قدم رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير، اليوم الأحد، اعتذارًا عن الأخطاء المرتكبة إبان الاحتلال الأميركي للعراق، بدعم من بريطانيا العام 2003، لكنه قال إنه يصعب عليه الاعتذار عن إطاحة صدام حسين.


نصر المجالي: قال رئيس الوزراء البريطاني العمالي الأسبق لشبكة (سي إن إن) التلفزيونية الأميركية: "أعتذر بسبب حقيقة أن المعلومات الاستخباراتية التي حصلنا عليها خاطئة، كما أعتذر عن بعض الأخطاء التي وقعت أثناء التخطيط (للحرب)، وفهمنا الخاطئ لما سيحدث مع سقوط النظام".
&
ودافع بلير عن الإطاحة بصدام حسين، قائلا "أجد صعوبة في الاعتذار بخصوص التخلص من صدام، وأعتقد حتى اليوم، أن عدم وجوده في العراق، أفضل من وجوده".

وردًا على سؤال فيما إذا كانت حرب العراق السبب الرئيسي في ظهور تنظيم داعش الإرهابي، أم لا؟، قال بلير "أعتقد أن هناك جوانب من الصحة في هذا"، مضيفا "بالطبع لا يمكن القول أن الذين أطاحوا بصدام عام 2003، لا يتحملون مسؤولية بأي شكل من الأشكال، بخصوص الوضع الذي يجري في 2015، لكن الربيع العربي الذي بدأ في 2011، أثّر في عراق اليوم أيضًا، وينبغي أن نلاحظ أن داعش برز أساسًا في سوريا، وليس العراق".

يشار إلى أن بلير الذي تولي رئاسة الوزراء بين أعوام 1997 و2007، كان من الشخصيات السياسية الفاعلة في غزو العراق.

مذكرة سرية

ويأتي اعتذار رئيس الحكومة الأسبق على خلفية كشف مذكرة سرية اثبتت تعهد بلير بضرب العراق، وكانت صحيفة (ميل اون صنداي) البريطانية ذكرت الأسبوع الماضي نقلا عن وثائق، أن بلير وعد الولايات المتحدة بالمشاركة في الحرب على العراق قبل عام من الغزو الأميركي لهذا البلد في 2003.

وركزت الصحيفة على مذكرة كتبها وزير الخارجية الأميركي الأسبق كولن باول في 28 آذار (مارس) 2002 إلى الرئيس حينذاك جورج بوش قبل اجتماع بين بوش وبلير في مزرعة الرئيس الأميركي في كروفورد في ولاية تكساس.

ونقلت الصحيفة على موقعها الالكتروني عن باول "بشأن العراق، سيكون بلير معنا في حال اضطررنا لعمليات عسكرية".

وأضاف باول في المذكرة أن بلير "مقتنع بنقطتين هما أن التهديد واقعي وأن النجاح في مواجهة صدام حسين سيؤدي إلى مزيد من النجاح في المنطقة"، في اشارة إلى الرئيس العراقي صدام حسين الذي اطاح به الغزو بقيادة الولايات المتحدة في 2003.

فؤاد زكريا وبلير

وفي الآتي نص سؤالي فريد زكريا لتوني بلير:

ـ فريد زكريا: نظرا إلى أن صدام حسين لم يثبت أن لديه أسلحة دمار شاملة، هل كان دخول العراق واسقاط نظامه قرارا خاطئا؟

•توني بلير رئيس وزراء بريطانيا السابق: كلما سُئلت هذا السؤال، أقول إنني أعتذر عن المعلومات الخاطئة التي تلقيناها. رغم أنه كان قد استخدم الأسلحة الكيميائية على نطاق واسع ضد شعبه، وضد الآخرين، إلا أن البرنامج لم يكن موجودا بالشكل الذي كنا نظنه. لذا أنا أعتذر عن ذلك. كما يمكنني أن أعتذر أيضا عن بعض الأخطاء في التخطيط، مثل خطأنا في فهم ما كان سيحدث عند إزالة النظام. ولكنني أجد صعوبة في الاعتذار عن إطاحة صدام. أعتقد أن حتى في يومنا هذا، في عام 2015، عدم وجوده هو أفضل من وجوده.

ـ فريد زكريا: عندما ينظر الناس إلى نمو داعش، يشير الكثير منهم إلى غزو العراق كسبب رئيسي. ما تعليقك على ذلك؟

•&توني بلير: أعتقد أن هناك بعض الحقيقة في ذلك. ولكن أعتقد أننا علينا أن نكون حذرين للغاية. وإلا فإننا سنسيئ فهم ما يجري في العراق وفي سوريا اليوم. بالطبع لا يمكننا القول إن أولئك الذين أطاحوا صدام في عام 2003 لا يتحملون أية مسؤولية عن الوضع في عام 2015. ولكن من المهم أيضا إدراك شيئين، الأول أن الربيع العربي الذي بدأ في عام 2011 أثر اليوم على العراق أيضا، والثاني أن داعش في الواقع انتشر على الساحة من قاعدته في سوريا وليس في العراق. وهذا يقودني إلى النقطة الأهم، التي أعتقد أنها ضرورية جدا عندما نتحدث عن السياسة اليوم، وهي أننا حاولنا التدخل ووضع قوات في العراق، وحاولنا التدخل دون وضع قوات في ليبيا، وحاولنا عدم التدخل على الإطلاق، واكتفينا بمطالبة تغيير النظام في سوريا. لذا أنا لا أعتقد أن الخطط البديلة لخططنا كانت ستنجح أيضا.