دريسدن: شددت المستشارة الالمانية انغيلا ميركل على اهمية الاسلام في المانيا في الوقت الذي حشدت فيه حركة "بيغيدا" الالمانية المناهضة للاسلام الالاف مساء الاثنين في دريسدن (شرق) مستغلة اعتداءات باريس الاسلامية لتعزيز صفوفها.

واعلنت ميركل انها ستشارك مع الرئيس يواكيم غوك ووزراء اخرين بينهم وزير الخارجية فرانك فالتر شتاينماير في التظاهرة المقررة الثلاثاء امام بوابة براندبورغ في برلين الساعة 18,00 (17,00 تغ). وتنظم هذه المسيرة جمعية "المجلس المركزي للمسلمين" و"رابطة الجالية التركية في برلين" من اجل "المانيا منفتحة ومتسامحة ومن اجل حرية الدين والرأي".

وقالت المستشارة الالمانية في مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء التركي احمد داود اوغلو، الذي استقبلته في برلين، "سنرسل اشارة قوية جدا غدا (...) من اجل التعايش السلمي لمختلف الاديان في المانيا". واضافت ان "الرئيس غوك اعلن انه سيلقي كلمة قصيرة وساكون انا ايضا حاضرة كمستشارة مع العديد من اعضاء الحكومة". وشددت على ان "الاسلام ينتمي الى المانيا" داعية الى عدم الخلط بينه وبين الارهابيين.

وفي المساء تجمع الاف المتظاهرين من جديد في دريسدن للتنديد بما يصفونه بأسلمة المانيا. وحمل الكثير منهم لافتات تشير الى اعتداءات باريس مثل "لن تستطيعوا قتل حريتنا" او "حرية التفكير بدلا من ارهاب السلفيين". وفي تظاهرتهم الثانية عشرة دعا المنظمون الى تحية "ضحايا الارهاب في باريس" وطالبوا انصارهم بوضع شارة سوداء والالتزام بدقيقة صمت.

وقالت واحدة من المتظاهرين وهي سبعينية تدعى يوتا ستارك لفرانس برس ان "هذه الهجمات الارهابية يمكن ان تحدث في اي مكان" واضافت معلقة على الهجوم الذي استهدف اسبوعية شارلي ايبدو "انه الاسلام، الايديولوجية السياسية للاسلام". ومنذ تشرين الاول/اكتوبر تحشد بيغيدا (وطنيون اوروبيون ضد اسلمة الغرب) كل يوم اثنين متظاهرين ضد الاسلام وطالبي اللجوء. وهي تحقق نجاحا كبيرا في زيادة اعداد المشاركين، فمن 500 شخص في اول مسيرة في 20 تشرين الاول/اكتوبر الى عشرة الاف مطلع كانون الاول/ديسمبر وصولا الى 18 الفا الاثنين الماضي وهو رقم قياسي.

وفي لايبزيغ، في المانيا الديموقراطية السابقة ايضا، تجمع للمرة الاولى المئات من المناهضين للاسلام. ولهذه التظاهرة رمزية كبرى لانه من ذلك المكان عام 1989 ادت "تظاهرات الاثنين" الى سقوط جدار برلين. وبعد 25 سنة، جيرت بيغيدا لحسابها الشعار التاريخي "نحن الشعب" واصبح يردده حاليا مناصروها.

وكانت انغيلا ميركل التي شاركت الاحد في تظاهرة حاشدة في باريس ضد الارهاب الى جانب نحو 50 رئيس دولة وحكومة، دعت في كلمتها بمناسبة العام الجديد مواطنيها الى عدم المشاركة في التظاهرات المناهضة للاسلام في المانيا معتبرة ان منظميها اشخاص "قلوبهم تمتلئ بالكراهية والاحكام المسبقة". وشددت ميركل الاثنين على ضرورة عدم الخلط بين الاسلام والارهابيين بعد هجمات فرنسا التي اوقعت 17 قتيلا.

من جانبه اكد رئيس الوزراء التركي احمد داود اوغلو ان "الاسلام والارهاب لا يمكن ان يجتمعا"، داعيا ايضا الى عدم الخلط بينهما "لان هذا ما يريده الارهابيون". وانتهز الفرصة للدفاع عن انضمام بلاده الى الاتحاد الاوروبي، معتبرا انه سيكون "اشارة سلام جيدة جدا الى العالم اجمع". من جهة اخرى لا يزال التحقيق مستمرا في الاعتداء بعبوة حارقة ليل السبت الاحد على صحيفة "هامبورغ مورغن بوست" التي نشرت رسوما كاريكاتورية للنبي محمد اخذتها عن شارلي ايبدو.

واخلت الشرطة الاثنين سبيل مشبته فيهما اوقفا الاحد بعد ان ثبت عدم علاقتهما بالحادث. وبعد الهجمات التي ادت الى مقتل 12 شخصا في مقر صحيفة شارلي ايبدو الساخرة الفرنسية، لم تتاخر بيغيدا في الرد معلنة ان "الاسلاميين الذين تحذر منهم بيغيدا منذ اكثر من 12 اسبوعا اثبتوا اليوم في فرنسا انهم ببساطة غير منسجمين مع الديموقراطية" كما كتبت على صفحتها على فايسبوك.

واضافت بيغيدا ان هؤلاء "يلجأون الى العنف والموت" و"هل يجب ان ننتظر ان تحصل مثل هذه الماساة في المانيا؟". وتتسع هذه الحركة وصولا الى اوروبا، ففي فيينا من المرتقب تنظيم اول مسيرة بيغيدا في نهاية كانون الثاني/يناير وتم انشاء صفحات على فايسبوك لهذه الغاية في السويد والنروج (6 الاف والفا متابع على التوالي).

ظهرت حركة بيغيدا ايضا في سويسرا حيث اعلنت على فايسبوك تنظيم تظاهرة في 16 شباط/فبراير المقبل في مكان لم تكشفه. لكن في مواجهة ذلك، يبقى مناهضو بيغيدا اكثر عدديا في المانيا حيث جمعت تظاهرات مضادة عدة اعدادا اكبر من المتظاهرين. وهكذا تظاهر حوالى 35 الف شخص السبت في دريسدن دفاعا عن مجتمع منفتح ومتسامح. وفي برلين سيتظاهر انصار مجموعة "لا لبيغيدا، لا للعنصرية" بعد الظهر.

والاحد دعا وزير العدل الالماني الاشتراكي-الديموقراطي هايكو ماس بيغيدا الى العدول عن تظاهرة الاثنين، معتبرا ان ليس لديها الحق "في استغلال" هجمات باريس. وتعد المانيا 81 مليون نسمة بينهم ثلاثة ملايين تركي او من اصول تركية. ويشكلون غالبية المجموعة المسلمة الالمانية التي تعد حوالى اربعة ملايين شخص.