واشنطن: تخشى الاسرة الدولية وقوع اعمال عنف اتنية على نطاق واسع في بوروندي، بسبب التصريحات "النارية" للرئيس بيار نكورونزيزا، الذي يرغب في وضع حد للحركة الاحتجاجية التي تهز بلاده منذ الربيع.

واطلقت الامم المتحدة والولايات المتحدة وفرنسا على التوالي نداءات تحذير عشية انتهاء مهلة "انذار" وجّهه الرئيس الى معارضيه لوقف حركتهم. واسفرت الازمة حتى الآن عن سقوط مئتي قتيل. وقال الامين العام للامم المتحدة بان كي مون ان "العنف المستمر والمجازر في بوروندي يجب ان تتوقف".

ودانت واشنطن القلقة منذ اشهر من الاضطرابات السياسية وخطر حدوث مواجهات اتنية "الخطب النارية والخطيرة للحكومة" التي يمكن ان تؤدي الى اعمال عنف على نطاق واسع. وقال الموفد الاميركي لمنطقة البحيرات الكبرى في افريقيا توماس بييريللو في رسالة الكترونية الى وكالة فرانس برس "ندين اي محاولة للتحريض على العنف او اي عمل لتقويض محادثات السلام بوساطة اقليمية".

وفي مؤشر الى خطورة الوضع، سيتوجه الدبلوماسي الاميركي الى بوروندي من الثامن الى الحادي عشر من تشرين الثاني/نوفمبر ليدعو كل الاطراف الى "اقصى درجات ضبط النفس" و"استئناف الحوار". من جهتها، دانت فرنسا "خطب الكراهية" ذات الطابع الاتني "غير المقبول"، واعلنت عن انعقاد جلسة لمجلس الدولي الاثنين حول بوروندي.

وفي مؤشر الى القلق الذي يثيره الوضع في بوروندي في الخارج، عبّرت مدعية المحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودة عن استعدادها لملاحقة الذين قد يرتكبون "جرائم حرب وجرائم ضد الانسان او اعمال ابادة".

وكان الرئيس البوروندي بيار نكورونزيزا، الذي اغرق اصراره على الترشح لولاية رئاسية ثالثة البلاد في ازمة، امهل حتى منتصف ليل السبت الاحد المحتجين "للتخلي عن العنف"، مؤكدا ان القوات الامنية يمكن ان تستخدم بعد ذلك "كل الوسائل" لاعادة النظام.

ومنذ بداية الازمة في نهاية نيسان/ابريل قتل حوالى مئتي شخص. واندلعت الازمة بعد اعلان الرئيس ترشحه للاقتراع الرئاسي، في خطوة قالت المعارضة وجزء من معسكره انها تخالف الدستور واتفاق اروشا الذي انهى الحرب الاهلية. ولم يمنع قمع التظاهرات واعادة انتخاب نكورونزيزا في تموز/يوليو تفاقم اعمال العنف التي باتت مسلحة.

وحذر مركز "مجموعة الازمات الدولية" للابحاث من ان بوروندي يمكن ان تغرق في حرب اهلية ومجازر. وقال المركز المتخصص بمنع النزاعات ان "بوروندي تواجه مجددا امكانية حدوث فظائع على نطاق واسع وحرب اهلية".

المعارضة تتحدث عن ابادة&
وكان رئيس مجلس الشيوخ ريفيريان نديكوريون هدد "بتدمير احياء" الحركة الاحتجاجية في بوجمبورا في تذكير بعمليات القصف التي استهدفت احياء الهوتو خلال الحرب الاهلية (1993-2006) بعدما اتهمها الجيش - كانت تهيمن عليه اقلية التوتسي - بايواء متمردين. وقال نديكوريون ان "رجال الشرطة يطلقون النار اليوم على الارجل ليتجنبوا القتل عندما تستهدفهم قنابل يدوية في احيائكم (...) لكن عندما نطلب منهم ان +يعملوا+ لا تأتوا للتباكي امامنا".

ويذكر استخدامه كلمة "يعملوا" بالابادة التي شهدتها في 1994 رواندا المجاورة وقتل فيها اكثر من 800 الف خلال ثلاثة اشهر. وكان المقاتلون الهوتو الذي ارسلوا لقتل التوتسي يلقون تشجيعا على "العمل" بشكل جيد. ودانت مجموعة الازمات الدولية الخطاب الواضح الذي استخدمه رئيس مجلس الشيوخ، معتبرا انه يشبه الخطاب الذي استخدمه المسلحون الهوتو قبل ارتكابهم المجازر خلال حملة الابادة في 1994 في رواندا.

وبعدما دان "رسائل الكراهية والانقسام" قال جيريمي ميناني، الذي ينتمي الى التحالف المعارضة لولاية ثالثة لنكورونزيزا، ان "ابادة بصدد الحصول" في بوروندي. لكن ضابطا في الشرطة قال لوكالة فرانس برس "هذا كذب. لا احد يعد لابادة"، مؤكدا "استعداده للقيام باي شىء دفاعا عن الديموقراطية التي دفعنا من اجلها دمنا". والازمة سياسية قبل كل شيء لكنها اعادت الى الواجهة النزاع بين الهوتو والتوتسي بعد عشر سنوات على الحرب الاهلية في بلد تاريخه حافل بالمجازر.

وذكر وزير الامن الداخلي الان غيوم بونيوني الرجل الثاني فعليا في النظام سكان الاحياء المحتجة، وهم من التوتسي خصوصا، بانهم يشكلون اقلية امام المزارعين الهوتو في الارياف الموالية للرئيس نكورونزيزا.

وقال "اذا اخفقت قوات الامن فلدينا تسعة ملايين مواطن يكفي ان نقول لهم +افعلوا شيئا ما+". واضاف "خلال دقائق سيصبحون هنا ومن من الذين لا ينصاعون سينجو عندئذ؟". وبدأ عدد كبير من السكان الفرار من احياء بوجمبورا. وقالت سيدة وهي تغادر حي ماتاكورا ان "قادتنا يريدون الانتقام ولا يخفون ذلك".

وفي هذا الاطار، عثر على جثمان نجل احد اشهر المدافعين لحقوق الانسان وشخصيات الحركة الاحتجاجية بيار كلافر مبونيمبا بعد ساعات من توقيفه من قبل الشرطة، كما اعلن والده.
&