمن ومصر ولبنان.

اختار 19 بالمئة منهم الإجابة التقليدية والبعيدة عن النفس السياسي المحتقن في المنطقة، حين أجابوا أن ما يجري يعود إلى تباطؤ في الإقتصاد العالمي فحسب. أما النسبة الأقل، 10 بالمئة، فذهبوا باتجاه الحرب التجارية إن صحت التسمية، واختاروا أن يقولوا إن ما يجري يعود إلى أن منظمة "أوبك" تريد ضرب شركات النفط الصخري عالي التكلفة، ما يعني أن هبوط أسعاره يقلل فرص الربح، ويجعل الشركات المستثمرة فيه تخسر، وبالتالي يتوقف انتاجها أو على الأقل تدخل دائرة السيطرة التي تقودها "أوبك".

إلى متى

ومن خلال قراءة سريعة للأداء السياسي للدول المستهدفة بحسب اختيار غالبية قراء "إيلاف"، فإنه لا أثر مباشر يتضح الآن، أو على الأقل لم تُظهر هذه الدول تقارير موثوقة تشرح ما يتعرض لها اقتصادها جراء هذا الهبوط المؤثر في الأسعار. لكن السؤال الأبرز هو إلى متى ستصمد روسيا وإيران أمام هذه المعضلة، وبالنظر إلى أن من يقود هذه الحرب "إذا صحت النظرية" يمتلكون موارد بديلة على المستوى المالي وخصوصًا الاحتياطات النقدية الكبيرة، وبالذات الدول الخليجية التي تستحوذ على حصة ضخمة من سوق النفط العالمي.

وتستحوذ منظمة "أوبك" على نحو 81 بالمئة من احتياطي النفط العالمي، فيما يظل النصيب الأكبر لمنطقة الشرق الأوسط بإجمالي يتجاوز 800 مليار برميل.

كلام أرقام

الأرقام تقول إن فنزويلا تتصدر الاحتياطي العالمي بفارق ضئيل أمام السعودية، إذ تمتلك فنزويلا نحو 300 مليار برميل، فيما تمتلك السعودية نحو 256 مليار برميل، لكن هذا الرقم يصب في صالح السعودية بأضعاف، إذ تنتج فنزويلا أقل من 3 ملايين برميل بالمتوسط، فيما تنتج السعودية أكثر من 9 ملايين برميل يوميًا من خارج حسابات الاحتياطي.

أما عن إيران وروسيا، فإن الأولى تنتج نحو 3 ملايين ونصف المليون برميل، ويبلغ الاحتياطي 178 مليار برميل، فيما تصدر روسيا أكثر من 10 ملايين برميل يوميًا بالمتوسط، وتحتكم على 80 مليار برميل كإحتياطي. ومن هذه الأرقام تتضح مدى الخسارة التي تتكبدها اقتصادات هذه الدول جراء هذا الهبوط الكبير، إلا أن الفارق يكمن في مدى قدرة هذه الدول على الصمود أمام الأزمة التي لا يمكن التنبؤ بنهايتها.

تفاعل إيراني

وقال وزير النفط الإيراني بيجن زنغنه خلال مؤتمر عقد في طهران الأحد إن بلاده لن تستسلم، بعد تراجع صادراتها النفطية بنسبة 60 بالمئة إلى نحو مليون برميل يوميًا، وهو أمر يزيد من الضغط على الموازنة الإيرانية، إذ خفضت الإنتاج مع انهيار الأسعار، وهو عامل آخر يضغط على الاقتصاد الإيراني الذي يعاني أصلاً من تراجع الاستثمارات الأجنبية، وهبوط مستويات التنمية بسبب العقوبات الدولية على قطاعي الطاقة والصناعات المالية على خلفية اتهامها بالعمل على برنامج نووي سري.

وفي اتجاه روسيا التي عملت ميزانيتها للعام 2015 استنادًا إلى بقاء تسعيرة النفط في حدود 100 دولار، فإنه إذا واصلت الأسعار انخفاضها فإن روسيا ستكون مضطرة للسحب من احتياطياتها النقدية أو تقليص الإنفاق، ولكن الأداء الروسي كان على العكس من نظيره الإيراني، إذ يتجه إلى مقاومة هذا الهبوط بعوامل نفسية من خلال زيادة الانتاج، وكذلك فعل العراق أيضًا، إذ أن موسكو رفعت إنتاجها إلى 10.58 ملايين برميل يوميًا.

قادرون على تجاوز المحنة

من جهة الدول الخليجية التي لها الباع الأطول في أوبك، وبالتالي السوق العالمي، فإنها أعلنت عبر مسؤوليها أن الأمور تحت السيطرة، وأن ما يجري رغم تأثيراته إلا أنهم قادرون على تجاوزه، فالسعودية حين أعلنت ميزانيتها للسنة الجديدة أكدت الأرقام على عجز كبير، ولكن رصيدها المالي يستطيع تغطية ذلك لسنوات طويلة.

وأكد وزير الاقتصاد الإماراتي سلطان المنصوري أن نسبة مساهمة النفط في الناتج الوطني لبلاده تراجعت إلى 30 بالمئة بفضل عمليات تنويع مصادر الدخل طوال العقود الماضية، متوقعًا ألا يؤثر الانخفاض الحالي لسعر البرميل على ميزانية الإمارات أو مشاريعها التنموية، مشيرًا في حديثه لشبكة سي أن أن العربية إلى أن تقديرات المعنيين الدوليين تشير إلى مستوى مائة دولار كسعر عادل.

لا هدف سياسي

أما على المستوى السياسي لهذه الدول وخصوصًا السعودية، فإنها أعلنت مرارًا أن لا هدف سياسي لها من وراء هذا الأمر. وقال وزير البترول والثروة المعدنية السعودي علي النعيمي إن لا صحة لما يتردد عن مؤامرة سعودية أدت إلى هبوط أسعار النفط للإضرار بدول نفطية أخرى، وقال في حديث لـ"الحياة" إن السياسة النفطية للسعودية مبنية على الاقتصاد فحسب، وليس السياسة، مؤكدًا أن النفط سيتعافى.

&وتساءل النعيمي: "هل يُعقل أن يُخفّض منتج للنفط ذو كفاءة عالية الإنتاج ويستمر المنتج ذو الكفاءة الرديئة في الإنتاج؟ هذا غير طبيعي. نحن لو خفّضنا إنتاج النفط، ماذا سيحصل لحصتنا في السوق؟ سيأخذها منتج آخر ويرتفع سعر النفط، وقد يكون هذا المنتج هو الروسي أو البرازيلي أو الأميركي أو أي منتج في الأماكن حيث كلفة الإنتاج مرتفعة".