أسامة مهدي: كشف سياسيون وحقوقيون دوليون أن عدد الاعدامات في عهد الرئيس الايراني حسن روحاني فاق مثيلاتها خلال 25 عامًا الماضية، وأن هناك آلافًا آخرين ينتظرون اعدامهم، واكدوا اختلاس مسؤولين كبار لسبعين مليار دولار في وقت يتاجرون فيه بالمخدرات، موضحين ان معدل التنمية في البلاد لايتجاوز نسبة الصفر حاليًا.

جاء ذلك خلال مؤتمر صحافي لمجلس المقاومة الايرانية من باريس عبر شبكة الانترنت، شاركت فيه "إيلاف"، وعقده كل من طاهر بومدرا رجل قانون والرئيس السابق لمكتب حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة في العراق، وصالح حميد الصحافي المختص بالشأن الإيراني والناشط في منظمة حقوق الإنسان الاهوازية، وسنابرق زاهدي رئيس لجنة القضاء في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، اضافة الى مداخلات لمعارضين هما فريدة كريمي حول ملف حقوق الانسان واحسان امين الرعايا في ملف الاقتصاد.

وقال زاهدي في بداية المؤتمر الصحافي انه عشية زيارة الرئيس الايراني حسن روحاني لباريس خلال الايام القليلة المقبلة، فإن بعض الأطراف الغربية تريد التعامل مع النظام الإيراني من خلال تجميل صورة روحاني لتقول أنه يختلف عن خامنئي والملالي المتشددين، وذلك بهدف عقد صفقات تجارية والحصول على حصة من كعكة ثروات الشعب الإيراني.

واكد أن هذه المساعي لاتجدي نفعًا وتبقى محدودة جدّاً، إلا إذا كان هناك تغيير حقيقي في المعادلة الإيرانية، وهذا التغيير لايمكن أن يتحقق إلا في الداخل الإيراني، موضحًا ان التركيز خلال هذا المؤتمر سيتناول محورين أساسيين من حياة الشعب، في ظلّ حكومة روحاني، بعد عامين ونصف العام من وصوله الى الرئاسة، وهما: تزايد عدد الإعدامات بشكل فاق عددها خلال السنوات الخمس والعشرين الماضية، وكذلك الحالة الاقتصادية للشعب خلال فترة حكمه.

تضاعف عدد الاعدامات

كشف سعيد بومدوحة نائب مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية، أن عدد الإعدامات في عهد روحاني تجاوز إلفي حالة إعدام وهذا العدد يعادل أكثر من& ضعفي ما كان في عهد سلفه أحمدي نجاد.

واشار الى ان السلطات الإيرانية استخدمت لسنوات عقوبة الإعدام لكي تنشر مناخاً من الخوف في محاولة مضللة لمكافحة الاتجار بالمخدرات، ولكن ليس هناك أي دليل لإثبات أن هذه وسيلة فعالة لمعالجة الجريمة.

واوضح ان من بين الذين أعدموا في إيران أيضًا، أفراداً من الأقليات العرقية والدينية أدينوا "بمحاربة الله" و"الفساد في الأرض"، بمن في ذلك السجناء السياسيون الأكراد والسنة.

وقال انه استنادًا إلى أعمال الرصد الذي تقوم به منظمة العفو الدولية وغيرها من منظمات حقوق الإنسان، فإن عدة آلاف من الأشخاص ينتظرون تنفيذ حكم الإعدام في إيران، حيث يجب هنا الإشارة إلى التقرير الأخير للمقرر الخاص لحقوق الإنسان في ايران أحمد شهيد الذي قال في تقريره المقدّم& إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة في 6 من الشهر الماضي أن إيران بعدد السكّان تعتبر أول بلد في الإعدام في العالم.

وأضاف التقرير أن الإعدامات في إيران كانت في طور متزايد منذ عام 2005 وحتى الآن،& وفي العام الماضي 2014 كان عدد الإعدامات 753 حالة لكن هذه الوتيرة أخذت منحى متزايداً في الأشهر السبعة الأولى من العام الحالي، حيث وصلت حالات الإعدام خلال تلك الفترة 694 حالة.

واكد ان معظم الإعدامات كانت بحجة مكافحة المخدّرات لكن الحقيقة هي أن لا هدف لهذه الإعدامات سوى بثّ أجواء الرعب والإرهاب في المجتمع ولذلك يمكن اعتبار أي إعدام في ايران&اعدامًا سياسيًا& خاصة وأن الشبكات التي تقوم بتجارة المخدّرات على نطاق واسع تصل خيوطها إلى كبار المسؤولين الايرانيين وإلى قادة الحرس.

تحت خط الفقر

اما بالنسبة للظروف الاقتصادية، فقد اشار سعيد بومدوحة الى ان هناك& مئات الحقائق التي تشير بوضوح الى مدى فشل حكومة روحاني في حل أي مشكلة من المشاكل المستعصية لأبناء الشعب الإيراني، حيث على سبيل المثال ان رئيس كتلة العمال في مجلس النظام (البرلمان) قال مؤخرا إن الحالة المعيشية للعمال الإيرانيين تشير إلى أن 90 في المائة منهم يعيشون تحت خط الفقر وأن 10% أيضًا قريبون جدا بهذا الخط، كما أعلن علي لاريجاني رئيس المجلس أن حوالي 50% من متخرجي الجامعات عاطلون عن العمل، وفي المقابل كل يوم يتم الإعلان عن مليارات من الفساد الاقتصادي.

واضاف انه بناءً على مركز الإحصائيات الرسمية الحكومية،& فإن عدد الإيرانيين الذين يعيشون تحت خطّ الفقر يفوق 40 مليون شخص، وأن 63% من سكّان المدن و77% من سكّان القرى في إيران يعيشون تحت خط الفقر، وأن نسبة العوائل التي تعيش تحت خط الفقر أصبحت ثلاثة أضعاف.& وقال انه في هذا المجال أعلن محمد باقر نوبخت الناطق باسم حكومة روحاني أن 700 مليار دولار من ثروات البلاد تمّ إبتلاعها ونهبها.

ولاية الفقيه تقنن الاعدامات لنشر الرعب

من جانبه، قال طاهر بومدرا ان القوانين في نظام طهران وخاصة دستور ولاية الفقيه تجعل من انتهاكات حقوق الإنسان وسيلة من وسائل الحكم لتقنّن كيفية استعمال عقوبة الإعدام لقهر المعارضين ولادخال الرعب في المواطن الإيراني.

واضاف ان ملاحظة حالات عقوبة الإعدام من خلال تقارير منظمة العفو الدولية& والمنظمات الأخرى، فإنه يمكن اكتشاف ان ايران هي في طليعة الدول التي تستعمل عقوبة الإعدام بشكل واسع، مشيرًا الى انه في إيران فإن حرية التعبير وحقوق المرأة ورعاية الطفل كلها في اوضاع سيئة للغاية، وخاصة تنفيذ عقوبة الإعدام على الاطفال، حيث ان عقوبة الاعدام تطبق في إيران على اطفال اعمارهم ادنى مما هو مقبول في القانون الدولي.

واكد ان ممارسات نظام طهران هذه تستهدف تصعيد عمليات القمع والقهر للمواطن الإيراني حتى تجعل من الحكم الاستبدادي طريقة في تنظيم الخلافة الإسلامية.

واوضح ان الدستور الإيراني ينص على الزامية الدولة في ترتيب وتنظيم الخلافة الإسلامية العالمية، وهذه القوانين تلزم الدولة ان تستخدم كل الامكانيات من اجل تصدير” الثورة”.

واكد بأن ايران دولة غنية جدًا لها كل الامكانيات لتطوير الاقتصاد يفوق الاقتصاديات الاوروبية، وعندما يعمّ الفقر البلد فإنه يعود إلى الفساد وحكم غير راشد جعل من دولة كإيران تصبح البطالة فيها منتشرة والفقر منتشرًا، والاستبداد هو وسيلة من وسائل الحكم في إيران.

الفا اعدام خلال فترة حكم روحاني

ومن جهتها، اكدت فريدة كريمي مسؤولة العلاقات مع المنظمات المدافعة عن حقوق الإنسان في المقاومة الإيرانية في مداخلتها أن عدد الإعدامات منذ مجيء روحاني حتى الآن قد جاوز الفي إعدام وهذا رقم ملفت للنظر جدا.

واضافت أن هناك جانبًا آخر وهو طريقة تنفيذ الإعدامات حيث يقوم بها النظام في أماكن عامة وبما يشكل تعذيبًا جماعيًا لذوي الضحايا اي انه عقاب لكل المجتمع.

واوضحت ان النظام يعلن تنفيذ الإعدامات مسبقًا ويسعى إلى بث اجواء الخوف والرعب في الشارع الايراني، كما ان روحاني يريد ان يبعث برسالة محددة& إلى الشعب وهي ان تصريحاته عن الاعتدال لا تخص الداخل، وانما هي من اجل الاستهلاك الخارجي ليجذب بزعمه الرساميل والاستثمارات إلى إيران ويوحي بأن إيران اصبحت بلدًا آمنًا وطبعًا كل هذه عارية عن الصحة، حيث انه تم تنفيذ ما لا يقل عن سبعة وخمسين اعدامًا& خلال العشرة اشهر الماضية وهذا الرقم يوضح حقيقة خطاب روحاني بصورة جلية.

مسؤولون سرقوا 170 مليار دولار

وفي مداخلته، شرح صالح حميد ابعاد الفساد في حكومة روحاني، مشيرًا الى ان ما صرح اسحاق جهانكيري نائب روحاني مؤخرًا حين قال ان 170 مليار دولار فقدت من صندوق التنمية الوطنية، وهذا يعادل نصف الميزانية الإيرانية تقريبًا.

واشار الى انه في الوقت الذي وصف مرشد النظام علي خامنئي حكومة احمدي نجاد بأنزه الحكومات في التاريخ الإيراني، فإن كشف ملفات الفساد تبين بأن هناك 70 مليار دولار تم اختلاسها، والمتورطون في هذه العملية هم كل من محمد رضا رحيمي النائب الاول لاحمدي نجاد ونائبه الآخر حميد بقائي، وعشرون مسؤولاً حكوميًا رفيعًا، والان بعضهم في السجن، فنائب الرئيس حكم عليه فقط لخمس سنوات رغم انه كنائب للرئيس كان متورطًا في قضية اختلاس شركة التأمينات بحوالي 2.5 مليار دولار.

وشرح حميد قضية فضحية اخرى تتعلق بثلاثة آلاف منحة دراسية في حقبة احمدي نجاد منحت لأبناء الوزراء والمسؤولين وذويهم المقربين من حكومته ونقل عن خبراء اقتصاديين ايرانيين في قطاع النفط الإيراني قولهم انه بين خمس سنوات إلى عشر سنوات حتى اذا انفق الكثير من المال على المؤسسات النفطية، فإن ذلك لن يؤدي الى تحسين الوضع الاقتصادي او إلى زيادة الانتاج، وذلك بسبب انخفاض اسعار النفط.

التنمية صفر

أما احسان امين الرعايا مسؤول في الهيئة السياسية للمقاومة الإيرانية، فقد اشار في مداخلته الى ان اربعة وزراء بحكومة روحاني وجهوا له الشهر الماضي رسالة، وهم وزراء معنيون باقتصاد البلد، اكدوا فيها& بأن قيمة الفائدة في سوق الرساميل والاستثمارات في إيران انخفضت بنسبة 42% خلال 19 شهراً الماضية، واضافوا بأن الارباح التي حصلت عليها المصارف انخفضت إلى حد ليس هناك توقع في الافق بأن تتحسن خلال الخمس سنوات القادمة.

واشاروا الى ان صناعة السيارات على وشك التوقف، وذلك في الوقت الذي تتراوح فيه نسبة التنمية الاقتصادية للبلد حوالي رقم "صفر"، رغم جميع الوعود التي اطلقت، حيث ان قيمة صرف العملة الرسمية للبلد انخفضت خلال الاسابيع الاخيرة ايضًا.

وقال ايضا ان التقييم الاخير لصندوق النقد الدولي يستنتج بأن معدل الدخل الفردي من الناتج الاجمالي الوطني في إيران، والذي كان 6400 دولار في عام 2011، قد تقلص ونزل إلى 5300 دولار عام 2014 وهذا يعني ان الايراني هو الان أفقر بالمقارنة مع المواطن العراقي والجزائري والأردني.

واضاف ان جميع هذه الاحصائيات تستخلص نتيجة مفادها بأن وعود روحاني للاصلاح الاقتصادي منيت بالفشل.

يذكر ان المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية وهو اكبر الفصائل الايرانية المعارضة قد تأسس في 21 تموز (يوليو) عام 1981 في طهران ثم نقل مقره المركزي إلى باريس.

وللمجلس أمانة وستة أمناء يهتمون بالشؤون الإدارية الخاصة بالمجلس، وقد انبثقت عن المجلس 25 لجنة تشكل الهيكلية الرئيسة للحكومة الإيرانية الموقتة المستقبلية.

وفي اجتماعه الذي عقده في 28 آب (أغسطس) عام 1993، اختار المجلس مريم رجوي رئيسة للجمهورية في إيران للفترة الانتقالية.