جهاد عماد مغنية الذي قضى الأحد في غارة إسرائيلية في القنيطرة السورية، تسلّم ملف الجولان من قبل حزب الله العام الماضي، ليكون تبعًا لذلك، كادرًا ميدانيًا مقربًا من أمين عام حزب الله، ومن فيلق القدس الايراني الذي أشرف على تكوينه وتدريبه.


إسماعيل دبارة من تونس: أكدت الصحافة الإسرائيلية نقلاً عن مسؤولين أمنيين بالجيش، وقناة "الميادين" المقربة من حزب الله، نبأ مقتل جهاد عماد مغنية في غارة إسرائيلية استهدفت كوادر عليا في حزب الله في هضبة الجولان السورية.

واستنفر حزب الله اللبناني مساء الأحد في الجنوب بعد مقتل ستة قياديين وعدد آخر من المجموعة التي تم استهدافها بقصف جوي إسرائيلي في القنيطرة السورية، وسط استنفار إسرائيلي أيضًا على الجهة المقابلة من الأراضي اللبنانية، كما أفادت وكالات الأنباء.

وقالت مواقع اخبارية مقربة من حزب الله إن عناصر الحزب انتشرت على طول الحدود مع إسرائيل.

وجاء استنفار الحزب بعد دقائق من غارة إسرائيلية قرب خط وقف إطلاق النار بين سوريا وإسرائيل، أودت بحياة ستة من عناصره، بينهم ثلاثة من القادة الميدانيين البارزين، وهم جهاد نجل القائد العسكري السابق لحزب الله عماد مغنية، ومسؤولان اثنان عن وحدة التدخل والوحدات الخاصة في الحزب، إضافة إلى جرح قيادي من الحرس الثوري الإيراني.

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصدر أن بين القتلى القائد العسكري البارز محمد عيسى، أحد مسؤولي ملفي العراق وسوريا، بينما نقلت وكالة الأناضول عن مصدر وصفته بالمقرب من حزب الله أن من بين القتلى الآخرين ستة إيرانيين، أحدهم قيادي ميداني.

وأقرّ فيه حزب الله بمقتل عدد من قادته الميدانيين في الغارة، وقال في بيان إن "الطيران الإسرائيلي قصف مجموعة من الحزب أثناء تفقدهم الميداني لمزرعة الأمل بالقنيطرة (جنوب غربي سوريا).

"الأمير" جهاد

كانت "إيلاف" سبّاقة في تأكيد نبأ تعيين حزب الله لجهاد مغنية، نجل قائده العسكري الراحل عماد مغنية، مسؤولًا عن ملف الجولان.

وفي 13 أكتوبر / تشرين الثاني، كشف مؤيد غزلان، عضو الأمانة العامة في المجلس الوطني السوري المعارض، أن استخبارات الجيش الحر توصلت إلى معلومات تؤكد تعيين حزب الله جهاد مغنية، نجل قائده العسكري الراحل عماد مغنية، مسؤولًا عن ملف الجولان. واضاف غزلان أن الأدلة تشير إلى نية حزب الله توسيع نشاط عملياته في الجولان، محذرًا من أزمة مع القوات الدولية حينها.

وجهاد مغنية مقرب من أمين عام حزب الله حسن نصرالله، ومقرب أيضًا من مصطفى بدرالدين، خليفة والده على رأس الجهاز العسكري للحزب، ومقرب جدًا من الحرس الثوري الإيراني، "وهذا يعني تبييت نية تصعيدية أمنيًا واستراتيجيًا للحزب في سوريا خلال الفترة المقبلة، وأحدث هذا الأمر قلقًا لدى استخبارات الجيش الحر بعد ظهور الوثائق في تل الحارة"، بحسب غزلان.

وجهاد عماد مغنية في مطلع عشريناته، باشر مهامه الأمنية في حزب الله وهو بعد صغير، تمامًا كما والده، الذي اغتيل بسيارة مفخخة في العام 2008 في دمشق.

ومغنية الابن، أثار الاهتمام حين ظهر حليق الرأس في صور عائلية خلف قائد فيلق القدس في الحرس الثوري قاسم سليماني في شهر ايلول (سبتمبر) 2013، أثناء مراسم تقبل التعازي بوفاة والدة سليماني، وكان بين الموجودين حينها كبار "الممانعين"، كالأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية رمضان عبدالله، والسفير السوري في طهران عدنان حسن محمود وسفير فلسطين لدى طهران صلاح الزواوي.

وكان لافتًا حرص سليماني على تقديم مغنية الابن للوافدين بشكل خاص، حتى ظنه الناس ولده. لكنهم أدركوا أن هذا ابن "الحاج رضوان"، ويعده سليماني كإبنه.

وقيل حينها إن مغنية الابن يقضي فترة تدريب متقدم في معسكرات الحرس الثوري بإيران، ليملأ فراغ أبيه في حزب الله.

وتنقل وسائل إعلام لبنانية، مقربة من الحزب، عن مقربين من مغنية الابن تأكيدهم أنه يحتل مكانة خاصة بين مسؤولي الحزب، الذين يطلقون عليه لقب "الأمير"، خصوصًا خاله مصطفى بدر الدين، أحد المطلوبين للمحكمة الدولية بتهمة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري، إضافة إلى دعم نصرالله نفسه.

على خطى والده

قدّر الكثيرون في لبنان وحزب الله في السنوات الماضية أنّ مُغنية الشاب يمضي لاكتساب مكانة والده عماد كقوة كبيرة في ترسانة حزب الله.

ووفقًا لتقديرات عبرية، فقد كان مُغنية الابن، وهو في العشرينيات من عمره، مقرّبًا للأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، ولخليفة والده مصطفى بدر الدين، وأيضًا للحرس الثوري الإيراني.

ويقول الإسرائيليون إنّ مُغنية "كان مسؤولاً عن تشغيل شبكات مرتبطة بالحرب الأهلية السورية في منطقة الجولان، بدعم إيراني وسوري".

أما المسؤول الثاني البارز الذي عمل إلى جانبه فهو سمير القنطار، الدرزي اللبناني الذي تمّ إطلاق سراحه عام 2008 من عقوبة السجن المؤبد اثر صفقة بين إسرائيل وحزب الله.

وفي مقابلة تلفزيونية تمّ بثّها في لبنان قال نصر الله إنّ تنظيمه يمتلك ترسانة سلاح "يمكن لإسرائيل أن تتخيّلها وألا تتخيّلها أيضًا". وبحسب تعبيره، فإن "صواريخ فاتح 110 هي سلاح قديم بالمقارنة مع السلاح الذي يمتلكه التنظيم اليوم".

وتقول تقارير كثيرة إنّ الحالة الاقتصادية للتنظيم "سيّئة جدًّا". وأدّت الحرب المستمرّة في سوريا دون إشارات للحسم، والتي يشكّل فيها حزب الله عنصرًا رئيسيًا من القوات التي تقاتل إلى جانب نظام الأسد، إلى تآكل قوة التنظيم.

مغنية الأب

وُلد مُغنية الأب لأسرة شيعيّة لبنانيّة فقيرة في 7 كانون الأول 1962 في قرية طيردبا في قضاء صور جنوب لبنان.

وفق عددٍ من المصادر، يتحدّر مُغنية من أصل فلسطينيّ. بدأ مسيرته العمليّاتية في الحرب الأهلية في لبنان عام 1975 كناشط في "القوّة 17" التابعة لحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) في بيروت.

وفي عام 1982، إثر مغادرة حركة فتح إلى تونس، انضمّ إلى النواة الأولى لمؤسّسي حزب الله. في البداية، عمل حارسًا شخصيًّا للسيّد محمد حسين فضل الله، الزعيم الروحي للحزب عند تأسيسه.

وفي وقتٍ لاحق، عمل رئيسًا لجهاز الأمن في حزب الله، وبعد ذلك أنشأ جناح العمليّات فيه، وكانت ذروة عمليّاته إنشاء جهاز للتفجيرات الخارجية ونسج العلاقة المميَّزة مع الاستخبارات الإيرانية. بسبب منصبه كقائدٍ للجناح العسكري لحزب الله، كان مُغنية عضوًا في "مجلس الشورى"، الذي يقودُ حزبَ الله، تحت اسمٍ مستعار هو "جواد نور الدين".

وعُرف مُغنية بصفته قائدًا شديدَ التدقيق وذا شخصية جذّابة، سعى إلى التحكّم في جميع تفاصيل كلّ عملية، وأشرف شخصيًّا على كافة وحدات الحزب. وقد رأى نفسه وريثًا محتمَلًا للأمين العامّ للحزب، حسن نصر الله، ما كان سيسمح له بمغادرة العالَم الخفيّ خلف الكواليس حيث يعيش، حسب ما ذكر موقع (المصدر) الاسرائيلي الناطق بالعربية، والذي يستقي معلوماته من الأجهزة الأمنية الاسرائيلية.

واتهم حزب الله اسرائيل عام 2008 باغتيال قائده العسكري عماد مغنية في دمشق، وكان على قائمة الولايات المتحدة لأكثر الأشخاص المطلوب القبض عليهم لدوره في هجمات على أهداف إسرائيلية وغربية. وتنفي اسرائيل أي تورط في ذلك الاغتيال إلى حدّ اليوم.