ينعقد مؤتمر الاعلام وثقافة الحوار في جنيف يومي 24 و25 تشرين الأول (أكتوبر) الجاري، بدعوة من المركز الدولي للدراسات الاستراتيجية والاعلام، وبحضور نخب عربية آتية من قطاعات وشرائح متنوعة.

انطلاقًا من الدور المهم والمحوري الذي يؤديه الإعلام في تعزيز ثقافة الحوار الإنساني وترسيخ السلام في العلم، ينظم المركز الدولي للدراسات الاستراتيجية والاعلام مؤتمرًا علميًا دوليًا تحت عنوان "الإعلام وثقافة الحوار الإنساني" وذلك في قاعة المؤتمرات بجامعة جنيف السويسرية، في يومي 24 و25 تشرين الأوّل (أكتوبر) الجاري، وتشارك فيه مؤسسات ووزارات وإدارات وهيئات ومنظمات وشخصيات عربية ودولية، حكومية وغير حكومية، تتنوع تخصصاتها وقطاعاتها وشرائحها المجتمعية، نظرًا إلى شمولية الموضوع المطروح وأههميته بالنسبة إلى كل الشرائح، انسانية واعلامية وأكاديمية وثقافية وتربوية واقتصادية وقانونية وعسكرية واجتماعية ومصرفية وخيرية.

إعادة نظر

يفتتح المؤتمر الدكتور عبدالعزيز المزيني، ممثل منظمة يونيسكو في الأمم المتحدة ومدير مكتب الاتصال في يونسكو بجنيف، كلمة يلقيها نيابةً عن إيرينا بوكوفا، مدير عام منظمة يونيسكو، مرحبًا بالحضور والمشاركين في أعمال المؤتمر.

وفي كلمته، يقول المزيني إن العولمة أنبتت اليوم فرصًا لا حصر لها وتهديدات لا حصر لها أيضًا للسلام، "تهديدات سياسية واجتماعية واقتصادية وثقافية وبيئية، وأحيانا مزيجًا منها كلها، ويمكن أن تتخذ هذه التهدديات شكل توترات بينية بين الدول أو ربما تتحول إلى صراعات وحروب وناقلات أمراض عابرة للحدود والإرهاب والموارد المائية النزاعات، وإساءة استخدام الفضاء الإلكتروني إلى حانب التأثير المشترك لجميع هذه القوى في إنتاج التحولات الاجتماعية التخريبية، والتحركات السكانية البشرية المؤلمة، وما ينتج عنها من أزمة إنسانية".

يضيف: "في هذا الوضع المعقد، تصاعدت الحركات المتطرفة التي تنتهج العنف والتعصب والإقصاء في مجتمعاتنا واتخذت آفاقًا جديدة، وتزايدت أعمال التطهير الثقافي في أثناء النزاعات، وما حصل في مالي والعراق وسوريا أو ليبيا، على سبيل المثال لا الحصر، يشكل عودة إلى ممارسات وحشية سابقة، وقد أثارت الحركة الجماهيرية الشعبية عابرة الحدود والمحيطات توترات حادة في خضم المعاناة الإنسانية العميقة. وفي مشهد العولمة الجديدة المضطرب، تحتاج ظروف تعزيز التفاهم المتبادل وبناء السلام إلى إعادة نظر، فالتغييرات في دعوة العالم إلى تطوير إنسانية جديدة ليست نظرية فقط لكن عملية، تركز على البحث عن القيم وهي موجهة نحو تنفيذ برامج ملموسة ذات نتائج ملموسة".

استجابات يونيسكو

ويتابع المزيني في كلمته، التي وصل "إيلاف" نصُّها كاملًا: "لا بد لأولًا من الاهتمام أكثر بالروابط الوثيقة بين التنوع الثقافي والحوار والتنمية والأمن والسلام، فواحدة من أهم التحديات التي تواجهنا إعادة النظر في هذه المفاهيم المترابطة، من أجل اعتماد نهج جديد في جميع هذه المجالات. ويبقى التعليم، ولا سيما بعد المرحلة الابتدائية، خطوة حاسمة في شأن القضايا الإنسانية. واستجابة يونيسكو تركز على التعليم وعلى تمكين الشباب ووتوفير الفرص التعليمية وتعزيز نوعية التعليم والتعلم، سواء في الأوساط الرسمية وغير الرسمية".

يضيف: "هذا هو، على سبيل المثال، تركيز عملنا من أجل الشباب المتضرر من الأزمات في لبنان والأردن والعراق، وقد أسسناه على خطة سورية الاستراتيجية هي خطة استجابة 2015 الإقليمية للاجئين وخطة مرونة 2015-2016. وفي هذا السياق، أطلقت يونيسكو برنامج تجسير الفجوات التعلم للشباب في شباط (فبراير) 2015، لتمكين الوصول إلى التعليم الثانوي والعالي وتحسين نوعيته، وبناء نظم تعليمية مرنة للشباب المتضررين، الذين تتراوح أعمارهم بين 15و30 عامًا، سواء داخل سوريا وفي المنطقة".

ويرى المزيني أن استخدام وسائل الإعلام لمحو الأمية مدخل إلى تعزيز قدرات الإعلاميين، لتقديم معلومات محايدة ونزيهة، ولا سيما في المجال الإنساني، وتحديدًا في مرحلة ما بعد النزاع وما بعد حالات الكوارث. وفي هذا الصدد، يشكل برنامج راديو يونيسكو أداة قوية، وتوفر بديلًا قيميًا لتبادل المعلومات بين المجتمعات في المناطق التي دمرتها الصراعات أو حتى الكوارث البيئية المعلومات.

ويختم المزيني: "ليس لدي شك في أن هذا الاجتماع سيخدم الغرض منه، وهو خلق جو التآزر لتحقيق أفضل آليات تبادل المعلومات بشكل أكثر فعالية. وهذا هو شرط مسبق لتنسيق إعلامي أقوى، مع تحديد الاستفادة القصوى من التكامل والميزة النسبية لكل من يلتزم القيم غير قابلة للجدل في الحوار الإنساني الحقيقي".

خمس جلسات

وفي أربع جلسات وخامسة ختامية موزعة في يومين، يناقش مؤتمر "الإعلام وثقافة الحوار الإنساني" مسائل خاصة بالتواصل ودوره في تعزيز ثقافة الحوار، وذلك بالعربية والانكليزية مع توافر ترجمة فورية. وتشارك في هذه الجلسات نخب أكاديمية عربية ودولية، مختصة بقضايا الثقافة والاعلام والحوار الإنساني وتجاربها.

في اليوم الأول، تتناول الجلسة الأولى "الإعلام في خدمة الحوار الانساني"، ويديرها وزير الاعلام اللبناني رمزي جريج. يتحدث في هذه الجلسة الدكتور علي فياض، وهو نائب في البرلمان اللبناني، الذي يقدم مداخلة عن وضع العلاقات الدولية في خدمة والسلام الحوار الدوليين، ويقدم الدكتور علي عواد، رئيس المركز الدولي للدراسات الاستراتيجية والاعلام في لبنان، مداخلة تحت عنوان: "التحريض الاعلامي على العنف في الاعلام: تأثيره على الحوار "، والدكتور الأمير نايف بن ثنيان آل سعود، نائب مدير جامعة الملك سعود لشؤون الاعلام في المملكة العربية السعودية، ورقة عنوانها: "الاعلام وبناء مساحة مشتركة للحوار". كما يقدم الجنرال ديميتريوس زافيروبولوس، نائب المدعي العام لمحكمة الاستئناف اليونانية، ورقة بعنوان "الاعلام وتطبيق حقوق الانسان في النزاعات لأجل تعزيز الحوار"، كما يقدم السفير الدكتور أومبرتو فاتاني، رئيس جامعة البندقية الدولية في إيطاليا، ورقة بعنوان: "التربية والاعلام في خدمة ثقافة الجوار".

الأمن والإنسان

تنعقد الجلسة الثانية بعنوان "الحوار لخدمة الأمن الاجتماعي والسلام"، ويديرها الألماني مشتيلد شيمبف، مدير جمعية WAN-IFRA في الشرق الأوسط، ويشارك فيها وزير العدل اللبناني اللواء أشرف ريفي متحدثًا عن "الحوار الانساني: رؤية أمنية وعدلية"، والدكتور جمعان بن رقوش، رئيس جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية بالرياض متحدثًا عن "الإعلام الأمني وثقافة الحوار"، والبروفسور جورجيو باسيفيسي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة السوربون الفرنسية متحدثًا في العوامل الاجتماعية والحوار الانساني، والدكتور سيف المعمري، الاستاذ في جامعة السلطان قابوس بسلطنة عمان، متحدثًا عن "تعزيز مبادرات الحوار لأجل التواصل الانساني، دور وتجربة".

وتحمل الجلسة الثالثة عنوان "الحوار الإنساني: مفهوم انساني"، ويديرها البروفسور ماسيمو بارّا، عضو الهيئة الدائمة للحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر في جنيف، ويشارك فيها الدكتور دميانوس قطار، وزير المالية اللبناني السابق، متحدثًا عن التنمية الدولية والحوار، والدكتور طاهر الشنيتي، رئيس الهلال الأحمر التونسي، متحدثًا عن المساعي الانسانية والحوار، والبروفسور ناصر زيدان من الجامعة اللبنانية متحدثًا عن تجارب في العلاقات الدولية والحوار الانساني.

نداء عالمي

تحمل الجلسة الرابعة، التي تنعفد في ثاني أيام المؤتمر، عنوان "تجارب في الحوار الانساني"، يديره ميشال سليمان، الرئيس اللبناني السابق، ويشارك فيها ياسين جابر، وزير الاقتصاد اللبناني السابق، متحدثًا عن النمو الاقتصادي في خدمة الحوار، والدكتورة الاماراتية أسماء الكتبي متحدثة عن دور الاعلام وحقوق الانسان في الترويج للحوار، والبروفسور ميشال فوتي، من جامعة جنيف، متحدثًا عن تنفيذ القانون الانساني الدولي لخدمة الحوار، وفرانسوا رو، رئيس مكتب الدفاع في المحكمة الخاصة بلبنان، متناولًا دور حقوق الانسان في الحوار الانساني.

وفي الجلسة الخامسة والختامية للمؤتمر، سيتم إطلاق "إعلان جنيف الدولي لثقافة الحوار الانساني"، وتسجيله كمبادرة علمية لدى منظمة يونسكو بباريس، ومجلس حقوق الانسان بجنيف، وتوجيهه لكل المجتمعات كي يشكل ميثاقًا عالميًا لتعزيز ثقافة الحوار الانساني وحل النزاعات بالطرق السلمية.